فى إطار التواصل المستمر وتعزيز العلاقات الأزلية والاستراتيجية بين مصر والسودان، وحرصا على تنسيق المواقف والرؤى والمصالح المشتركة بين حكومتى جمهورية مصر العربية، وجمهورية السودان، والتي تستمد قوتها من الروابط التاريخية بين الشعبين، استقبلت القاهرة أمس معالى الدكتور عبد الله حمدوك، رئيس مجلس وزراء جمهورية السودان الشقيق، فى زيارة رسمية إلى مصر يومى 11 و 12 مارس 2021م، ورافق سيادته خلال الزيارة وفد رفيع المستوى، ضم السادة وزراء شئون مجلس الوزراء، والخارجية، والمالية والتخطيط الاقتصادى، والتجارة والتموين، والرى والموارد المائية، والنقل، والاستثمار والتعاون الدولى، والصحة، ومدير المخابرات العامة، إلى جانب عدد من كبار المسئولين من الوزارات المعنية، حيث كان معالى الدكتور مصطفى مدبولى، رئيس مجلس الوزراء، على رأس مستقبليه فى مطار القاهرة للترحيب بالضيف الكبير.
وقد جاءت هذه الزيارة في إطار التشاور المستمر والزيارات المتبادلة بين الجانبين والتي كان آخرها الزيارة الهامة التي قام بها سيادة الرئيس عبد الفتاح السيسى، لبلده الثانى السودان السبت الماضى، وحرص السيد الرئيس على استقبال رئيس مجلس الوزراء السودانى في مستهل زيارته لمصر، وهو اللقاء الذى أكد الرئيس السيسى خلاله على عمق العلاقات الاستراتيجية والأواصر الأخوية بين البلدين الشقيقين وشعبى وادى النيل، والتي تمثل ثوابت ونهجا راسخا لدى مصر، والتي لا تتوانى عن تقديم كل الدعم للسودان في ظل المرحلة الانتقالية التي يمر بها والتي تحتاج لكل الدعم من الأشقاء لتعزيز الاستقرار والتنمية به والتحول الديمقراطى.
تباحث رئيسا الوزراء في جلسة مغلقة أهم القضايا ذات الاهتمام المشترك، وذلك قبل أن يترأسا وفدى بلديهما فى جلسة مباحثات رسمية موسعة بحثت أطر ومقترحات التعاون بين البلدين الشقيقين فى المرحلة المقبلة. كما عقد السادة الوزراء من الجانبين اجتماعات ثنائية لبحث المقترحات والبرامج التفصيلية للتعاون بين كل وزارة ونظيرتها.
أكد رئيسا مجلس الوزراء بالبلدين، من خلال المباحثات، التزامهما بدفع سبل التعاون الثنائى في مختلف المجالات، وخاصة فيما يتعلق بنقل التجربة المصرية في الإصلاح الاقتصادى، وتدريب الكوادر السودانية، والمضى قدما في تنفيذ مشروعى الربط الكهربائى ورفع القدرات الى 240 ميجاوات خلال الصيف القادم وربط السكك الحديدية وتقوية النقل البرى والبحرى والنهرى والجوى من خلال إعادة هيكلة هيئة وادى النيل للملاحة النهرية، ورفع قدرتها التنافسية وتطوير أسطولها وتفعيل اللجنة الفنية الدائمة السودانية المصرية المشتركة وكذلك تطوير التعاون فى مجالات الملاحة البحرية والاستفادة من موانئ البلدين على البحر الأحمر، وتحديث الخدمات المرتبطة بالنقل البرى، وذلك بهدف تعزيز التبادل التجارى بينهما، وذلك بالإضافة لتطوير التعاون فى مجال الاستثمار وتوفير المناخ المواتى لإقامة المشروعات الاستثمارية المشتركة سواء الصناعية أو الزراعية، وتعظيم آليات التعاون في مجالات التعليم العالى، و البحث العلمى، والغاز، والزراعة والثروة الحيوانية والأمن الغذائى ، فضلا عن تفعيل اللجنة الفنية الدائمة السودانية المصرية المشتركة، بالإضافة للعمل على عقد اللجنة الفنية التجارية المشتركة في أقرب فرصة وبحث سبل تنشيط التعاون في مجال المشروعات المتوسطة والصغيرة خاصة الصناعات الغذائية التحويلية بالاضافة الى صناعة اللحوم وإنشاء المحاجر والاتفاق على تبادل زيارات رجال الأعمال من البلدين، والانتهاء من ترفيق المنطقة المخصصة لإنشاء منطقة صناعية مصرية في السودان.وتفعيل مذكرات التفاهم والبروتوكولات المبرمة بين البلدين ومناقشة المشروعات المشتركة بهدف متابعة الخطة الزمنية الخاصة بتنفيذها أو استكمال القائم منها.
كما تم استعراض التعاون فى مجال الصحة بين البلدين، حيث أعرب الجانب السودانى عن شكره وتقديره للجانب المصرى على المساعدات المصرية المقدمة لمواجهة جائحة كورونا، والقوافل الطبية المصرية التي تم إرسالها فى مجال مكافحة الأمراض وإغاثة منكوبى السيول والفيضانات، والجهود المصرية للمساهمة فى علاج مصابى ثورة ديسمبر المجيدة.
وفيما يتعلق بملف سد النهضة، تطابقت رؤى الجانبين حول الأهمية القصوى التي يحظى بها هذا الملف من جانب قيادتى وشعبى البلدين، واستمرار التأكيد على الثوابت الخاصة بهذا الملف حيث أكدا على أهمية التوصل لاتفاق قانونى ملزم حول ملء وتشغيل سد النهضة الإثيوبى بما يحقق مصالح الدول الثلاث ويحد من أضرار هذا المشروع على دولتى المصب، كما أكد البلدان على أن لديهما إرادة سياسية ورغبة جادة لتحقيق هذا الهدف فى أقرب فرصة ممكنة، كما طالبا إثيوبيا بإبداء حسن النية والانخراط فى عملية تفاوضية فعالة من أجل التوصل لهذا الاتفاق . كما رحب البلدان بتولى جمهورية الكونجو الديمقراطية قيادة هذه المفاوضات.
وأكدت جمهورية مصر العربية تأييدها لمقترح السودان حول تطوير آلية التفاوض التى يرعاها الاتحاد الإفريقى من خلال تشكيل رباعية دولية تقودها وتسيرها جمهورية الكونجو الديمقراطية بصفتها الرئيس الحالى للاتحاد الإفريقى وتشمل كلا من الأمم المتحدة والاتحاد الأوروبى والولايات المتحدة للتوسط فى المفاوضات. كذلك رحب البلدان بإعلان الامين العام للأمم المتحدة لدعم مبادرة الوساطة الرباعية ويتطلعان لموافقة اثيوبيا على هذه الصيغة لإخراج المفاوضات من المأزق الراهن .