هرع زوار يبدو عليهم القلق إلى مطار جوهانسبرج الدولي واصطفوا في طوابير طويلة أمام مكاتب السفر، أملا في الحصول على مقعد على متن الرحلات الأخيرة المغادرة إلى دول أغلقت أبوابها أمام القادمين من جنوب إفريقيا.
ووجهت المتحورة الجديدة ضربة قاضية إلى القطاع السياحي في جنوب إفريقيا، التي يعاني اقتصادها تداعيات الجائحة، ولم يكتمل تنفس الصعداء الذي بدأته البلاد خلال الأشهر القليلة الماضية.
وقطع عديد من السياح عطلاتهم وسارعوا إلى العودة من رحلات السفاري وزيارات الكروم، عندما أعلنت بريطانيا ليل الخميس تعليق جميع الرحلات القادمة من جنوب إفريقيا والدول المجاورة، في اليوم التالي.
وحذت دول عدة من بينها الولايات المتحدة وكندا ودول أوروبية أخرى حذو بريطانيا، بسبب القلق من رصد متحورة جديدة من كورونا سميت “أوميكرون” متعددة الطفرات، ما تسبب في تفشي العدوى في جنوب إفريقيا.
وعند إعلان الحظر كان توبي ريد البريطاني البالغ 24 عاما الذي يعمل في لندن يقوم برحلة سياحية مع صديقته في جبل تيبل المسطح القمة، في كيب تاون.
وقال لـ”الفرنسية”، “قرب الـ5.30 صباحا نهضنا لنشاهد شروق الشمس، وعند السادسة علمنا أنه لا تزال لدينا فرصة للعودة”. وبعد ساعات قليلة كان الشاب يقف في طابور لإتمام إجراءات التسجيل للسفر في مطار جوهانسبرج. وتمكن الاثنان من الحصول على آخر مقعدين على متن رحلة إلى فرانكفورت مساء.
لكن آخرين لم يحالفهم الحظ كانوا يناقشون الخيارات الأخرى أمام مكاتب بيع التذاكر، وعلى وجوههم علامات الدهشة إزاء الأسعار المعروضة ومسارات الرحلات المعقدة.
وقال كريستيان جود “50 عاما”، “كان الأجدى منح مهلة أطول”. وكان الرجل عائدا إلى ديفون عن طريق فرانكفورت مع شريكه بعد تمضية عطلة على الشاطئ.
وبمحض الصدفة كان الرجلان قد خططا للعودة على متن تلك الرحلة، أي أنهما سيصلان إلى ديارهما قبل بدء فرض حجر إلزامي في فنادق اليوم، وهو شرط لدخول مواطنين عائدين من دول مصنفة على “اللائحة الحمراء”.
وقال صديقه ديفيد: “حاملا جوازي السفر، المسألة غير منطقية، ستكون هناك دائما متحورات جديدة”، وأضاف أن “جنوب إفريقيا رصدت المتحورة، لكنها ربما تنتشر في أنحاء العالم”.
وسجلت إصابات بالمتحورة من الفيروس حتى الآن في بلجيكا وبوتسوانا وهونج كونج.
وفي المطار كانت الإشارات الحمراء على قائمة الرحلات المغادرة، تعلن إلغاء الطيران المتجه إلى لندن، ولم يكن مصير المحطات الأخرى محسوما بعد.
وتم إرجاء رحلة لشركة “كي إل إم” إلى أمستردام لعدة ساعات، بعد أن طلب من الركاب بشكل مفاجئ إبراز فحص نتيجته سلبية، لكوفيد.
وقدمت فحوص “تفاعل البوليمراز المتسلسل”، “بي سي آر” تخرج نتيجتها في ساعتين، لكن بتكلفة 86 دولارا بدلا من 52 دولارا، التسعيرة المبدئية لفحص تتطلب نتيجته نحو 12 ساعة.
وأبلغ بعض المسافرين ممن يحملون جوازات سفر دولة جنوب إفريقيا، بأنه لن يسمح لهم بالسفر إلى أوروبا.
في وقت سابق، كان عدد من المسافرين يحومون قرب مكتب مقفل لشركة “إير فرانس”، لمعرفة إذا ما كانت رحلة مقررة مساء إلى باريس ستقلع وفقا للجدول، بعد ساعات على إعلان فرنسا من جانبها تعليق السفر.
من بين هؤلاء البريطانية روث براون “25 عاما” المقيمة في جنوب إفريقيا، وكانت تعتزم العودة الأسبوع المقبل إلى ديارها للمرة الأولى منذ 2019.
وأبقت بريطانيا جنوب إفريقيا على قائمتها الحمراء حتى مطلع (أكتوبر)، أي أن عديدا من مواطنيها لم يتمكنوا من العودة منذ تفشي الوباء بسبب تكلفة الحجر الباهظة في الفنادق.
وفتحت أمامهم نافذة صغيرة للسفر قبل إعادة فرض الإجراءات.
وقالت براون: “سئمنا هذا الوضع”، وكانت هذه الشابة قد أمضت الصباح على الهاتف، محاولة تغيير رحلتها، وأضافت “يبدو أن هذه الرحلة ممتلئة، لكننا ما زلنا نحاول معرفة إمكانية توافر مقاعد”.
وفي نهاية الطابور كانت إيلكه هان تنتظر حاملة طفلا، وسافرت إلى جنوب إفريقيا لتبني طفل، ومتشوقة للعودة إلى ديارها في أستراليا.
وأوراق الطفل كانت صالحة فقط لرحلة معينة قبل أن يتغير مسارها، وقالت: “سنضطر إلى التوجه على متن رحلة أخرى، لكن لا أعلم كيف سينجح الأمر”.