بقلم كل من رجاء عطوي، الشريك بشركة بين أند كومباني في الشرق الأوسط، وغرانت دوغانز، الشريك بشركة بين أند كومباني واشنطن العاصمة
يسمع المديرون التنفيذيون في مجال الطاقة الذين يقيِّمون الاستثمارات الرأسمالية في البنية التحتية للوقود الأحفوري روايتين مختلفتين تمامًا عن المستقبل. فمن ناحية، تشير مستويات الأسعار ومتطلبات السوق إلى الحاجة إلى استثمار رأسمالي جديد في نظام الطاقة. ومن ناحية أخرى، تواجه شركات الطاقة ضغوطًا من المستثمرين والمشرعين، وأصحاب المصلحة الآخرين لتقليص الاستثمارات في البنية التحتية للوقود الأحفوري، سعيًا إلى وضع العالم على مسار انبعاثات يتسق مع ارتفاع درجة الحرارة بمقدار 1.5 درجة مئوية عن مستويات ما قبل الأنشطة الصناعية.
يتسم الكثير من النقاش حول أصول الوقود الأحفوري بأنه ثنائي. أي أنها إما حيوية للازدهار أو غير مقبولة بالنظر إلى التغير المناخي. ولا يزال المديرون التنفيذيون بحاجة إلى اتخاذ قرارات استثمارية بشأن البنية التحتية للطاقة رغم حالة عدم اليقين هذه، بناء على الجوانب الاقتصادية لكل مشروع. ومن أبرز المخاوف في هذا الصدد خطر تكاليف الأصول المجمدة: أي، ألا تستمر محطة توليد الكهرباء، أو مصفاة البترول، أو بئر النفط أو الأصول الأخرى في العمل خلال عمرها المجدي بسبب التغيرات في السياسة أو الصدمات الاقتصادية. ليس هذا بالتغيير البسيط، بل هو إعادة تشكيل جوهرية للقواعد التي وجهت الاستثمار في البنية التحتية للطاقة لأكثر من قرن من الزمان.
تعيد فرق الإدارة وضع التصورات لاستثماراتها في أصول الطاقة التقليدية، رغم عدم اليقين بشأن العوائد المستقبلية أو القيمة النهائية. وباستطاعة الشركات التعامل مع المخاطر المرتبطة بالمشاريع الفردية وبناء الأصول المناسبة للسنوات القادمة، عند جمع ذلك مع استراتيجية ناجعة لتحول الطاقة. لكن الآن هو الوقت المناسب لبدء إدارة مخاطر التكلفة المجمدة.
تطبق الشركات الرائدة خمسة إجراءات رئيسية للحد من الخطر العام لمشروع بعينه.
- ستبحث الشركات بازدياد عن طرق لإطالة عمر الأصول القائمة، عوضًا عن التركيز على مسار المشروعات الجديدة ذات الأعمال المجدية الطويلة، أو الاستثمار في الأصول بسمات رأسمالية أكثر نمطية، أي تلك التي تتيح لها الاستثمار تدريجيًا وليس دفعة واحدة.
- سترغب الشركات بمراعاة مخاطر الأصول المجمدة عند اعتماد الاستثمارات أو تحديث نسبة الاستهلاك.
- يتعين على الشركات، حيثما أمكن، تصميم الأصول بطرق تتوقع تحويلها إلى استخدام أقل للكربون. وقد تكون تكلفة هذه التصميمات أكبر من حيث الهامش، لكن عندما تكون السياسة غير مؤكدة، تتسبب القدرة على الحفاظ على تشغيل الأصول في مستقبل خالي من انبعاثات الكربون في إنتاج قيمة أكبر بمرور الوقت وتقلل من مخاطر الأصول.
- تعني الفترات العمرية الأقصر للأصول إعادة النظر في مواصفات التصميم التقليدية؛ فلا يجب أن تكون مصممة لتبقى إلى الأبد. لقد ازدهرت العديد من شركات الطاقة بفضل قدرات مهندسيها على تجاوز حدود ما يمكن تحقيقه بأمان.
- تولد العديد من مشاريع الطاقة الأموال إما عبر اتفاقيات طويلة الأجل أو مغلقة، أو بناءً على تحركات السوق. وتحقق الاتفاقيات طويلة الأجل عائدًا جذابًا على رأس المال، إلا أن نموذج السوق يتيح إمكانية تحقيق عوائد أعلى وأسرع، إلى جانب بعض مخاطر التسعير. ويمكن أن يساعد نهج مختلط في تسريع العائدات والحد من المخاطر.
- تتباين مخاطر التكلفة كثيرًا بالنسبة لمختلف الأصول لأي شركة معينة، والتي يجب أن يكون لديها فهم ملموس لسمات المخاطر الفردية لأي استثمار بعينه.
- يتطلب تقييم المشروع سيناريوهات على الدوام، لكن مستوى عدم اليقين آخذ في الصعود. وتعني مخاطر التكاليف المجمدة أن فرق الإدارة ستكون بحاجة إلى التركيز أكثر على المشاريع الرأسمالية ذات المهام الحيوية التي تُدر عائدات سريعة.
- يمثل الأصل الذي قد يتجمد في العام 25 من أصل 30 عامًا مخاطر صغيرة للتكاليف المجمدة (والشطب النهائي) نسبة إلى فترة طويلة من إنتاج القيمة للعملاء والمساهمين على حد سواء. ويمثل الأصل الذي يتجمد في العام العاشر من خطة تدوم 30 عامًا خطر شطب كبير مع إمكانية أقل بكثير لإنتاج القيمة. لذا، فإن الأصول قصيرة العمر أقل خطرًا بكثير من تلك طويلة العمر.
- يُعد الأصل الذي يمكن تحويله إلى استخدام أقل للكربون أو بيعه أكثر قيمة من الأصل الذي يمكن إغلاقه أو شطبه فقط.
اعتبار المشروع جزء من محفظة متطورة
قد تصبح إدارة مخاطر الأصول المجمدة أكثر صعوبة كل عام بالنسبة للشركات التي يتعين عليها الحفاظ على البنية التحتية للوقود الأحفوري والاستثمار فيها. إن عليها إدارة مخاطرها كجز من استراتيجية أوسع نطاقًا لتطوير الأعمال واستدامة العروض المغرية للمستثمرين.
سترغب الشركات في مواءمة نهج تخصيص رأس المال لديها مع احتياجات مستثمريها. ويجب أن تولي مجموعتان من المستثمرين اهتمامًا خاصًا لما يمكن اعتباره “رأس مال أخضر” و”رأس مال رمادي”. يركز مستثمرو رأس المال الأخضر على مقاييس الحوكمة البيئية والاجتماعية والمؤسسية. ويخصص بعضهم ميزانيات للكربون في محافظهم، ما قد يحد من وفرة رأس المال الذي يديرونه. وسيتوجه هؤلاء المستثمرون إلى الإدارة سعيًا إلى إشارات تدل على أن الشركة جادة تجاه تحول الطاقة، حتى عندما ينفذون استثمارات في أصول الوقود الأحفوري التي قد تصبح مجمدة. ويبدي مستثمرو رأس المال الرمادي تركيزًا أقل على موضوعات الحوكمة البيئية والاجتماعية والمؤسسية على النقيض من ذلك، ويرتاحون أكثر إزاء المجازفة بأصول الوقود الأحفوري. وتستحوذ هذه المجموعة على حصة متزايدة من الاستثمار في البنية التحتية للوقود الأحفوري.
من المرجح أن يزيد جميع المستثمرين، سواء مستثمرين رأس المال الأخضر أو الرمادي، من اعتمادهم على مقاييس الحوكمة البيئية والاجتماعية والمؤسسية، واستيعاب كميات ضخمة من البيانات لتحديد الشركات ذات القدرات والمؤهلات الأكبر لتحقيق العائدات من تحول الطاقة. وسيزداد التدقيق على فرق الإدارة، خاصة على قدرة الإدارة على اتخاذ قرار بشأن الاستثمار في الأصول في ظل خطر أن تصبح مجمدة، والأسباب التي تدفعها إلى ذلك. وهذه مشكلة جديدة نسبيًا، لكن يجب على فرق الإدارة بشركات الطاقة التعامل معها طوال حياتها المهنية. إلا أن هذا المجال يتغير بسرعة، ولا يمكن لأحد أن يكون على يقين بشأن كيفية تطور السياسة وآراء المستثمرين. وسيكون تطوير المهارات لإجراء هذه التقييمات، والمرونة في التكيف استنادًا إلى التحولات في السياسة، أو آراء المستثمرين أو ظروف أخرى أمرًا شديد الأهمية لتحقيق النجاح.