على مدى أربعة أعوام، كانت “توشيبا” في حالة حرب مريرة مع مستثمريها تحطمت خلالها أعراف مضى عليها عقود في عالم الشركات اليابانية.
لكن الآن، بعد سلسلة من الصدامات والهزائم المؤلمة للشركة في تصويت المساهمين، تستعد “توشيبا” لدخول التاريخ مرة أخرى – عبر إيقاف لإطلاق النار.
ففي قرار يعتقد المستثمرون أنه يمكن أن يفتح طريقا مسدودا هدد لأعوام بشل إحدى أكبر المجموعات الصناعية في اليابان، وافقت “توشيبا” أخيرا على تعيين عضوين مستقلين في مجلس الإدارة، ينتميان إلى صندوقين مساهمين ناشطين هما إليوت مانجمنت وفارالون كابيتال.
مهدت هذه الخطوة الطريق أمام التكتل الصناعي البالغ من العمر 146 عاما للمضي قدما في أكبر صفقة شراء خاصة في اليابان على الإطلاق، عملية شراء إدارية محتملة لحصة مسيطرة بقيمة تتجاوز 20 مليار دولار اجتذبت عطاءات من ثماني، على الأقل، من أكبر شركات الأسهم الخاصة في العالم. ومن المحتمل أيضا أن تشمل مستثمرين محليين، وصندوقا مدعوما من الدولة، ومشترين من الشركات.
يمثل تعيين العضوين المستقلين المرة الأولى التي تدعو فيها شركة يابانية بحجم “توشيبا”، وبروزها وحساسيتها التكنولوجية وقربها من الحكومة، مساهمين ناشطين إلى مجلس إدارتها.
قال ريموند زيج، رئيس لجنة الترشيحات في “توشيبا”، إن التعيين سيساعد في تعزيز توافق “توشيبا” مع المساهمين، وتعزيز الحوكمة، وضمان الشفافية في مراجعتها الاستراتيجية.
وقال أحد كبار مالكي الشركة في المدى الطويل، “أعتقد أن هذا ينهي الحرب. فمنذ 2018، كانت العلاقة بين “توشيبا” ومستثمريها قائمة على عدم ثقة متبادل عميق. ولأول مرة منذ أربعة أعوام، لدي ثقة في أن مجلس الإدارة سيخرج بالفعل بقرارات مفيدة للمساهمين”.
قالت “توشيبا” الأسبوع الماضي إنها تلقت عشرة مقترحات استثمارية من بينها ثمانية للتخصيص. وأوضحت أنها ستقيم العروض وتقوم بالعناية الواجبة بعد اجتماع المساهمين السنوي المقرر في 28 (يونيو).
الثقة مفقودة بين الأطراف
وفقا لمساهم كبير آخر، أكبر مصدر للصراع كان “عدم تناسق المعلومات”، مشيرا إلى أن الشركة فشلت مرارا وتكرارا في التحلي بالشفافية في تعاملاتها مع المستثمرين حتى مع أعضاء مجلس الإدارة.
قال هذا الشخص، “إن وجود ممثلي صندوقي إليوت وفارالون ينشئ ختما للجودة على أي شيء يقوله مجلس الإدارة، ولا سيما عندما يتعلق الأمر فعليا بالتوصية بعطاء معين”. أضاف، “هذه صناديق لديها الموارد اللازمة لإجراء التحليل”.
وذكر شخص مقرب من “توشيبا” أن أحد العوامل وراء عدم تناسق المعلومات هو اختلاف اللغة ونفى أن تكون الشركة قد حجبت المعلومات عمدا.
بدا استسلام “توشيبا” مفاجئا للمساهمين، لكن أشخاصا مقربين من مجلس الإدارة قالوا إنه أمر لا مفر منه بعد معركة اجتاحت التكتل الذي اقترب من الانهيار المالي واضطر إلى إلغاء إدراجه في السوق المالية.
استكشف المستشارون المصرفيون لـ”توشيبا” فكرة أخذ حقنة مالية كبيرة من مستثمر سيادي، لكن الشركة اختارت في النهاية خيارا كان أكثر ملاءمة طرحه بنك جولدمان ساكس، إصدار 5.4 مليار دولار من الأسهم الجديدة يتم بيعها لبعض صناديق التحوط والناشطين الأكثر صرامة في العالم.
في الآونة الأخيرة كانت “توشيبا” في حالة صراع مستمر مع مساهميها الجدد، ومن بينهم “إيفيسيمو كابيتال مانجمنت”، الصندوق الناشط الذي يتخذ من سنغافورة مقرا له، والذي رجح سلسلة من عمليات التصويت الحاسمة ضد الإدارة وأجبر بعض التنفيذيين على الاستقالة.
وضع المساهمون أيضا سلسلة من التحديات لاستراتيجية “توشيبا”، مثل التصويت ضد خطة لتقسيم الشركة إلى ثلاثة أجزاء. كما هزموا الإدارة هذا العام عندما عادت “توشيبا” بخطة لتقسيم نفسها إلى قسمين.
وفقا لأشخاص مقربين من الشركة، جاءت اللحظة الحاسمة التي أدت إلى تعيين مديري صندوقي فارالون وإليوت، خلال صدام ثان، عندما أوصت شركتا خدمات الاستشارة بالوكالة، أي إس إس وجلاس لويس، المساهمين بالتصويت ضد الخطة.
قال شخص مقرب من الشركة، “لقد أرعب هذا مجلس الإدارة تماما. لم يتوقعوا ذلك قط، لقد غير ذلك كل شيء – كل حساباتهم. أعتقد أن تلك كانت اللحظة التي أدركت فيها الإدارة أنها لا تستطيع الاستمرار في محاربة مساهميها إلى الأبد، وعندها بدأت في البحث عن الأسماء التي يمكنها وضعها في مجلس الإدارة من بين المستثمرين”.
ربما تكون “توشيبا” قد توصلت إلى هدنة مع المستثمرين، لكن تم تكليف مجلس الإدارة الآن بإيجاد ائتلاف يقدم سعرا جذابا يكفي لتوفير مخرج للمساهمين النشطاء.
قال مسؤولون في الحكومة اليابانية إن المقترحات ستحتاج إلى أن تتضمن خطة قوية وذات مصداقية لإعادة بناء الشركة، وأعربوا عن مخاوفهم بشأن أجزاء الأعمال الحساسة للأمن القومي، من بينها الرقائق والدفاع والمحطات النووية والحوسبة الكمية.
لكن الاضطرابات التي استمرت لأعوام تركت الكثيرين حانقين. قال مسؤول حكومي، “مهمتنا هي دعم القدرة التنافسية للشركات اليابانية وإذا كانت هناك شركات تفشل بسبب الإدارة السيئة، فليس من واجبنا دعمها. بل بالعكس، البيئة الاقتصادية الصحية تتطلب السماح لها بالفشل”.
العملية بعيدة عن نهايتها
وفقا لأشخاص على دراية بالمحادثات، شارك عدد من شركات الأسهم الخاصة ولاعبين آخرين خلال الجولة الأولى من العطاءات، التي أغلقت الأسبوع الماضي. ومن بين هذه الشركات بن كابيتال، وكيه كيه آر، وسي في سي، وإم بي كيه بارتنرز، وبارينج برايفت إيكويتي آسيا. كما أعربت مؤسسة الاستثمار اليابانية، وهي صندوق مدعوم من الحكومة قيمته 30 مليار دولار، وشركة نيديك المصنعة للإلكترونيات عن اهتمامهما.
ينقسم المستثمرون بشكل حاد حول قيمة الشركة. مع إغلاق أسهمها عند 5816 ينا “45.31 دولار” الأربعاء من الأسبوع الماضي، قال بعضهم إن العطاءات يجب أن تأتي في نطاق 6200 – 6500 ين، بينما قال آخرون إنها قد ترتفع إلى 6800 ـ 7200 ين.
لكن داميان ثونج، محلل في شركة مكاري، أشار إلى أنه حتى أسهم شركة هيتاشي المنافسة تم تداولها بخصم بعد عقد من إصلاحات حوكمة الشركات. قال، “من غير المرجح أن يخرجوا بربح جيد إذا دفعوا مبالغ زائدة لأنني لست متأكدا من وجود سوق جيدة لطرح أولي عام لتكتلات من نوع توشيبا”.
وبحسب أحد الأشخاص المشاركين في المزاد، صفقة الشراء الخاصة قد تستغرق أعوام حتى يتم الانتهاء منها حيث يتفاوض مقدمو العروض لتشكيل ائتلاف يكون مقبولا للجهات التنظيمية اليابانية.
حتى عندما تكتمل التخصيص، فإنها ستضع “توشيبا” في خط البداية في أي عملية إعادة بناء.
قال تشيكو ماتسودا، وهو خبير في حوكمة الشركات في جامعة طوكيو متروبوليتان، “هذه ليست نهاية قصة “توشيبا”. فحتى إذا وجدت الشركة حلا ماليا من خلال التخصيص، فإن ما ينقص حاليا هو الحل لمستقبل أنشطتها التجارية”.