شركات رائدة في منطقة الشرق الأوسط تتبنى أساليب متنوعة لتجاوز تحديات سلاسل التوريد

بقلم جو تيرينو، مدير ممارسات سلسلة التوريد العالمية لشركة “بين أند كومباني وكريم شريف، الشريك في شركة بين أند كومباني الشرق الأوسط

نمت سلاسل التوريد في الشركات بمنطقة الشرق الأوسط بطريقة أكثر تعقيداً بسبب العولمة وزيادة طلب المستهلكين على المنتجات لعقود من الزمان، مع خفض التكاليف وتقليل المخزون. لكننا اكتشفنا التحدي الأبرز لهذا النموذج في الفترة التي شهدنا فيها اضطرابات عالمية في سلاسل التوريد.

أظهرت الكوارث الطبيعية وأحداث البيئية المختلفة ونقص العمالة والنزاعات التجارية وغيرها من القضايا الجيوسياسية الشقوق في سلاسل التوريد العالمية. وعلى مدار العامين الماضيين، ساهمت عدة جوانب، مثل: جائحة فيروس كورونا المستجد ونقص أشباه الموصلات على المستوى العالمي إلى تعطيل إنتاج العديد من الأجهزة الإلكترونية، الأمر الذي ساهم في نقل مسألة مرونة سلسلة التوريد إلى قمة أولويات الشركات.

أدت أسوأ حالات انقطاع الإمدادات هذه إلى تراجع كبير في إنتاج الشركات، ومبيعاتها، وأرباحها، وأسعار أسهمها، كما ويستغرق التعافي من الوضع الراهن أحياناً شهوراً أو حتى سنوات. تشير التقديرات إلى أن نقص الرقائق، على سبيل المثال: أدى إلى الحد من إنتاج السيارات بأكثر من 7 ملايين سيارة في عام 2021 على مستوى العالم، كما أن الصناعة، مثل غيرها، لم تتعافى تماماً بعد. فاجأت معظم هذه الاضطرابات العديد من الشركات والمؤسسات المعنية، لكن النتيجة هي أنها الآن تعيش حالة مستمرة من القلق، وتنتظر الاضطراب التالي غير المتوقع.

أقرت العديد من الشركات بعدم قدرتها على تحمل الوقوع في شرك مشكلة مشابهة دون استعداد مسبق، لكن الموضوع الأهم لتفادي هذه التحديات هو الاستجابة بفعالية لصدمات سلسلة التوريد قصيرة الأجل، من خلال إعادة ترتيب سلسلة التوريد الخاصة بهم على المدى الطويل. وستتمتع الشركات التي تدير هذه الاضطرابات بصورة أفضل، بميزة تنافسية مميزة على مدار العقد المقبل. وفي الوقت نفسه، فإن الضغط الذي يمارسه المستهلكون والمنظمون والمساهمون لزيادة الاستدامة يجعل إعادة ترتيب سلسلة التوريد أولوية أكثر ضرورة، ويخلق مصدراً محتملاً آخر للميزة التنافسية.

الخطوات المطلوبة لتدارك الأزمات:
يكمن التحدي في إيجاد التوازن المناسب بين المرونة، والاستدامة، والاستجابة، والتكلفة. وغالباً ما تتعارض هذه الأهداف مع بعضها بعضًا. على سبيل المثال: سلسلة التوريد التي تتسم بالمرونة بنسبة 100% مكلفة للغاية. وستكون هناك دائماً مقايضات، وسيأخذ التوازن شكلًا مختلفاً لكل شركة، وذلك اعتماداً على عوامل مختلفة، مثل: الصناعة والبصمة الجغرافية والحجم.
Translation is too long to be saved
يُمكن أن تساعد بعض الاستفسارات في بدء عملية تحقيق التوازن المناسب لشركتك:
• من أجل الفوز بحصة في السوق، ما الذي نحتاجه من سلسلة التوريد لدينا من حيث المرونة، والاستدامة، والاستجابة، والتكلفة؟
• ما أوجه القصور في قدرات سلسلة التوريد الحالية لدينا؟
• ما المدة الزمنية الضرورية لتجديد التوازن بين هذه العوامل لتعزيز القدرة على المنافسة؟
• ما القدرات والعمليات المطلوبة لرصد وتقييم العناصر ذات الأولوية باستمرار؟

توضح هذه الاعتبارات أن التغييرات المتدرجة لن تلبي الحاجة لتجاوز التحديات. وسيتطلب النجاح استراتيجية جريئة وتنفيذ لا يعرف الخوف. كيف يبدو هذا على أرض الواقع؟ تركّز الشركات الرائدة على أربعة مجالات نذكرها في السطور أدناه…

تحسين التعاون بين فريق سلسلة التوريد وأصحاب المصلحة الرئيسيين الآخرين. يتوفّر في العديد من الشركات اتصال محدود بين قادة سلسلة التوريد وفريق المبيعات أو رؤساء وحدات الأعمال أو المديرين حول الإستراتيجية أو أولويات الاستثمار. ويعود ذلك غالباً إلى عزلة الأقسام المختلفة بالمؤسسة أو أن قسم سلسلة التوريد لم يكن له مقعد على طاولة القيادة سابقاً. ولكن النتيجة هي الافتقار إلى التوجيه الذي يُمكن أن يشل حركة فريق سلسلة التوريد:

تبحث الشركات الرائدة عن طرق لتحسين الاتصالات بين سلسلة التوريد، والمديرين، والمبيعات، والفرق التجارية الأخرى بحيث يفهم قادة سلسلة التوريد بوضوح المقايضات المطلوبة للفوز بحصة في بالسوق. وتشارك الشركات الأكثر نجاحاً أصحاب المصلحة الرئيسيين الآخرين في مناقشة معادلة توازن سلسلة التوريد، بما يشمل التمويل والبحث والتطوير، والتنظيم، والاستدامة، والمشتريات. يضمن ما سبق إدراك الجميع لكافة تبعات عملية الإصلاح المقترحة – والملائم منها من عدمه.

يُعدّ التفكير غير المقيد لوضع رؤية جريئة، والتفكير التحويلي السبيل الوحيد لحل المشكلات التي تواجه سلاسل التوريد في الوقت الراهن. تبدأ الشركات الرائدة بورقة بيضاء، وتضع جانباً جميع القيود، وتخطط سلسلة التوريد الشاملة التي ستحتاج إليها من أجل الفوز في المجالات التي تعمل فيها لفترة تمتد من 5 إلى 10 سنوات. ثم تعمل على رسم خارطة طريق عملية ومفصّلة للهدف.

سلسلة التوريد المثالية غير قابلة للتحقيق سابقاً. ويجب مراعاة بعض القيود (عبر العمليات ورأس المال والقدرات التجارية والمورّدين واللوائح) في سيناريو العالم الحقيقي. واستناداً إلى خبرتنا في العمل مع الشركات في جميع أنحاء العالم، عندما يمنح قادة الأعمال أنفسهم مساحة للتفكير بجرأة ويحرصون على تحقيق الهدف النهائي، فإنه عادةً ما يسمح للشركة بالاقتراب كثيراً من الكمال وتحقيق الأرباح.

ومن ذلك، الاستثمارات في القدرات الرقمية التي تساعد على ربط سلسلة التوريد وتغيير الاقتصاد بطرق لم تكن ممكنة من قبل. وتنتقل الشركات إلى الثورة الصناعية الرابعة بالاستثمار في التحوّل التكنولوجي، وتحويل عملياتها رقميًا، ودعم مبادرات إعادة تصميم سلسلة التوريد. وتمكّن القدرات الرقمية الشركات من إعادة توازن سلاسل التوريد الخاصة بها نحو المرونة والاستدامة والاستجابة دون التعرض لمشكلات لا يُمكن تحملها من حيث التكلفة أو الكفاءة.

تطبّق الشركات الرائدة التعلّم الآلي والأدوات الرقمية الأخرى لتحسين التنبؤ بالطلب، وإدارة المخزون، وجدولة الإنتاج، والكشف المبكر عن اضطرابات سلسلة التوريد. كما أنها تستخدم التحكم الصناعي، وأتمتة المصانع لتسهيل كفاءة التكلفة، وجودة الإنتاج، وتوحيد التصنيع والموثوقية والمرونة في عملية التصنيع. على مدار السنوات العديدة الماضية، أدى النشر الفعّال لهذه التقنيات إلى جانب زيادة الشكوك الجيوسياسية، وارتفاع تكاليف الشحن والعمالة في الخارج إلى إعادة هيكلة الحسابات بالكامل للعديد من آثار التصنيع العالمية وسلسلة التوريد الخاصة بالنسبة للعديد من الشركات.

رحلة متعددة السنوات
في الختام… العناصر الأهم لدعم الشركات ليست مجرد إيجاد طرق مثالية لإصلاح شامل لسلسلة التوريد؛ بل إنها تحوّل متكامل على مستوى الشركة ورحلة متعددة السنوات. يتصرف أصحاب الشركات الناشئة بسرعة لمعرفة كافة التحديات والحد من تداعيات الضعف في سلسلة التوريد الخاصة بهم، ليتمكنوا من التقدّم والمضي قدماً في مسيرتهم بنجاح متجاوزين أزمة سلسلة التوريد العالمي من جهة، ومتغلبين على الشركات النظيرة والمنافسة لهم من جهة أخرى.

أخبار ذات صلة

زوج اليورو/الدولار الأمريكي يواجه مقاومة عند 1.18 … ومؤشرات القوة النسبية تعكس تشبّعاً شرائياً

دور الإعلام في عصر الخوارزميّات

“وول ستريت” تنتعش مع تراجع مخاوف الرسوم الجمركية ودعم “الاحتياطي الفيدرالي” لثقة السوق

منظمة الصحة العالمية تحذر من منتجات التبغ المسخّن بنظام “IQOS”

تقرير كاسبرسكي يكشف عن تضاعف فضول الأطفال حول الذكاء الاصطناعي خلال عام 2025

التحرر من الإدمان: الحقيقة حول العلاج ببدائل النيكوتين – دليل عملي لفهم العلاج ببدائل النيكوتين

دانييلا سابين هاثورن ، محلل سوق أول في Capital.com

الجنيه الإسترليني يرتفع مقابل الين الياباني مع تحسن شهية المخاطرة

الاتصالات المتنقلة في مصر: مواجهة التحديات والإطلاق المرتقب للجيل الخامس

آخر الأخبار
الطقس غدا.. شديد الحرارة وشبورة ورطوبة مرتفعة وزير الإسكان: ما فيش طرد لأى مواطن مصرى من قاطنى وحدات الإيجار القديم كاسبرسكي تحذر من تطور برمجيات الفدية المدعومة بالذكاء الاصطناعي Inside FunkSec: Kaspersky explores the evolution of AI-powered ransomware with password-gated capabi... الكرملين: ترامب وبوتين أجريا نقاشا مفصلا عن إيران والشرق الأوسط مصر ترفض رفض قاطع لاستمرار سياسة إثيوبيا في فرض الأمر الواقع من خلال إجراءات أحادية تتعلق بنهر النيل وزير السياحة يبحث مع أحد الشركات الصينية الرائدة في مجال البواخر السياحية سبل تطوير منتج السياحة الن... 5 وزراء ومحافظ مطروح يفتتحون فرع سلسة "جملة ماركت" بالمدينة التراثية بالعلمين الجديدة اتصال هاتفي بين وزير الخارجية والهجرة ونظيره السورى قرار جمهورى بتعيين أحمد سعد الشاذلي مستشاراً لرئيس الجمهورية للشئون المالية البترول تؤكد التزام شركة أديس المالكة للبارج بسرعة صرف التعويضات لأسر المتوفين والمفقودين والمصابين رئيس الوزراء يتابع مع وزير البترول مستجدات تقدم الأعمال الخاصة بتجهيز وربط وحدات التغييز المشاط: تطوير 34 جهاز مدينة في إطار مشروع تطوير وميكنة خدمات المواطنين بأجهزة المدن العمرانية الجديد... وزير الزراعة يتفقد أعمال حصر وتصنيف الأراضي الصحراوية بمنطقة "العميد" على محور وادي النطرون ـ العلمي... مصر تجدد دعمها لاستقرار الصومال خلال مشاركتها في الاجتماع الوزاري الافتراضي لمجلس السلم والأمن التاب... أسوان تنضم رسميًا إلى منظومة التأمين الصحي الشامل.. خطوة جديدة نحو تغطية صحية شاملة لكل المصريين نائب وزير الصحة يتفقد مستشفى حلوان العام ومركز أطلس.. ويوصي بإجراءات عاجلة لتقليل زمن انتظار المواطن... وزيرا الإسكان والزراعة يتفقدان محطة التجارب البحثية لتحلية مياه البحر حذر في أسواق الذهب وترقب بيانات الوظائف الأمريكية «الغرف العربية»: العالم يواجه فجوة تمويلية تقدر بنحو 4.2 تريليون دولار لتحقيق أهداف التنمية المستدام...