بقلم إيفا أندرن- رئيس إريكسون مصر ونائب رئيس إريكسون الشرق الأوسط وأفريقيا
مما لا شك فيه أن التاريخ الطويل الذي تتمتع به الحضارة المصرية يُعد شاهداً على القيمة والأصول التاريخية التي يمثلها هذا البلد ليس فقط للمصريين ولكن للعالم بأسره؛ فقد رأينا، على مر التاريخ، مواهب مصرية فريدة تُقدم إسهامات استثنائية للعالم في مجالات شتى مثل الفن والثقافة والعلوم والتكنولوجيا والرياضة وغيرها الكثير.
وينطبق هذا أيضاً على المبادرات الوطنية التي تدشنها حالياً الدولة المصرية لتعزيز الابتكار والبحث الأكاديمي مما يضعها على أعتاب العصر الرقمي مدعومةً بالثورة الصناعية الرابعة.
إن مصر تسير على الطريق الصحيح نحو مجتمع تحكمه الرقمنة وذلك بفضل الجهود الكبيرة التي بذلتها الدولة المصرية في السنوات القليلة الماضية لخلق تكنولوجيا متطورة والاستفادة منها لتسريع التنمية الاجتماعية والاقتصادية.
ونحن نحتفل بمرور 125 عاماً على التعاون في مصر هذا العام، فقد شهدنا كل مرحلة من مراحل التطور التكنولوجي التي مرّت بها مصر على مدار أكثر من قرن.
ويسعدنا في هذا السياق أننا كنا جزءاً أصيلاً ومباشراً في التقدم الذي شهدته مصر في هذا المجال، حيث أن شبكات الهواتف المحمول كانت الأساس للعديد من هذه التطورات التي شهدتها مصر.
وجدير بالذكر أنه منذ السنوات الأولى من عملنا في مصر، أصبحت “إريكسون” المفهوم الأساسي الذي يرمز إلى الاتصالات في جميع أنحاء البلاد، وبالفعل قطعنا رحلة طويلة منذ ذلك الحين، بداية من تركيب أول نظام تبادل هاتفي خاص في الإسكندرية عام 1897 لربط القاهرة بالإسكندرية لأول مرة إلى يومنا هذا ونحن نستعد لـتدشين شبكات الجيل الخامس.
استراتيجية رقمية طموحة
أوضحت وزارة الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات المصرية أن مصر في المستقبل “ستمتلك اقتصاداً متوازناً ومتنوعاً وقادر على المنافسة معتمداً في ذلك على الابتكار والمعرفة”، وبالفعل بدأت مصر في وضع هذا الأساس من خلال رؤية مصر 2030 والتي تضم ثمانية أهداف وطنية يجب تحقيقها خلال هذا العقد، تركز على تحقيق اقتصاد قوي، وتعزيز مجالات المعرفة والابتكار، وتحسين جودة الحياة، ويعتمد تحقيق هذه الأهداف بشكل كبير على التطورات في التكنولوجيا الرقمية.
كما قامت مصر بصياغة أطر للتحول الرقمي ضمن رؤية 2030 وبالفعل تتجه نحو الرقمنة عبر الصناعات الإقليمية الرئيسية. كما طورت الحكومة مبادرتين رئيسيتين هما استراتيجية الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات 2030 ومصر الرقمية، وهي خطة شاملة لبناء الاقتصاد الرقمي للدولة للمساعدة في حملة الرقمنة، وبالنظر إلى التطورات الرقمية الحالية لا شك أن التكنولوجيا الخلوية ستلعب دوراً رئيسياً في ازدهار مستقبل مصر، ولكن كيف ذلك؟
شبكات ” المحمول” – مفتاح الازدهار الرقمي
إن تقنيات الثورة الصناعية الرابعة مثل الذكاء الاصطناعي وإنترنت الأشياء – التي تقود عملية التحول الرقمي ويُعقد عليها آمال كبيرة في إحداث تغيير جذري في الأنظمة الاقتصادية والاجتماعية في مصر – تصدرت بشكل سريع الأولوية القصوى للأجندة السياسية لمصر خلال السنوات المُقبلة، ومن المتوقع أن تكون بمثابة أساساً للعديد من المشاريع التنموية في جميع أنحاء البلاد، وخاصة مشاريع المدن الذكية مثل العاصمة الإدارية الجديدة ذات التقنية في مصر.
تتطلب هذه التقنيات المتقدمة اتصالاً قوياً وموثوقاً فيه وقادراً على التعامل مع التدفق السريع للبيانات وهنا يأتي الدور الحيوي الذي ستقوم به شبكات 5G و 4G من أجل تمكين هذه التقنيات.
توفر شبكات المحمول في مصر مجموعة متنوعة من الاستخدامات من خلال الاستفادة من التكنولوجيا الرقمية، مثل نظام النقل الجماعي الذكي الذي تعكف مصر على تنفيذه في المدن ونظراً لأن الجيل الخامس من الشبكات أصبح أمراً واقعاً ومنتشراً على نطاق واسع في مصر، فإنها ستساهم في تمكين السيارات ذاتية القيادة، مما يجعل نظام النقل الذكي أكثر كفاءة في أهدافه وبالتالي يمكّن الدولة من إنشاء أعمال نقل أكثر أماناً واستدامة.
مُستقبل مُشرق
بدأت وزارة الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات، في السنوات القليلة الماضية، نشاطاً مكثفاً في العديد من المشاريع لتحسين جودة النطاق العريض الثابت في الدولة وتقديم إنترنت فائق السرعة مع توسيع نطاق الشبكة في الدولة، كما تعمل الدولة أيضاً على إسراع إجراءات إصدار تصاريح أبراج المحمول وبدأت في تقديم ترددات جديدة لتعزيز كفاءة الشبكة.
ومما لا شك فيه أن هذه الإجراءات توضح مدى إدراك الدولة المصرية لقيمة الاتصالات في تأمين مستقبلها الرقمي وهي دليل على التزام الدولة ببناء اقتصاد رقمي مزدهر.
لقد حاولنا خلق بيئة لتبادل المعرفة وتنفيذها لتجهيز مصر بشكل جيد وجعلها مستعدة لمواكبة العالم التكنولوجي الذي يشهد تغيراً سريعاً وذلك من خلال التعاون الناجح على مدار 125 عاماً من وجودنا في البلاد، وما زلنا مستمرون في دعم مصر في تحقيق أجندتها الوطنية.
لقد نجحنا هذا العام في إقامة “هاكاثون معاً عن بُعد” تحت رعاية وزارة الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات لتحفيز الابتكار وذلك تماشياً مع رؤية مصر 2030 بالإضافة إلى ذلك فقد أقمنا برنامجاً للدراسات العليا في مصر لإعطاء المواهب الشابة في مصر الفرصة للتعلم والتطور الوظيفي لتأهليهم ليكونوا قادة المستقبل وذلك في إطار رؤية مصر الرقمية.
ونحن نتطلع إلى التعاون مع شركائنا المحليين لتعزيز البنية التحتية لتكنولوجيا المعلومات والاتصالات في البلاد، ودفع التحول الرقمي، وذلك في إطار جهودنا المستمرة التي بدأت بالفعل لدعم مصر في طموحاتها الرقمية.is