أصدر الدكتور مصطفى مدبولي رئيس مجلس الوزراء قرارا بتعديل أحكام اللائحة التنفيذية لقانون سوق رأس المال رقم ٩٥ لسنة ١٩٩٢، تضمن المواد المنظمة لعمل صناديق الاستثمار وكذلك استحداث مواد جديدة لتنظيم إصدار سندات التنمية المستدامة، وذلك لمزيد من التيسير في عمل صناديق الاستثمار، ودعم جهود الدولة في تحقيق أهداف التنمية المستدامة.
من جانبه قال الدكتور محمد فريد رئيس الهيئة العامة للرقابة المالية أن قرار رئيس مجلس الوزراء رقم (3456) لسنة 2022 بتعديل بعض أحكام اللائحة التنفيذية لقانون سوق رأس المال والمنشور في الجريدة الرسمية بعددها رقم 38 مكرر (أ)، قد تضمن استحداث أنواع جديدة من السندات، هي؛ سندات التنمية المستدامة، والسندات المرتبطة بالتنمية المستدامة، والسندات ذات البعد الاجتماعي، وسندات تمكين المرأة، وسندات المناخ، والسندات البُنية (الانتقالية).
تابع الدكتور فريد أن و نظراً لأهمية أدوات الدين في أسواق المال واعتماد الكيانات والشركات عليها كأحد الآليات التمويلية الهامة لتطوير وتنمية أعمالها، جاءت الفكرة نحو طرح أدوات تمويلية جديدة لمواجهة تحديات التغير المناخي والتحول نحو الاقتصاد الأخضر والمشروعات صديقة البيئة وتمكين المرأة.
أوضح الدكتور “فريد” أن التعديلات الجديدة ستؤثر بشكل ملحوظ على بيئة الاستثمار بتوجيه فكر المستثمرين إلى أهمية مراعاة الجوانب الاجتماعية والبيئية في مشروعاتهم بما يعمل على إعادة ترتيب أولويات الاستثمار من خلال زيادة المشروعات ذات الأثر الاجتماعي والبيئي الإيجابي، فضلاً عن دورها في جذب الاستثمار الأجنبي للأسواق المحلية في ظل التوجه الدولي لإصدار تلك السندات، حيث يتطلع الكثير من المستثمرين ممن يحظون بالمسئولية والوعي إلى ما هو أبعد من مجرد استثمار رؤوس أموالهم لتحقيق عائد مادي على أموالهم، إذ يحرصون على أن تسهم طريقة تخصيص أموالهم المستثمرة في تحقيق الاستدامة البيئة والمجتمع وتعزيزها.
مشيرا الى أن عديد من المؤسسات الاستثمارية تسعى جاهدة لعمل التوازن بين تحقيق أهدافهم المالية والقيم البيئية والمجتمعية، وهو ما يسمى بـ «الاستثمار المستدام» والذي يعد أحد أشكال الانضباط الاستثماري الذي يراعي المعايير البيئية والاجتماعية ومعايير حوكمة المؤسسات، مما يؤدي إلى إحداث تأثير إيجابي في المجتمع أو البيئة أو الاقتصاد ككل.
لفت رئيس الهيئة إلى أن تلك التعديلات تأتي ضمن جهود الدولة المبذولة في توطين التنمية المستدامة والإسهام في إحراز تقدم منشود في تنفيذ أهداف التنمية المستدامة الأممية بما يساعد على تحقيق أهداف رؤية مصر 2030، وذلك من خلال استخدام حصيلة السندات المذكورة في تمويل مشروعات سياسات ومبادرات ترتبط بأهداف التنمية المستدامة؛ بما يساعد بشكل فعال في تقوية البنية التحتية الأساسية كمياه الشرب والصرف الصحي والكهرباء والطاقة وتعزيز الخدمات الأساسية مثل التعليم والتدريب المهني والرعاية الصحية، على نحو يؤدي إلى توسيع نطاق برامج الحماية الاجتماعية وشبكات الأمان، بالإضافة إلى توفير التمويل الذي يستهدف المشروعات والمبادرات أو السياسات التي تدعم قضية تمكين المرأة وتعزيز المساواة بين الجنسين، فضلاً عن الدور الذي تلعبه سندات المناخ والسندات البُنية في تمويل المشروعات الصديقة للبيئة.
كما أشار رئيس الهيئة إلى أن السندات سالفة الذكر تأتي استكمالاً لجهود الهيئة الحثيثة في استكمال تطوير الأدوات التمويلية غير المصرفية التي تدعم جهود تحقيق أهداف التنمية المستدامة حيث سبق وأن تم استحداث السندات الخضراء بموجب التعديلات التي تمت على اللائحة التنفيذية لقانون سوق رأس المال في عام 2018.
كما أكد الدكتور “فريد” على أهمية صدور قرار رئيس مجلس الوزراء بتعديل اللائحة التنفيذية لقانون سوق رأس المال في هذا التوقيت حيث تستعد مصر لاستضافة مؤتمر الأطراف السابع والعشرين لاتفاقية الأمم المتحدة الإطارية لتغير المناخ “COP Conference of the Parties 27” نيابة عن القارة الأفريقية، نظراً لأن صدور التشريع يعني بإصدار سندات تخصص حصيلتها لتمويل المشروعات الصديقة للبيئة بغرض تقليل الانبعاثات والتخفيف من آثار تغير المناخ وظاهرة الاحتباس الحراري، وتمويل الجهات التي ترغب في الانتقال بأنشطتها وتطويرها لتكون أقل تأثيراً على البيئة، يحمل إشارة قوية للمجتمع الدولي بتبني مصر خطوات على أرض الواقع في سبيل اهتمامها بقضية المناخ على نحو يعزز من مكانة مصر على المستوى الدولي في هذا الملف.
وعلى صعيد آخر، كشف رئيس الهيئة عن أن تعديلات اللائحة التنفيذية لقانون سوق رأس المال قد تضمنت أيضاً إجراء بعض التيسيرات في عمل صناديق الاستثمار تنشيطاً لأدائها، حيث تم النص على أن يكون الحد الأدنى لرأس مال شركة صندوق الاستثمار (2%) من حجمه وبحد أقصى خمسة ملايين جنيه مصري أو ما يعادلها بالعملات الأجنبية، مع منح الخيار للصندوق في زيادة رأس ماله بما يجاوز الخمسة ملايين جنيه المذكورة حال رغبته في ذلك، بما يؤدي إلى إمكانية زيادة حجم الصندوق دون التقيد بزيادة رأس ماله إذا كان رأس المال هذا يبلغ خمسة ملايين جنيه، وهو الأمر الذي يمنح مرونة كبيرة في عمل صناديق الاستثمار وإزالة ما كان يعوق مواصلتها لنشاطها بسهولة ويسر.
في ضوء أن القواعد التي كان معمولاً بها قبل التعديل كانت تقضي بألا تجاوز قيمة وثائق الاستثمار التي يصدرها الصندوق خمسين مثل رأس المال بما كان يستوجب في كل مرة يرغب فيها الصندوق إصدار وثائق تجاوز خمسين مثل رأس ماله، أن يقوم بزيادة رأس المال حتى يستوعب وثائق الاستثمار المراد إصدارها.
كما تضمنت التعديلات كذلك إسناد مهمة إعداد القوائم المالية لشركة صندوق الاستثمار إلى شركة خدمات الإدارة بدلاً من مدير الاستثمار، نظراً لاتساق ذلك مع طبيعة عمل شركة خدمات الإدارة باعتبارها المسئولة عن تقييم صافي أصول الصندوق وإعداد بيان يومي بعدد الوثائق القائمة يتم الإفصاح عنه بصورة يومية أو أسبوعية وفقاً لمتطلبات نشرة الاكتتاب الخاصة بالصندوق.
مؤكدا أنه ومن باب التيسير على صناديق الاستثمار فقد ألزمت تعديلات اللائحة التنفيذية لقانون سوق رأس المال صناديق الاستثمار بإعداد تقارير نصف سنوية عن أدائها ونتائج أعمالها تتضمن البيانات التي تفصح عن المركز المالي للصندوق بصورة كاملة وصحيحة بناءً على القوائم المالية المعدة في هذا الشأن وذلك بدلاً مما هو كان منصوص عليه في هذا الإطار من أن تكون تلك التقارير بشكل ربع سنوي.