تشهد حالة طفل وُلد قبل موعده وكان يُعاني قصورًا في القلب، تحسنًا ملحوظًا. واحتاج الوليد الخديج دي جيه إدموندز إلى الخضوع للتنفس الاصطناعي والإنعاش مرتين بعد ولادته بوقت قصير بسبب معاناته قصورًا في القلب، لكنه أضحى الآن أفضل حالًا بكثير، بفضل جراحة نادرة ابتكرها وأجراها الدكتور هاني نجم، جراح الأطفال السعودي المختصّ في عيوب القلب، والعامل في مستشفى كليفلاند كلينك للأطفال بالولايات المتحدة.
ويُعتبر دي جي أصغر مريض في كليفلاند كلينك يخضع لعملية جراحية في القلب. وخضع الوليد الخديج لجراحة طوّرها الدكتور نجم وتُدعى التبديل البطيني، وهي طريقة جديدة لعلاج البطين الأيمن مزدوج المخرج، الذي يُعدّ عيبًا نادرًا ومعقدًا وخطرًا على الحياة، إذ يمنع التدفق الطبيعي للدم من حُجرتي القلب السفليتين إلى الرئتين وأجزاء أخرى من الجسم، نظرًا لاتصال كلا الشريانين الرئيسين بالحجرة الخطأ، ما يجعل الاتصال بعيدًا بين البطينين.
وعادةً ما يكون المرضى المصابون بالبطين الأيمن مزدوج المخرج مصابين بعيب في الحاجز البطيني الذي يحتاج أيضًا إلى الإصلاح. ويقع الحاجز البطيني عادةً تحت أحد الشرايين الرئيسة، لكن في حالات نادرة مثل حالة دي جيه يكون الحاجز بعيدًا، ما يمنع الإصلاح بالطريقة الاعتيادية. وتُعالج مثل هذه الحالات النادرة، عند وجود الحاجز البطيني بعيدًا عن موقعه الأصلي، بسلسلة من ثلاث عمليات جراحية للقلب، تُتوَّج بإصلاح أحادي للبطين. لكن هذا النهج التقليدي، بالنسبة إلى حالات مثل دي جيه وغيره ممن يعانون حالات معقدة من البطين الأيمن مزدوج المخرج، قد يؤدي في وقت لاحق من العمر إلى زيادة أخطار الإصابة بأمراض القلب التي يمكن أن تنطوي على حدوث اختلال وظيفي متعدّد الأعضاء.
وقال الدكتور نجم، رئيس قسم جراحة القلب الخلقية للأطفال والكبار في كليفلاند كلينك، أن إجراء التبديل البُطَيني يبدّل البطين الأيمن والبطين الأيسر، موضحًا أنه “بدلًا من ضخ البطين الأيسر للدم إلى الجسم، كما هو معتاد، نجعله يضخّ الدم إلى الرئتين، فيما نجعل البطين الأيمن في المقابل يضخّ الدم إلى باقي أجزاء الجسم بدلاً من ضخه إلى الرئتين. وقد وجدنا أنها طريقة فعالة جدًا في مرضى مثل دي جيه، الذين تتسم قلوبهم بالعديد من الروابط غير الطبيعية”.
وكان دي جيه وُلد قبل موعده بثلاثة أشهر تقريبًا، في يناير 2021 في أحد مستشفيات أوهايو، وذلك بعد وفاة توأمه في الرحم. واكتشف الأطباء أنه يعاني نفخة قلبية، بالإضافة إلى المضاعفات المرتبطة بالولادة المبكرة، وفي غضون أيام جرى نقله إلى منشأة أخرى للرعاية الصحية.
وقالت والدة دي جيه، دانييل إدموندز، إن وليدها خضع هناك للتنفس الاصطناعي كما جرى إنعاشه مرتين نتيجة الفشل القلبي. وبعد أن لمست عدم إدراك الأطباء لحالته، سعت للحصول على آراء طبية أخرى، ما قادها إلى الدكتور نجم الذي كان في ذلك الوقت قد أجرى عملية تبديل البطين لخمسة مرضى سابقين فقط.
وسرعان ما اكتشف الدكتور نجم وفريقه، مستعينين بنموذج مطبوع بتقنية الطباعة ثلاثية الأبعاد لقلب دي جيه، أنه مرشح لجراحة التبديل البطيني، لكنه أعلم والديه بأنها جراحة جديدة لم تُجرَ بعدُ لمريض خديج.
وقال الدكتور نجم: “أحرص على الحديث بثقة إلى أفراد الأسرة عمّا يمكن فعله، مُدركًا صعوبة اقتراح إجراء شيء جديد على طفل عزيز عليهم. لكنني أقدم الحقائق وأخبرهم بالضبط بما سنفعله. ولعلّ الموقف كان صعبًا على والدي دي جيه، لكنهما أدركا أن النتيجة المتوقعة ستكون أفضل مما لو لجأنا إلى العمليات الجراحية الاعتيادية”.
ونجح الدكتور نجم وفريقه في إكمال الجراحة من دون مضاعفات؛ فلاحظت دانييل على الفور أن لون طفلها قد تحسن وأنه أصبح أكثر استجابة. وتطلبت حالة دي جيه أن يبقى تحت الرعاية الطبية في المستشفى، ثمّ أمضى 140 يومًا متتاليًا في الخضوع لإعادة تأهيل مكثفة في مستشفى كليفلاند كلينك للأطفال لإعادة التأهيل. وأصبح الطفل أخيرًا في مايو 2022، بعد 16 شهرًا من ولادته، بصحة جيدة سمحت له بالعودة إلى المنزل. وقد لاحظ والداه تحسنًا مستمرًا في صحته.
وقالت والدته: “ينمو دي جيه بصورة رائعة ويبلغ وزنه اليوم 9.5 كيلوغرامًا، ويتحرك ويقف ويأكل طعامًا صلبًا بدلًا من التغذية عبر أنبوب، ولا نرى إلا إنه يتقدّم في الاتجاه الصحيح”. بدوره، أعرب والده، دي أنجيلو بليك سينير، عن سعادته بالابتسامة التي يستقبله بها ابنه عند عودته من العمل، وقال: “ابتسامته مفعمة بالحيوية، وإذا كان طفل صغير قد مرّ بهذا القدر من التحديات ولا يزال يبتسم، فما بالنا لا نكون سعداء بذلك”!