بقلم بيتر بينش، نائب الرئيس التنفيذي لمنطقة أفريقيا والشرق الأوسط وآسيا وأستراليا في سايج
حسب بعض التقديرات، فإن أكثر من 90٪ من مؤسسات العالم هي شركات صغيرة ومتوسطة الحجم- العمود الفقري للاقتصاد العالمي. وبالتالي، فإنها تؤدي دورًا حيويًا في تعزيز الاستدامة والعدالة الاجتماعية والعمل المسؤول لصالح مجتمعاتها الأوسع.
وتدرس الشركات الصغيرة والمتوسطة ذات التفكير التقدمي كيفية تأثير عوامل الحوكمة البيئية والاجتماعية والمؤسسية على أعمالها في المستقبل. ورغم أنها لم تخضع حتى الآن لفحص دقيق يتعلق بعوامل الحوكمة البيئية والاجتماعية والمؤسسية مثل نظيراتها الأكبر حجمًا، يمكن للشركات الصغيرة والمتوسطة التي تدير عمليات مستدامة أن تكتسب ميزة تنافسية في أسواقها.
وبالنظر إلى معايير الحوكمة البيئية والاجتماعية والمؤسسية عن كثب، نجد أن بعضها يرتبط بكيفية عمل أي شركة بشكل مسؤول. وغالبًا ما تكون الجوانب المناسبة للحوكمة البيئية والاجتماعية والمؤسسية هي ذاتها الجوانب المناسبة لنمو الشركات واستدامتها – اذ يمكن للشركات الصغيرة والمتوسطة أن تحرز النجاح من خلال أداء العمل النافع.
ما الذي تعنيه الحوكمة البيئية والاجتماعية والمؤسسية؟ دعونا نحلل هذا المصطلح:
- الحوكمة البيئية تخص المعايير البيئية وتأخذ في الاعتبار كيفية أداء الشركة باعتبارها مسؤولة عن حماية الطبيعة.
- الحوكمة الاجتماعية تخص المعايير الاجتماعية وتبحث في كيفية إدارة المؤسسة للعلاقات مع الموظفين والموردين والعملاء والمجتمعات التي تعمل فيها.
- الحوكمة المؤسسية تخص الحوكمة وتتعلق بكيفية إدارة الشركة.
تضمن الحوكمة الرشيدة إدارة الشركة بشكل جيد وامتثالها وسلامتها من الناحية المالية. وتعزز العوامل الاجتماعية إقامة علاقات أفضل مع المجتمعات والعملاء والموردين والموظفين. كما أن اعتماد طرق مسؤولة بيئيًا لممارسة الأعمال يساعد الشركة على تقليل الفاقد وزيادة كفاءتها.
الشركات الصغيرة والمتوسطة تفكر بالفعل في الاستدامة
لماذا يجب على الشركات الصغيرة والمتوسطة أن تعطي الأولوية للحوكمة البيئية والاجتماعية والمؤسسية، خاصة عندما تحاول الصمود في بيئة يتزايد فيها التضخم والغموض الاقتصادي؟ يكمن الجواب ببساطة في أن الشركات من جميع الأحجام تتعرض لضغوط لإظهار كيفية تعاملها مع مخاطر المناخ وإدارتها للحوكمة البيئية والاجتماعية والمؤسسية.
فالشركات التي لا تؤدي ما عليها من واجبات فيما يتعلق بحماية البيئة والتنوع والشمول والمسؤولية الاجتماعية قد تعرّض سمعتها للضرر. وقد تواجه، حسب حجمها ومجال عملها، عواقب قانونية أو تنظيمية لعدم الوفاء بمسؤولياتها المتعلقة بالحوكمة البيئية والاجتماعية والمؤسسية.
بالإضافة إلى ذلك، تحرص معظم الشركات الكبرى على فحص شركائها في سلسلة التوريد للتأكد من أنهم يستوفون المعايير الأساسية للحوكمة البيئية والاجتماعية والمؤسسية. فالشركات الصغيرة والمتوسطة التي لا تستوفي المعيار قد تخاطر بفقدان العملاء أو الموردين. وسيعمل المستثمرون والبنوك بشكل متزايد على إضافة مؤهلات الحوكمة البيئية والاجتماعية والمؤسسية إلى معاييرهم عند الاستثمار في الشركات الصغيرة والمتوسطة أو إقراضها.
فرصة لا عبء امتثال
تنظر الشركات الصغيرة والمتوسطة ذات التفكير الاستباقي إلى الحوكمة البيئية والاجتماعية والمؤسسية باعتبارها فرصة. اذ تستطيع الشركات التي تقوم بتضمين الممارسات الجيدة للحوكمة البيئية والاجتماعية والمؤسسية في أعمالها أن تحسّن علامتها التجارية وسمعتها في السوق. وعلى ضوء ما لدينا من توقعات بشأن سنّ المزيد من التشريعات، خاصة فيما يتعلق بانبعاثات الكربون، فإن لديها أيضًا فرصة لاحتلال موقع الصدارة.
وقد تحظى الشركات الصغيرة والمتوسطة التي تفي بوعودها بشأن الحوكمة البيئية والاجتماعية والمؤسسية بميزة في توظيف المواهب وكسب العملاء، وخاصة الشباب.
وتعتبر الحوكمة البيئية والاجتماعية والمؤسسية مجالًا معقدًا، مما يعني أن تنفيذها على النحو الصحيح، مثل التحول الرقمي، سيستغرق العديد من السنوات. هناك الكثير من الأمور التي تشغل تفكير الشركات الصغيرة والمتوسطة، لكن الوقت حان للبدء في العمل. ومن المستحسن عند البدء أن تفكر في المجال الذي يمكن لشركتك أن تصنع فيه فرقًا. هل هناك طريقة لتقليل الطاقة والمواد المستخدمة لتوفير المال وحماية المناخ؟
إن اختيار أهداف واقعية وقابلة للقياس- والعمل على تحقيقها- سيضعك على الطريق الصحيح لكي تصبح شركتك مستدامة بكل ما في الكلمة من معنى.