وافق المجلس التنفيذي لصندوق النقد الدولي على عقد اتفاق مدته 46 شهرا مع مصر في إطار “تسهيل الصندوق الممدد” بقيمة 2350,17 مليون وحدة حقوق سحب خاصة (أي ما يعادل 115,4% من حصة العضوية في الصندوق أو حوالي 3 مليارات دولار أمريكي)، حسبما ذكر البيان الصادر عن صندوق النقد الدولي يوم الجمعة الموافق 16 ديسمبر.
يتيح قرار المجلس التنفيذي صرف دفعة فورية بقيمة 261,13 مليون وحدة حقوق سحب خاصة (أي ما يعادل 347مليون دولار أمريكي) للمساعدة في تلبية احتياجات ميزان المدفوعات ودعم الموازنة.
وعلى مدار البرنامج، يُتوقع أن يشجع “تسهيل الصندوق الممدد” على إتاحة تمويل إضافي لصالح مصر بقيمة 14 مليار دولار أمريكي تقريبا من شركائها الدوليين والإقليميين، شاملا موارد تمويلية جديدة من دول مجلس التعاون الخليجي وشركاء آخرين من خلال عمليات البيع الجارية للأصول المملوكة للدولة وقنوات التمويل التقليدية من الدائنين الثنائيين ومتعددي الأطراف.
ويطمح البرنامج الاقتصادي للسلطات المدعوم باتفاق “تسهيل الصندوق الممدد” إلى تنفيذ حزمة شاملة من السياسات الهادفة إلى الحفاظ على الاستقرار الاقتصادي الكلي، واستعادة الاحتياطيات الوقائية، وتمهيد الطريق نحو تحقيق نمو مستدام وشامل بقيادة القطاع الخاص.
وتحديدا، تتضمن حزمة السياسات (1) التحول الدائم إلى نظام سعر الصرف المرن لتعزيز الصلابة في مواجهة الصدمات الخارجية وإعادة بناء الاحتياطيات الوقائية الخارجية، و(2) تنفيذ سياسة نقدية تهدف إلى تخفيض معدلات التضخم تدريجيا تماشيا مع أهداف البنك المركزي، إلى جانب تعزيز آلية انتقال آثار السياسة النقدية، بما في ذلك من خلال إلغاء دعم برامج الإقراض، و(3) الضبط المالي وإدارة الدين لضمان تراجع نسبة الدين العام إلى إجمالي الناتج المحلي واحتواء إجمالي الاحتياجات التمويلية، مع زيادة الإنفاق الاجتماعي وتعزيز شبكة الأمان الاجتماعي لحماية الفئات الضعيفة، وإدارة المشروعات الاستثمارية الوطنية بما يحقق استدامة المركزي الخارجي والاستقرار الاقتصادي، و(4) إصلاحات هيكلية واسعة النطاق لتقليص بصمة الدولة، وضمان المنافسة العادلة بين جميع الكيانات الاقتصادية، وتسهيل تحقيق النمو بقيادة القطاع الخاص، وتعزيز الحوكمة والشفافية في القطاع العام.
كذلك طلبت السلطات الاستفادة من موارد “تسهيل الصلابة والاستدامة”، وهو ما يمكن أن يتيح تمويلا إضافيا بقيمة تصل إلى مليار وحدة حقوق سحب خاصة لدعم أهداف السياسات المرتبطة بالمناخ. ومن المتوقع مناقشة هذا الطلب خلال المراجعات القادمة في إطار “تسهيل الصندوق الممدد”.
وعقب مناقشة المجلس التنفيذي، أدلت السيدة كريستالينا غورغييفا، المدير العام لصندوق النقد الدولي ورئيس المجلس، بالبيان التالي:
“تصدت مصر بصلابة لأزمة كوفيد-19 بفضل برامجها السابقة التي دعمها الصندوق. ورغم تسارع وتيرة التعافي الاقتصادي خلال عام 2021، بدأت الاختلالات في التراكم نتيجة ثبات أسعار الصرف وارتفاع مستويات الدين العام وتأخر خطى الإصلاح الهيكلي.
وساهمت الحرب في أوكرانيا في بلورة مواطن الضعف القائمة. فقد تسببت في خروج التدفقات الرأسمالية، كما أدت، في ظل استمرار تثبيت سعر الصرف، إلى تراجع احتياطيات البنك المركزي من النقد الأجنبي وانخفاض صافي الأصول الأجنبية لدى البنوك وتفاقم اختلالات أسعار الصرف.
“وهناك حاجة إلى حزمة شاملة من السياسات الاقتصادية الكلية والهيكلية للحد من هذه الاختلالات، والحفاظ على الاستقرار الاقتصادي الكلي، واستعادة الاحتياطيات الوقائية، وتعزيز الصلابة في مواجهة الصدمات، وتمهيد الطريق نحو تحقيق النمو بقيادة القطاع الخاص.
في هذا السياق، نرحب بالتزام السلطات في الآونة الأخيرة بالتحول الدائم إلى نظام سعر الصرف المرن ومعالجة التشوهات الناجمة عن السياسات السابقة من خلال التشديد المسبق للسياسة النقدية والمضي قدما نحو تعزيز شبكة الأمان المالي.
“ويتضمن البرنامج الاقتصادي للسلطات المدعوم باتفاق “تسهيل الصندوق الممدد” لمدة 46 شهرا حزمة من السياسات ذات المصداقية التي تستهدف مواجهة هذه التحديات على المدى المتوسط. فالتحول الدائم إلى نظام سعر الصرف المرن سيؤدي إلى التخفيف من حدة الصدمات الخارجية ومنع ظهور الاختلالات مجددا، كما سيسمح للسياسة النقدية بالتركيز على خفض التضخم تدريجيا.
وسيضمن الضبط المالي استدامة القدرة على تحمل الديون، بينما ستساهم زيادة الإنفاق الاجتماعي في حماية الفئات الضعيفة.
كذلك ستساعد الإصلاحات الهيكلية في تقليص بصمة الدولة وضمان المنافسة العادلة بين القطاعين العام والخاص، وتعزيز النمو بقيادة القطاع الخاص، وتعزيز الحوكمة والشفافية. ومن شأن “تسهيل الصندوق الممدد” سد جزء من الفجوة التمويلية، والتشجيع على إتاحة المزيد من التمويل في صورة استثمارات لصالح مصر من شركائها الدوليين والإقليميين لسد الفجوة المتبقية.
“وفي ظل تصاعد حالة عدم اليقين والمخاطر المحيطة بآفاق الاقتصاد ألعالمي، يمثل التزام السلطات بمواصلة تطبيق نظام سعر الصرف المرن والسياسات الاقتصادية الكلية الاحترازية والإصلاحات الهيكلية خطوة حاسمة.
يعد سجل الأداء القوي للسلطات والشعور الراسخ بملكية البرامج التي دعمها الصندوق في السابق والتأييد السياسي لحزمة السياسات عوامل مهمة من شأنها التخفيف من حدة المخاطر وتحقيق أهداف البرنامج الحالي الذي يدعمه الصندوق.”