يشدد أخصائي الرعاية النفسية في مستشفى كليفلاند كلينك على أن الوقت مناسب الآن لمراجعة قرارات العام الجديد والتأكد من صياغتها بطريقة تضمن النجاح
أوضح أخصائي رعاية نفسية في مستشفى كليفلاند كلينك، نظام الرعاية الصحية العالمي، أن الكثير من الأشخاص يجدون صعوبة في الالتزام بالقرارات التي يحددونها مع بداية كل عام جديد، وربما يعدلون عنها قبل نهاية شهر يناير. وقد تكمن المشكلة وراء ذلك في الطريقة التي يتم بها صياغة تلك القرارات، وليس ضعف في الإرادة كما يعتقد البعض، لافتاً إلى أنه لم يفت الأوان بعد للعودة إلى المسار الصحيح.
وأشار الدكتور ديفيد كريل، أخصائي الرعاية النفسية السريرية وفيزيولوجيا التمارين في مستشفى كليفلاند كلينك، وهو أيضاً أخصائي تغذية مسجل، إلى أنه حتى لو تخلّى الأفراد عن قراراتهم بالفعل، يمكنهم إعادة صياغتها بطريقة تدعم تحقيق نتائج إيجابية.
وقال الدكتور كريل: “يمكن أن تشكل إعادة صياغة الأهداف الموجهة نحو النتائج لتصبح أهدافاً موجهة نحو السلوك نهجاً مفيداً للغاية، فأحياناً ما يبدأ الأشخاص بهدف موجه نحو نتيجة محددة مثل الرغبة في خسارة 10 كيلوغرامات، بينما قد يكون تحديد السلوكيات التي تحتاج إلى تغيير لتحقيق هذا الهدف أكثر فعالية. على سبيل المثال، إذا كانت إحدى العقبات التي تحول دون فقدان الوزن تكمن في الميل إلى تناول الوجبات السريعة بشكل متكرر، فيمكن إعادة صياغة الهدف أو القرار ليكون إعداد وجبة صحية متكاملة كل يوم أحد، مثلاً، ليتم تناولها طوال أيام الأسبوع”.
واقترح الدكتور كريل أن يتجه الأشخاص، قبل إعادة صياغة أهدافهم الحالية أو وضع أهداف جديدة، نحو إيجاد الحافز من خلال التفكير بعناية في الأسباب التي تدفعهم إلى إجراء التغييرات في أنماط حياتهم، وتحديد تلك الأسباب بدقة قدر الإمكان. إضافة إلى ذلك ينبغي على الأفراد أيضاً ضمان مستوى عالٍ من التوازن بين الحياة المهنية والشخصية، والالتزام بإعطاء أولوية للرعاية الذاتية جنباً إلى جنب مع مجالات التركيز الأخرى مثل النجاح في العمل، وذلك لتطوير ذهنية ناجحة.
تطبيق مبادئ مفهوم “سمارت”
وأوصى الدكتور كريل بتطبيق مفهوم “أهداف SMART” عند وضع القرارات الصحية، والذي يشير إلى الأحرف الأولى من الكلمات الإنجليزية التالية specific أي ينبغي أن تكون الأهداف محددة وmeasurable أي ينبغي أن تكون قابلة للقياس و action-oriented أي أن تكون الأهداف قابلة للتنفيذ عملياً و realisticأي أن تكون الأهداف واقعية و time-boundأي محددة زمنياً. وقدم الدكتور كريل المثال التالي، الذي يحدد بوضوح الأهداف المرجو تحقيقها وفقاً لمبادئ مفهوم “سمارت”: “سأستيقظ في السابعة صباحاً أربعة أيام في الأسبوع لأمشي لمدة 30 دقيقة”.
وأضاف الدكتور كريل بأن تحديد إطار زمني لإعادة تقييم الأهداف مهم أيضاً للغاية، خاصةً عندما يتم تقسيم الأهداف الشاملة إلى أهداف قصيرة المدى وقابلة للقياس. على سبيل المثال، يمكن مراجعة هدف المشي المذكور أعلاه في فترات محددة وتعديله إذا وجد الشخص أن عدد الخطوات لا يساعد في تحقيق الهدف المتوقع على المدى الطويل المتمثل في خفض نسبة السكر في الدم أو فقدان الوزن.
الدعم والمكافآت والاستعداد
ولفت الدكتور كريل إلى أنه وبمجرد تحديد أهداف SMART، لا يزال هناك عدد من الخطوات التي يمكن للأفراد اتخاذها لتعزيز احتمالية التزامهم بالأهداف المحددة. وتتمثل الخطوة الأولى في السعي للحصول على دعم خارجي بشكل يتناسب مع متطلبات واحتياجات كل شخص. وقد يكون ذلك من خلال طلب الدعم من أحد أفراد الأسرة، أو الانضمام إلى مجموعة ذات مصالح مشتركة تحمل الأفراد المسؤولية أو تبقيهم متحفزين. ويجب التفكير في هذه الخطوة جيداً بحيث لا يؤدي اختيار شريك المسؤولية إلى نتائج عكسية. على سبيل المثال، إذا كنت جديداً في ممارسة الرياضة وقررت ممارستها مع صديق لا يستمتع بالتمارين، فقد ينتهي بكما الأمر إلى التحدث مع بعضكما البعض بدون القيام بأي نشاط.
أما الخطوة الأخرى التي قد تكون مفيدة أيضاً، بحسب الدكتور كريل، فتتمثل في اللجوء إلى منهجية مكافأة الذات، فبشكل عام، الدافع الداخلي أقوى من الدافع الخارجي. ومع ذلك، عندما يتعلق الأمر بالبدء بشيء جديد، فإن الاستخدام الحكيم للمكافآت يمكن أن يكون مفيداً حقاً. فالمكافأة غير الغذائية، كالتدليلك، على سبيل المثال، بعد أسابيع من النشاط يمكن أن يحفز الشخص لمواصلة العمل حتى تحقيق هدفه النهائي.
ومن الخطوات الأخرى للنجاح الاستعداد والتدرب على مقاومة الإغراءات والتحديات. “على سبيل المثال، إذا كنت ترغب في الالتزام بخوض حصة تدريبية كل يومين، ولكنك اكتشفت أن بعض الأيام تجعلك متعباً جداً بحيث لا يمكنك ممارسة الرياضة، فيمكنك أن تقرر مسبقاً أنه في حال مررت بمثل هذه الأيام ستمارس التمارين الرياضية لمدة 10 دقائق على الأقل، والتي يمكنك بسهولة القيام بها أثناء مشاهدتك لبرنامج تلفزيوني.
وأكد الكتور كريل أن بإمكان أي شخص تحديد العقبات مثل الحالة المزاجية التي تتداخل مع النوايا الحسنة ومن ثم التفكير في الأمور التي ساعدت في التغلب على مثل هذه العقبة في الماضي، على سبيل المثال، قد يكون التواصل الاجتماعي حلاً للشخص الذي يشعر بالإحباط. وبالمثل، إذا كنت من الأشخاص الذين يلجأوون إلى تناول الطعام عندما يشعرون بالتوتر، فيمكنك الاستعداد لذلك من خلال تناول وجبة مُعدة مسبقاً وبسعرات حرارية محددة، ما يساعد على التخلص من عقلية أما “الحصول على كل شيء أو لا شيء” والتي قد تؤدي إلى الإفراط في تناول الطعام.
واختتم الدكتور كريم قائلاً: “إذا كانت هناك اضطرابات مزاجية معينة تعترض طريق النجاح أو كان الشخص يعاني من صراع مستمر تجاه مسألة أو مشكلة ما مثل التحكم في الوزن، فيمكنه التفكير في طلب الدعم من طبيب نفساني متخصص في هذا المجال لمساعدته على استكشاف وإدارة المشكلة وإيجاد حلول مثالية لها”.