نظم مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار بمجلس الوزراء، ورشة العمل التاسعة في إطار إعداد مشروع بحثي متكامل لصياغة السيناريوهات اللازمة للتعامل مع الوضع الاقتصادي العالمي خلال عامي 2023 و2024، وذلك بعقد جلسة نقاشية موسعة حول اتجاهات الاستثمار، بحضور 26 من ممثلي كبرى الشركات الاستثمارية والجهات التنفيذية، بجانب نخبة من خبراء الأعمال والشركاء الدوليين وعدد من أعضاء مجلسي النواب والشيوخ، وذلك في إطار تنفيذ تكليفات الدكتور مصطفى مدبولي، رئيس مجلس الوزراء، في هذا الشأن.
وفي مستهل الجلسة، قدمت الدكتورة هبة عبد المنعم، رئيس محور شئون المكتب الفني لرئيس المركز، عرضا متكاملا حول اتجاهات النمو الاقتصادي بالدول المتقدمة والنامية، وتوقعات المؤسسات العالمية لمسارات الركود الناتجة عن رفع أسعار الفائدة وتبعات الأزمة الروسية – الأوكرانية، إضافة إلى أبرز التوقعات المستقبلية للأزمات المرتبطة بارتفاع معدلات التضخم، وتعثر سلاسل الإمداد في ظل استمرار سياسات البنوك المركزية حول العالم في التشديد النقدي. كما قدمت منى البدري، مدير الإدارة العامة للمتابعة الخارجية، عرضا حول تأثير الأزمات العالمية على التدفقات الاستثمارية محليًا وعالميًا، بالإضافة إلى استعراض أبرز أوضاع مناخ الاستثمار في مصر، والتحديات التي تواجه هذا القطاع، والجهود المبذولة لزيادة تدفقات الاستثمار الأجنبي المباشر.وخلال مناقشات الورشة، أشاد الدكتور مصطفى محرم، رئيس مجلس إدارة شركة “محرم وشركاه” للسياسات العامة، بالجلسات الحوارية التي يستضيفها مركز المعلومات؛ للاستماع إلى مختلف الآراء والأفكار بما يكفل النهوض بالأداء الاقتصادي، موضحًا أن هناك ضرورة لاستمرار العمل على تحسين ترتيب مصر بالمؤشرات الدولية ذات الصلة بالاستثمار، مقترحًا إنشاء مجلس أعلى للسياسات بمشاركة القطاع الخاص ليضمن استقرار السياسات مع تغير القيادات الإدارية، ومطالبًا بمراجعة كافة التشريعات الضريبية لتحقيق مبدأ التنافسية الضريبية.
وفي السياق نفسه، أكد محمود خطاب، رئيس مجلس إدارة شركة “بي. تك”، ضرورة الحرص على الاتساق بين القرارات الإدارية المنظمة للأنشطة التجارية والاستثمارية، ومواجهة تعدد الجهات الإشرافية والرقابية، وزيادة تيسير الإجراءات الضريبية لدفع حركة الأعمال.
وفيما أشار الدكتور باسم فايق، الشريك بمجموعة BCG، إلى أهمية استمرار جهود تذليل العقبات التي تواجه المستثمرين المحليين، بما ينعكس على جهود جذب المستثمرين الأجانب، أكد بهجت فريد، مساعد رئيس مجلس إدارة شركة “النساجون الشرقيون”، أن ارتفاع تكاليف الإنتاج على المستثمرين المحليين أصبح من أكبر العقبات التي تواجه عملية الإنتاج في الوقت الحالي بسبب ارتفاع أسعار مستلزمات التصنيع، مطالبًا بعقد ورش عمل مشتركة بين المستثمرين والهيئات الحكومية المختلفة ذات الصلة بجوانب الاستثمار والصناعة، لتوضيح جوانب التشريعات المقررة لتجنب اختلاف تطبيقها من جهة إدارية لأخرى.
كما طالبت الدكتورة هالة عرندة، رئيس قطاع السياسات العامة والعلاقات الحكومية بشركة “أمازون – مصر”، بوجود آلية تكفل استمرار الحوار بين المستثمر والحكومة والبرلمان لضمان خروج القوانين المختلفة بعد الاستماع لممثلي مجتمع الأعمال، بجانب أهمية مشاركة المستثمرين في صياغة السياسات العامة.
في حين، اقترحت مروة محجوب، خبير تنمية القطاع الخاص بمؤسسة التمويل الدولية بمجموعة البنك الدولي، وضع خطة تنفيذية بمدى زمني وتكليفات محددة في القطاعات الإنتاجية الواعدة في مصر، مثل: الصناعات الغذائية والسيارات، مع تحديد المسؤوليات بين الجهات الحكومية والمستثمرين.
وخلال المناقشات، أشار هاني توفيق، الخبير الاقتصادي، إلى ضرورة استمرار جهود خفض الدين العام، مع أهمية مواصلة اتخاذ إجراءات شاملة لتحقيق التنافسية الضريبية لمصر إقليميًا، والعمل على رفع ترتيب مصر وفق تقارير مؤشر التنافسية العالمية، على غرار ارتفاع ترتيب مصر في مؤشرات البنية التحتية، داعيا إلى إعادة النظر في منظومة تسعير الطاقة للمصانع بما يُسهم في زيادة تنافسية صادراتها، واتخاذ إجراءات أشمل لمواجهة أوجه البيروقراطية الإدارية ودعم الشراكة الفعالة مع المستثمرين الاستراتيجيين.
وطرحت الدكتورة ريهام الدسوقي، الخبير والاستشاري الاقتصادي، مجموعة من المقترحات لزيادة جذب استثمارات الصناعات الثقيلة إلى مصر، خاصة في ظل لجوء الكثير منها إلى البحث عن مناطق استثمارية أخرى بعيدًا عن منطقة الأزمات، مؤكدة على أن ذلك الأمر يتطلب زيادة الحوافز الاستثمارية، مع أهمية الاعتماد على نظام المناطق الحرة لزيادة جذب الاستثمارات لقدرتها على توفير إعفاءات ضريبية كبرى للمستثمرين.
وأكد النائب معتز محمود، رئيس لجنة الصناعة بمجلس النواب، أن الحفاظ على استقرار السياسات النقدية والمالية يساعد المستثمر على تعظيم العوائد من أنشطته، مضيفًا أن تشجيع الاستثمار يتطلب توجيه حزمة من الحوافز الضريبية خاصة بالنسبة للصناعات القائمة على الخامات المتواجدة محليًا، مقترحا دراسة وضع قانون جديد موحد للاستثمار يكفل للدولة مواجهة آثار البيروقراطية.
وطالب النائب أكمل نجاتي، أمين سر اللجنة الاقتصادية والمالية بمجلس الشيوخ، بالتوسع في الإعفاءات الممنوحة للكيانات الإنتاجية من تطبيق قانون الضريبة العقارية، وإشراك القطاع الخاص في حوار شامل حول السياسات الضريبية المستقبلية.
كما أشار النائب أحمد أبو الدهب، عضو اللجنة الاقتصادية بمجلس الشيوخ، إلى أهمية السياسات المالية والنقدية في دعم جهود جذب المزيد من الاستثمارات؛ سواء المحلية أو الأجنبية.
كما عبر الدكتور محمد حجازي، استشاري تشريعات التحول الرقمي والرئيس السابق للجنة التشريعات والقوانين بوزارة الاتصالات، عن رأيه في ضرورة استطلاع رأي مجتمع الأعمال حول القوانين المختلفة قبل صدورها، مشيرًا إلى أهمية القيام بتجارب قياس الأثر التشريعي لأي قانون صادر.
وقالت الدكتورة فاطمة صفوت، رئيس قطاع السياسات العامة بالهيئة العامة للاستثمار، إن الهيئة تعمل وفق خطة محددة لتوحيد جهات التراخيص وتوفير الأراضي الصناعية المرفقة واستحداث آليات جديدة لترويج الاستثمار، مشيرة إلى أن الهيئة تتواصل مع الشركات التي تقوم بالتخارج من مختلف الأسواق العالمية على إثر الأزمة العالمية الحالية، والترويج للفرص الاستثمارية المتاحة بمصر، لافتة إلى أن الهيئة تسعى إلى إتمام مشروع لميكنة الإجراءات لتسهيل بدء أنشطة المستثمرين والقضاء على البيروقراطية، وحل منازعات الاستثمار عبر جهة واحدة وبقواعد واضحة وميسرة، وتوسيع قاعدة المشروعات الاستراتيجية المستفيدة من الرخصة الذهبية بما يكفل لها بدء النشاط خلال أيام، مؤكدة، في الوقت نفسه، أن الهيئة تستهدف تنفيذ عدد من الإصلاحات التشريعية لإتاحة الفرصة لأي مشروع يحقق قيمة مضافة للدولة من حيث حجم الاستثمارات والصادرات والعمالة، للعمل بنظام المناطق الحرة الخاصة التي تكفل تقديم إعفاءات ضريبية وجمركية كبيرة، ومشددة على أن الهيئة على تواصل مستمر مع المحافظات لوضع قاعدة بيانات بالفرص الاستثمارية المتاحة، بما يخدم أهداف وضع خريطة استثمارية متكاملة.
كما أكد حازم صبري، الاستشاري الاقتصادي بهيئة التنمية الصناعية، أن هناك خطة موضوعة بالهيئة لتيسير مختلف إجراءات الاستثمار، كما أنه تم اتخاذ خطوات سريعة وجدية في ذلك الإطار، مضيفًا أن الحصول على الرخصة الصناعية بنظام الإخطار أصبح لا يستغرق سوى 7 أيام، وأن الهيئة تسعى لإدارة المناطق الصناعية بالتعاون مع خبرات المطورين الصناعيين، مع طرح العديد من الفرص الاستثمارية على الخريطة الصناعية والأراضي بتسهيلات كبرى، مشيرًا إلى أنه جارٍ الاتفاق مع مجموعة من المكاتب الاستشارية على مستوى جميع المحافظات لتسهيل دورة الاعتمادات بين المستثمر والهيئة.
وأكد المستشار المعتز بالله علي، مدير وحدة التقديرات وإدارة الأزمات بالتمثيل التجاري، على أن الإصلاحات التي شهدها قطاع الطاقة نجحت في جذب العديد من الاستثمارات الهندية، من بينها شركة “رينيو باور” الهندية، التي قامت بتوقيع تعاقد مع الحكومة المصرية خلال قمة المناخ في مجال إنتاج الطاقة المتجددة، مشيرًا إلى توافر العديد من الفرص الاستثمارية في العديد من المجالات، من بينها مجال “الحوسبة السحابية”، مضيفًا أن هناك فرصًا جيدة لزيادة حجم الاستثمارات الأجنبية المباشرة في مصر، بالنظر إلى تجارب إقليمية وأفريقية استطاعت مضاعفة حجم الاستثمارات المباشرة في فترات زمنية قصيرة.
فيما أكد الدكتور مغاوري شلبي، رئيس المجموعة الاقتصادية بمكتب وزير التجارة والصناعة، أن هناك رؤى مقترحة لتنمية الاستثمار المحلي والأجنبي، من بينها ضرورة وجود حوافز استثمارية انتقائية لمشروعات بعينها، مثل المنتجات التكنولوجية والسلع الغذائية والدوائية، بجانب منح حوافز للمستثمرين في مجال التنمية الريفية وقرى الصعيد.
وأكد حسام ضياء الدين، كبير أخصائي الإدارة المالية وممارسات الحوكمة العالمية، أن نسبة الضرائب المفروضة على الدخل في مصر تعد من النسب الأقل عالميًا، مشيرًا في الوقت نفسه إلى أهمية الإصلاحات في منظومة التحصيل الضريبي في إزالة العقبات أمام المستثمرين.
ونوّه محمد يحيى، كبير أخصائي الإدارة المالية وممارسات الحوكمة العالمية، إلى أن بعض الدول تفرض مستويات عالية من الضرائب مقارنة بمنافسيها ولكنها جاذبة للاستثمار الأجنبي في الوقت ذاته، مضيفًا أن المستثمر قد يقبل بضرائب مرتفعة مقابل مناخ استثماري واقتصادي مستقر يسهل التوقع بمستقبل النمو خلاله.
تجدر الإشارة إلى أن مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار قد أطلق سلسلة من ورش العمل في 2 فبراير الجاري، بهدف الاستماع إلى كافة الآراء والأفكار لمواجهة التحديات الاقتصادية العالمية، وقام بتنظيم 9 ورش عمل حتى الآن من مجمل 20 ورشة عمل مخططة في إطار ذلك المشروع، انتهت إلى وضع توصيات في مجالات آفاق النمو الاقتصادي، وأمن الطاقة، والأمن الغذائي، وسلاسل الإمداد، والزراعة، والصناعة، والاستثمار، والتنمية المستدامة، وسبل تعزيز الموارد من النقد الأجنبي، وذلك تنفيذًا لتكليفات الدكتور مصطفى مدبولي، رئيس مجلس الوزراء.