صورة مشرقة ومحفزة تلك التي يرسمها المسح الأخير لتنمية الشباب 2019 في السعودية، فالعدد كما هو معروف يتجاوز ثلث المجتمع، أما التوجهات فتأتي في مجملها على وعي بأدوات العصر الحديث وضروراته من جهة الادخار واختيار العمل المرضي، وصولا إلى إتقان المهارات اللازمة لاتخاذ القرار داخل الأسرة.
فرغم هذا الكم اللافت من الشباب كمكون أساسي في الأسرة السعودية، ورغم ما يعرف عن الشباب من ميل واضح إلى الاستهلاك وعدم الأخذ برأي الأكبر سنا، إلا أن نتائج المسح السعودي أتت مغايرة، حيث الادخار بين الشباب وصل إلى ما يزيد على 44 في المائة، ونحو 38 في المائة منهم يشاركون في صنع القرار داخل الأسرة، مستعينين بـ”أحد الوالدين” كأكبر نسبة لمن يرجع إليه الشباب فيما يتعلق بالمشورة، حين يتعلق الأمر بموضوعاتهم الخاصة.
ترابط أسري يقابله دعم مؤسساتي حكومي من جهة تمويل أعمال الشباب الخاصة، تجاوزت نسبته 55 في المائة من المستفيدين. أما نسبة الرضا الوظيفي لدى الشباب فقد بلغت ما يفوق 23 في المائة، وهي نسبة تعد جيدة، وفي الوجهة الصحيحة إلى حد ما، مقارنة بالمستويات العالمية.
كما أن نسب مشاركة الشباب السعودي في مواقع شبكات التواصل الاجتماعي والوعي بحجم تأثيرها كانت لافتة بدورها. إلا أن النظر إليها من خلال الصورة الكاملة لهذا المسح وما أثبته من مشاركة مالية واجتماعية وشخصية فاعلة للشباب داخل أسرهم على مستوى النصيحة والقرار يحفظ التوازن والمساحة الآمنة بين التأثر والتأثير، لتكون هذه الوسائل أدوات بناء وتنمية، لا حشد ولا هدم، كما يريد لها الأعداء.
ولأن قوة وأمن أي مجتمع يتوقفان على تفكير شبابه السليم وخلقهم القويم، فإن هذه النتائج تبشر بتوجهات إيجابية لوقود هذا المجتمع وطاقاته المحركة والكامنة، ما يدعو إلى الثقة أكثر وأكثر بما ارتسمته منذ البدء “رؤية 2030″، التي راهنت ولا تزال على الشباب قلبا وقالبا لتحقيق الطموح والمعالي، ودائما بإلهام وتحفيز من قبل عرابها ولي العهد محمد بن سلمان