يتمثل أحد أهداف رؤية 2030 في تحويل المملكة إلى قوة صناعية رائدة ومركز لوجستي عالمي، وفي سبيل ذلك، وضعت وزارة النقل والخدمات اللوجستية استراتيجيةً طموحةً تهدف إلى تطوير قطاع النقل والخدمات اللوجستية في البلاد خاصةُ في ظل زيادة الطلب العالمي على الخدمات اللوجستية.
منذ ذلك الحين، شهد القطاع نموًا وتقدمًا غير مسبوقين، الأمر الذي ترك بصماته الواضحة على صناعة الخدمات اللوجستية العالمية، وقد تكللت الجهود المستمرة لوزارة النقل والخدمات اللوجستية في مركز المملكة على مؤشر الأداء اللوجستي 2023 (LPI) الذي أصدره البنك الدولي مؤخرًا، حيث أحرزت المملكة العربية السعودية تقدمًا كبيرًا متقدمةً بـ 17 مرتبة لتصل إلى المركز 38، بعدما كانت في المرتبة الـ55 عام 2018.
في عام 2021، أطلق صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان ولي العهد رئيس مجلس الوزراء، الاستراتيجية الوطنية للنقل والخدمات اللوجستية (NTLS) بهدف تعزيز القدرات البشرية والتقنية في قطاع النقل والخدمات اللوجستية في المملكة. وكان قبل ذلك، قد تم إطلاق البرنامج الوطني للتنمية الصناعية والخدمات اللوجستية (NIDLP) عام 2019 لتمكين القدرات الصناعية واللوجستية للبلاد والتقدم بها لتكون من الرواد العالميين في هذه الصناعة.
وتتضمن الاستراتيجية مبادرات وبرامج تهدف إلى تعزيز مكانة المملكة كمركز لوجستي عالمي يربط ثلاث قارات. واستثمار موقعها الجغرافي الذي يربط بين أوروبا وآسيا وإفريقيا، حيث تتمتع البلاد بموقع استثنائي يؤهلها لتكون بوابة كبرى تسهل التجارة وحركة البضائع عبر القارات، إذ تقع المملكة على طريق التجارة بين آسيا وأوروبا، وتحوز اليوم بالفعل على 12٪ من تجارة الحاويات العالمية سنويًا.
لقد خطت المملكة العربية السعودية خطوات واسعة في سبيل تنويع اقتصادها بعيدًا عن النفط، وبدأت بالفعل ببناء نظام بيئي أكثر شمولية واستدامة، ويساهم قطاع الخدمات اللوجستية حاليًا بنسبة 6٪ من الناتج المحلي الإجمالي للمملكة العربية السعودية، كما من المتوقع أن يساهم بنسبة 10٪ بحلول عام 2030، وهو ما يعادل حوالي 20.1 مليار ريال سعودي.
إلى جانب ذلك، تتجه المملكة لتدشين 59 منطقة لوجستية بحلول عام 2030، يعمل منها اليوم 21 منطقة. كما افتتحت الدولة أول منطقة لوجستية متكاملة خاصة بها في مطار الملك خالد الدولي في الرياض كجزء من خططها لزيادة سعة الشحن وتعزيز سلاسل التوريد. وتأتي هذه الإجراءات في سياق استراتيجية تطوير البنية التحتية في المملكة العربية السعودية والتي ستساعد في دفع نمو الأعمال التجارية، وجذب الاستثمارات الداخلية والخارجية وزيادة الإيرادات غير النفطية للقطاع إلى حوالي 45 مليار ريال سنويًا بحلول عام 2030.
وإضافةً إلى كل ما تقدم، أطلق صاحب السمو الملكي محمد بن سلمان ولي العهد رئيس مجلس الوزراء، في أكتوبر 2022، مبادرة مرونة سلاسل التوريد العالمية (GSCRI) التي تعتبر عصب التجارة العالمية والمحور الرئيس في نمو الاقتصاد العالمي، وذلك بقصد جذب الاستثمارات إلى قطاع سلاسل التوريد، من وإلى المملكة، وتحقيق 40 مليار ريال (10.64 مليار دولار) مبدئياً. مع الإشارة إلى أن المبادرة ستخصص نحو 10 مليارات ريال كحوافز لمستثمري سلاسل التوريد.
أخيراً، إن المملكة تسارع الخطى نحو آفاق جديدة كلياً في عالم الخدمات اللوجستية، حيث خصصت إمكانياتها الجبارة من شبكات طرق وسكك حديدية مع الطيران والموانئ البحرية في سبيل ذلك، وهي مستمرة في تطوير بنيتها التحتية بوصفها اقتصاداً من أكبر اقتصادات العالم والدولة الأكبر والأكثر اكتظاظًا بالسكان في دول مجلس التعاون الخليجي، حيث يتوقع أن توفر تلك الإجراءات أكثر من 200 ألف فرصة عمل في قطاع الخدمات اللوجستية بحلول عام 2030.