سلط تقرير لموقع (مينت) الهندي الضوء على العلاقات الثنائية طويلة الأمد بين الهند ومصر وما يربط بينهما من تبادلات تاريخية وثقافية ودبلوماسية مشتركة، وذلك بالتزامن مع زيارة رئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي إلى مصر والتي تستمر لمدة يومين.
وذكر التقرير أن الهند ومصر ترتبطان بعلاقة دبلوماسية مهمة منذ القرن الثالث قبل الميلاد، فخلال تلك الحقبة أرسل الإمبراطور الهندي أشوكا، مبعوثيه إلى بلاط الحاكم المصري بطليموس الثاني فيلادلفوس، وأرسل الملك المصري -في لفتة متبادلة- سفيره المسمى ديونيسيوس إلى البلاط المورياني في مدينة باتليبوترا الهندية.
ويمثل هذا الحادث المسجل أول تفاعل معروف بين الحضارتين القديمتين، ويضع الأساس للمشاركة الدبلوماسية بين الهند ومصر، وكذلك يسلط الضوء على العلاقات التاريخية بعيدة المدى التي استمرت عبر العصور.
وفي خطاب بارز، أشار السفير الهندي في مصر، أجيت جوبتيه، إلى الطبيعة الدائمة للروابط البحرية بين الهند ومصر، وشدد على أن هذه الروابط قد تجاوزت الزمن، وامتدت عبر القرون وتركت بصمة لا تمحى في تاريخهما المشترك.
وأضاف التقرير أنه لا يزال الالتزام المشترك بين البلدين يتردد صداه مع الصفقات والعلاقات الحالية بين الهند ومصر؛ إذ تشترك الدولتان في قيم وتطلعات متشابهة ومساعيهما المشتركة لانتهاج سياسات خارجية مستقلة في عالم متعدد الأقطاب يظل جانبا مهما وفريدا من روايتهما التاريخية.
علاوة على ذلك، فإن الرابطة العزيزة بين الزعيم الهندي غاندي والزعيم المصري سعد زغلول لا تزال متجذرة بعمق في الذاكرة الجماعية للشعب المصري.
وأكد السفير الهندي -في هذا السياق- الرغبة الحقيقية للشعب المصري في تعزيز العلاقات الوثيقة مع الهند، بسبب تقاربهما القوي بالثقافة الهندية والقيم الأسرية الراسخة.
وأشار التقرير إلى أن الأمر الذي يضيف أهمية أكبر لهذه الزيارة هو الترميم الرائع لمسجد الحكيم، إذ يُعد مسجد الحكيم -بإرثه الذي يعود إلى قرون- منارة تحظى بأهمية دينية وتاريخية تُظهر اختلاط الثقافتين الهندية والمصرية. وعلاوة على ذلك، فإن زيارة مقبرة الحرب في هليوبوليس تأتي تكريما للجنود الهنود الذين قدموا تضحيات عظيمة خلال الحرب العالمية الأولى، وتعزز الروابط التاريخية بين البلدين.
وفيما يتعلق بالشراكة بين البلدين فقد نوه التقرير الهندي بوجود مستوى تحالف استراتيجي يشمل مجالات مهمة مثل التعاون السياسي والتعاون الدفاعي والأمن البحري والأمن الغذائي والتكامل الاقتصادي والجهود المتضافرة في الشؤون العالمية، وتؤكد أقدمية التعاون في هذه الأوجه المتعددة، الأهمية الأساسية التي توليها الدولتان في تشكيل ورعاية العلاقات الثنائية بينهما.
وشهدت التبادلات الدبلوماسية خلال الأشهر القليلة الماضية، زيادة في التبادلات السياسية على المستوى الوزاري بين الهند ومصر. وتجدر الإشارة إلى أن رئيسي وزراء البلدين قد زارا بعضهما البعض، مما أظهر التركيز المكثف على تعزيز مختلف جوانب العلاقة الثنائية.
وفي جانب آخر، يقف عالم الهيدروجين الأخضر والسياحة كأرضية خصبة لتعزيز النمو الكبير والازدهار المتبادل، فالاستثمارات الهندية في هذه المجالات، تمتلك إمكانات هائلة، وتوفر سبلا للابتكار والاستدامة والحيوية الاقتصادية.. ومن خلال المغامرة في عالم الهيدروجين الأخضر، يمكننا قيادة التحول نحو مستقبل طاقة أنظف وأكثر استدامة ، بينما يتمتع قطاع السياحة بإمكانيات هائلة للتبادل الثقافي والتحفيز الاقتصادي وتعميق العلاقات بين الناس. ويحمل تلاقي الطموحات في هذه المجالات القوة لفتح آفاق جديدة للنمو والازدهار والتعاون الثنائي.
وحول حرص الهند على زيادة الاستثمار في مصر، فقد وصلت التجارة الثنائية بين البلدين إلى ذروة غير مسبوقة، حيث ارتفعت إلى 7.26 مليار دولار خلال السنة المالية المنتهية في يونيو 2022.. وأعرب زعيما البلدان عن التزامهما بزيادة حجم التجارة.. وحددا هدف 12 مليار دولار في غضون السنوات الخمس القادمة.
ويدل هذا الطموح على التصميم الراسخ على تقوية الروابط الاقتصادية، وتعزيز الرخاء المتبادل ، وفتح حقبة جديدة من التعاون المثمر. وكان لهذا الوجود الكبير للشركات الهندية في مصر تأثير إيجابي على الاقتصاد المحلي ، حيث وفر فرص عمل مربحة لقوة عاملة جديرة بالثناء تضم ما يقرب من 35ألف مصري. وتؤكد هذه الأرقام على عمق العلاقات الاقتصادية والمساهمة الكبيرة للشركات الهندية في نمو مصر وتنميتها.
ويحمل الاجتماع بين زعيمي الدولتين في طياته أهمية كبيرة لأنه يوفر فرصة لمعالجة المخاوف على المستوى الثنائي وفي السياق الأوسع لمجموعة العشرين، حيث تمت دعوة مصر كدولة ضيف في ظل رئاسة الهند لمجموعة العشرين. ويمهد هذا التقارب في المصالح الطريق للجهود الرامية إلى معالجة المشاكل المشتركة وتعزيز النمو المتبادل.
وتمثل زيارة الدولة التي قام بها رئيس الوزراء مودي إلى مصر علامة بارزة في العلاقات الثنائية المتنامية بين الهند ومصر. فهذه الزيارة هي لفتة متبادلة وتسلط الضوء على الالتزام بتعميق العلاقات. كما تتضمن زيارات مودي إلى المواقع التاريخية والثقافية المصرية مثل مسجد الحكيم، عرض التراث المشترك بين الهند ومصر.
واختتم التقرير الهندي بالقول، إنه مع استمرار الهند ومصر في تعزيز علاقتهما تصبح إمكانية تحقيق المزيد من النمو والتنويع واعدة بشكل متزايد مما يعزز الرخاء والتعاون المتبادلين في السنوات القادمة.. بشكل عام، وتمهد زيارة رئيس الوزراء مودي الطريق لتعزيز التعاون والتبادل الثقافي والازدهار المتبادل بين البلدين.