يناقش اختصاصي أمراض الكبد في مستشفى كليفلاند كلينك الأعراض الشائعة والعلاجات المتوفرة إضافة إلى الأضرار التي يمكن أن تلحق بالكبد نتيجة الإصابة بفيروسات التهاب الكبد (B) و(C)
شدّد خبير طبي من مستشفى كليفلاند كلينك، نظام الرعاية الصحية العالمي، على أهمية التزام الأفراد بإجراء الفحوصات اللازمة للكشف عن مرض التهاب الكبد الوبائي (C) لمرة واحدة على الأقل في حياتهم، إضافة إلى أخذ اللقاحات المضادة لالتهاب الكبد الوبائي (A) و(B)، مشيراً إلى أن فيروسات التهاب الكبد تُعد السبب الرئيسي السابع للوفاة في جميع أنحاء العالم.
ووفقاً لمنظمة الصحة العالمية، التي حددت هدفاً عالمياً يتمثل في القضاء على التهاب الكبد الفيروسي كمشكلة صحية عامة بحلول عام 2030، فإن التهابات الكبد تتسب سنوياً في وفاة أكثر من مليون شخص حول العالم مع تسجيل عدوى مزمنة جديدة كل 10 ثوانٍ. ويمكن أن تتسبب عشرات الفيروسات في الإصابة بالتهاب الكبد، ويتم تسمية الأنواع الخمسة الأكثر شيوعاً من A إلى E. وأكثر نوعين مثيرين للقلق هما التهاب الكبد (B) و(C) واللذين ينتقلان عن طريق الدم، وهما السببان الأكثر شيوعاً للإصابة بتليف الكبد وسرطان الكبد والوفيات المرتبطة بالتهاب الكبد الفيروسي.
وبالتزامن مع اليوم العالمي لالتهاب الكبد الذي يصادف 28 يوليو، أوضح الدكتور ويليام كيري، الرئيس المؤقت لقسم أمراض الكبد في مستشفى كليفلاند كلينيك أن التهابا الكبد (B) و(C) يشتركان في العديد من السمات المتشابهة، ولكن هناك أيضاً بعض الاختلافات المهمة.
وقال الدكتور كيري: “بالنسبة لأوجه التشابه، فإن كلا الفيروسان متخفيين، ما يعني أنه في معظم الأوقات لا تظهر أعراض فورية عند الإصابة. وهذا ينطبق بشكل خاص على التهاب الكبد (C). وفي مجموعة محدودة من حالات التهاب الكبد (B) قد تكون هناك أعراض خفيفة نسبياً مثل التعب. أما في حالة الإصابة بالتهاب الكبد (B) المكتسب لدى البالغين، قد تظهر أعراض أكثر شدة، بما في ذلك اليرقان وحتى فشل الكبد”.
ولفت إلى أنه بسبب غياب الأعراض في معظم الحالات، فإن العديد من المرضى يعانون من الفيروس لسنوات أو حتى عقود قبل اكتشافه مع ظهور أعراض تشير إلى تضرر الكبد، وتطور المرض إلى مراحل متقدمة في بعض الأحيان.
وأضاف الدكتور كيري بأن الفرق بين التهاب الكبد (B) و(C) هو أن هناك لقاحاً عالي الفعالية للوقاية من التهاب الكبد (B) ولا يوجد حتى الآن لقاح لالتهاب الكبد (C). بالإضافة إلى ذلك، يمكن أن يُشفى المريض تماماً من التهاب الكبد (C)، في حين يمكن فقط إيقاف تطور فيروس التهاب الكبد (B) وتثبيطه. ويُعد تثبيط التهاب الكبد (B) كافٍ لمنع تضرر الكبد بصورة أكبر أو انتقال الفيروس إلى الآخرين، ولكن نظراً لأن الفيروس يظل كامناً في خلايا الكبد، فقد يستعيد نشاطه في ظل ظروف معينة، مثل تناول بعض الأدوية التي تثبط أجزاء معينة من الجهاز المناعي.
ونوّه الدكتور إلى أن الغالبية العظمى من حالات عدوى التهاب الكبد (B) تحدث عند الولادة، وتنتقل من الأم إلى الطفل. ولحسن الحظ، تمتلك معظم البلدان الآن برامج لتحديد النساء الحوامل المصابات بالتهاب الكبد (B) واستراتيجيات عالية الفعالية لمنع انتقال العدوى من الأم إلى الأطفال. وعادة ما يتم إعطاء الأمهات اللائي لديهن حمولة فيروسية عالية جداً دواء لتقليل الحمولة الفيروسية، ما يقلل من فرصة إصابة الطفل بالعدوى.
ولخّص الدكتور كيري الاستراتيجيات التي تتبعها منظومات الرعاية الصحية حول العالم لتحقيق هدف منظمة الصحة العالمية المتمثل في القضاء على التهاب الكبد الفيروسي كمشكلة صحية عامة بحلول عام 2030، قائلاً: “للقضاء على مرض التهاب الكبد (B)، نحتاج إلى اتباع استراتيجية ثلاثية الأبعاد تتمثل بتقديم اللقاحات، ومنع انتقال الفيروس من الأمهات إلى الأطفال، وبالنسبة لأولئك المصابين مسبقاً بالفيروس، يجب العمل على تثبيط نشاط الفيروس عن طريق الأدوية. وبالنسبة لالتهاب الكبد (C)، نحتاج إلى إخضاع الأفراد للفحوصات اللازمة والعمل على معالجة من تثبت إصابتهم بالمرض”.
وأكد الدكتور كيري على أن اليوم العالمي لالتهاب الكبد يمثل فرصة لزيادة الوعي بين أفراد المجتمعات بأنه يتوفر حالياً علاج آمن وفعال للغاية لالتهاب الكبد (C). ورغم أن العلاج مكلف نسبياً، إلا أنه ليس له آثار جانبية كبيرة ويعمل مع جميع الأنماط الجينية لمرض الكبد (C) والموجودة في جميع أنحاء العالم. وبأخذ هذه الحقائق بعين الاعتبار، يجب على جميع الأفراد إجراء الفحوصات اللازمة للكشف عن التهاب الكبد مرة واحدة على الأقل في حياتهم حتى يتسنى لمقدمي الرعاية الصحية معالجة العدوى على الفور، ومنع الفيروس من إلحاق أضرار بالغة بالكبد.
تحذيرات إضافية
وبالنظر إلى حقيقة أن فيروسات التهاب الكبد (B) و(C) تنتقل بين الأفراد عبر سوائل الجسم، وخاصة الدم، يوصي الدكتور كيري العاملين في مجال الرعاية الصحية والأفراد المنخرطين في مجالات تزيد من خطر الإصابة بالعدوى بالتحدث إلى الأطباء المختصين ومعرفة مدى الحاجة إلى إجراء الفحوصات اللازمة على نحو منتظم.
وتابع الدكتور كيري: “عند ثبوت إصابة الشخص بأحد أنواع التهاب الكبد الفيروسي، فسيحتاج إلى إجراء المزيد من الفحوصات لتقييم ومعرفة مستوى الضرر والتندب في الكبد، ويمكن القيام بذلك من خلال اختبارات دم بسيطة وفحوصات أخرى غير جراحية. وفي حال أظهرت الفحوصات وجود أضرار وتندبات في الكبد مثل تليف الكبد، فسوف يحتاج المريض للخضوع لبرنامج علاجي إضافة إلى إجراء الفحوصات بانتظام للكشف عن سرطان الكبد”.
واختتم الدكتور كيري: “من المثير للاهتمام، أنه في كثير من الحالات التي يتم فيها علاج الأشخاص الذين أصيبوا بتليف الكبد من مرض التهاب الكبد، فإن تليف الكبد لديهم يزول أيضاً، رغم استمرارية خطر الإصابة بسرطان الكبد”.