تعود بداية استخدامنا لعبوات التغليف ذات الاستخدام الواحد إلى ستينيات القرن الماضي، الفترة التي وصل فيها الإنسان إلى الفضاء، إذ بدأ خلالها البلاستيك بالظهور في كل مكان وكانت معرفتنا بآثاره الجسيمة على البيئة محدوة للغاية.
وكان الاعتقاد السائد وراء اعتمادنا على التغليف البلاسيتيكي بأنه خيار مريح ومنخفض التكلفة، لكنه في نفس الوقت لم يكن جيداً على البيئة والكوكب.
وبالطبع، فقد اتضح لنا منذ تلك الأيام أن تزايد البلاستيك الذي يصل إلى البيئة بصورة نفايات يعني أثراً أسوأ على العالم بأكمله، نظراً لعدم تحلله حيوياً، الأمر الذي يسبب في نفوق الكثير من الحيوانات التي تتناوله أو تعلق بداخله، إلى جانب دخوله إلى سلسلة الغذاء وبالتالي قد نتناوله مع طعامنا دون أن ندري.
وللتقليل من تلك الأضرار الجسيمة، هناك حلول شتى تُطبق عبر بعض ممارسات الاستدامة مثل استعمال عبوات التغليف القابلة لإعادة الاستخدام، والتي يجب علينا أن ندعمها بكافة الوسائل. وفي هذا الخصوص، يمكننا سرد بعض الخطوات التي يمكن لمالكي المطاعم اتخاذها في سبيل الإسهام المباشر والفعلي في حل تلك المشكلة.
- تحديد الحلول المستدامة والقابلة للتطبيق في تغليف الطعام
إن الجانب المشرق هنا هو أنه بوسع مالكي المطاعم تجربة العديد من خيارات التغليف والعبوات المستدامة، ومنها خيارات تقليدية كالورق والكرتون، والتي تعد ذات تكلفة معقولة وقابلة لإعادة التدوير. ولكن يمكن للأمر أن يصبح أكثر تعقيداً عند إضافة مواد مقاومة للماء، وبالتالي فلا بد من التواصل مع المنشآت المحلية لإعادة التدوير.
وبالطبع فإن الورق ليس الحل المناسب لكافة المتطلبات، وبالتالي فإن المسار البديل (والأفضل بكثير) هو التشجيع على إعادة الاستخدام، وهو مسار أثبت نجاحه باستمرار كما رأينا في التقليد المتبع لدى الهنود في استخدام العبوات المعدنية التي أتاحت إمكانية تكرار استخدامها منذ مئات السنين.
وتجدر الإشارة إلى أنه في حال اعتياد ثقافة ما على استعمال العبوات المعدّة للاستخدام مرة واحدة، فقد يكون من الصعب التخلي عنها، إلا أن الأمر غير مستحيل.
- فكر باستخدام التصاميم الحالية مع إضافة مواد أكثر ملاءمة للبيئة
لا شك بأننا لاحظنا زيادة الاعتماد على أكواب القهوة القابلة لإعادة الاستخدام، والتي تلاقي إقبالاً هائلاً بعد أن كانت في غالبيتها من البلاستيك. ولكن الجدير بالذكر هنا هو أنه هناك الكثير من المواد أخرى التي يجب أخذها بعين الاعتبار في الوقت الحالي. فعلى سبيل المثال، إن استعمال الأكواب المخصصة لإعادة الاستخدام والمصنوعة من مواد مستدامة مثل خشب الخيزران، يعد مناسباً جداً لحماية البيئة، بالإضافة إلى زيادة استخدام المستهلكات المصنوعة من البلاستيك النباتي القابل للتحلل في الآونة الأخيرة.
- التقييم المعتمد على التكلفة والاستخدام العملي
هناك مواد صديقة للبيئة يصعب استخدامها نظراً لتكلفتها الباهظة أو عدم ملاءمتها للمهمة المطلوبة، ومنها أكياس اللينين العضوي 100% والتي تناسب البيئة بشكل مثالي، إلا إنها تضيف تكلفة كبيرة إلى عمليات الشركة، إلى جانب كونها غير ملائمة أبداً لتغليف السوائل.
يجب على مالكي المطاعم التفكير بتكلفة التخلص من البلاستيك المعدّ للاستخدام مرة واحدة في حساباتهم المالية، إذ لا يقتصر الأمر على التأثير البيئي فحسب بل ستكلف الشركة مبالغ كبيرة عند تطبيق الأنظمة الأكثر صرامة عاجلاً أم آجلاً. ولهذا فمن الحكمة التصرف فوراً بدلًا من انتظار تطبيق القوانين ومن ثم محاولة مواكبتها خلال فترة وجيزة.
- السعي لعقد الشراكات الحيوية مع مزودي الخيارات المستدامة
ألق نظرة على ما يقوم به المزودون الآخرون في منطقة عملياتك، فهل لديهم أفكار مذهلة تتعلق بعبوات الطعام القابلة لإعادة الاستخدام؟ فربما قد يكون لديهم نظام معيّن للتحفيز على إرجاع العبوات مثلاً، وفي تلك الحالة، تواصل مع أولئك المزودين لمناقشة كيفية بدء عمليات التوصيل المشتركة.
- احرص على الامتثال لمعايير السلامة والجوانب العملية
بالطبع لا بد أن تمتثل أية حلول صديقة للبيئة مع المعايير السارية، ولهذا فإنه عليك الاطلاع على كافة متطلبات الامتثال المحلية لدى تقييم بدائل التغليف والعبوات. ومن غير المفاجئ أن عبوات الطعام يجب أن تكون آمنة، ولكن لا بد من وجود دليل على اختبارها وعدم احتوائها على مواد خطرة.
- احرص على تعريف العملاء والموظفين بالانتقال إلى حلول صديقة للبيئة
التثقيف عملية مهمة لرفع مستوى الوعي بالبيئة والتغير المناخي، وستساعد المعلومات الموجودة على الموقع الإلكتروني للمطعم وفي إعلاناته وصفحاته الناس ليفهموا سبب التغيير الحتمي لتلك الجوانب. كما أن للموظفين دوراً أساسياً هنا وبالتالي يجب أن يعرفوا كل ما يتعلق بالتغيير.
وفي ظل الدور المتزايد للموظفين، فإنه بوسعك كذلك العمل على تقليل النفايات في جوانب العمل الأخرى. فقد أصبح من الشائع أن تعمل المطاعم دون استخدام الورق عبر استخدام الأنظمة الإلكترونية مثل برمجيات الفوترة التي تقلل الحاجة إلى السجلات الورقية، وأنظمة إدارة المطابخ والأجهزة المحمولة لتتبع الطلبات – والتي تقلل الأخطاء والحاجة إلى الورق.
- أعطِ تعليمات واضحة لإعادة التدوير وصنع الأسمدة
وهذا أمر سهل، حيث يمكن للمطاعم وضع التعليمات على جانب العبوة أو أسفلها، كما يمكن أن تطلب من سائقي التوصيل أن يذكروا للعملاء بأن العبوة قابلة لإعادة التدوير أو الاستخدام في صنع الأسمدة العضوية. ولكن انتبه إلى تجنب استخدام النبرة غير مناسبة، فالجميع يعمل معاً في هذا السياق ولا بد من التعاون لتحقيق ما نريد.
- ادرس الخيارات المستدامة الجديدة والمبتكرة باستمرار
من المهم أن تتابع التطورات والمستجدات باستمرار، فالتغيرات متسارعة في عالم المواد الصديقة للبيئة والقابلة لإعادة الاستخدام، وقد تكون هناك بدائل أقل تكلفة يمكنها حماية الكوكب ودعم أرباحك في نفس الوقت.
وبالطبع فإن المواد الجديدة تتطلب عادة وسائل تصنيع جديدة وأنظمة برمجية مختلفة، وقد تكون تلك تكلفة إضافية يتحملها مالكو المطعم. ولكن تذكّر أن العديد من تلك العمليات ستتحول بالتدريج إلى معيار معتمد في القطاع، ما يعني أن سعرها سينخفض، ويعتمد الأمر هنا على التفكير على المدى الطويل.
إعادة التعبئة وإعادة الاستخدام من أجل البيئة
تلعب المواد المستدامة والعبوات القابلة لإعادة التدوير دورًا هائلاً في الابتعاد عن المستهلكات ذات الاستخدام لمرة واحدة، فهي مريحة وتتطلب تغييراً بسيطاً نسبياً في سلوك المستهلكين.
وأفضل حلول تغليف الأطعمة الصديقة للبيئة هي استخدام العبوات القابلة لإعادة الاستخدام، ولكن الأمر سيحتاج إلى بعض الجهد ليفهم المستهلكون تلك العملية، كما قد تلعب الأنظمة المحفزة على إرجاعها دوراً مهماً هنا.
تهدف هذه الممارسات وغيرها إلى تقليل كميات العبوات المستهلكة كأحد الجهود الرامية لمجابهة الأزمة المناخية، كما يمكن للمطاعم المساعدة في إحداث تغيير حقيقي ومؤثر في هذا القطاع.