الدرعية.. مدينة الثقافة والمعرفة.. التاريخ والمستقبل.. مدينة الأجداد والمؤسسين الذين خاضوا ملاحم بطولية لتأسيس الدولة السعودية.. ومقصد الأحفاد والأجيال القادمة باعتبارها إحدى أبرز الوجهات الثقافية والسياحية العالمية في المستقبل القريب.
شهدت “الدرعية”، عاصمة الدولة السعودية الأولى، العديد من التطورات الهائلة خلال الأعوام الماضية بتوجيهات ورعاية خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز آل سعود – حفظه الله- وبمتابعة شخصية من صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان بن عبد العزيز ولي العهد ورئيس مجلس إدارة هيئة تطوير بوابة الدرعية، الأمر الذي أسهم في اختيارها عاصمة للثقافة العربية للعام 2030، انطلاقًا من عراقتها التاريخية ومركزها الحضاري ودورها في العلم والثقافة والتجارة منذُ عدة قرون.
الدرعية .. لؤلوة المملكة
تُعد الدرعية لؤلؤة المملكة ووجهتها السياحية اللامعة، وإحدى المشاريع المميزة التي يجري تطويرها باستمرار لتعزيز مكانتها على خارطة السياحة في المملكة والعالم.. تتميز برمزية خالدة على صعيد الثقافة على المستويين المحلي والإقليمي، بما تمتلكه من تاريخ مشهود ذا إرث حضاري لا يزال حتى اليوم.
تأسست “الدرعية” عام 1446م لتطل برأسها على وادي حنيفة، وتحتضن على ترابها معالم عريقة مثل: منطقة البجيري التاريخية، ومنطقة سمحان، و”حي الطريف” الذي وُصف بأنه من أكبر المدن الطينية في العالم، ومن المعالم السياحية الشامخة غرب مدينة الرياض.
تُشرف على الدرعية أيقونة التاريخ السعودي “هيئة تطوير بوابة الدرعية” التي تأسست عام 2017م، وتعمل الهيئة على تطويرها لاستقبال الزوار مستقبلاً، بالإضافة إلى القيام بمشاريع متعددة أهمها مشروع “بوابة الدرعية” الذي افتتحه خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود – حفظه الله – في شهر نوفمبر من العام 2019م.
بلغت قيمة مشروع الدرعية، وهو أحد المشاريع الكبرى المملوكة لصندوق الاستثمارات العامة، أكثر من 236 مليار ريال سعودي (63 مليار دولار)، لتوفر فرصًا فريدة للسياحة والسكن والعمل والتسوق وتناول الطعام، والاحتفاء بالتراث السعودي الأصيل والثقافة الغنية، بعدما تم تصميمها لتكون معلمًا حضاريًا وتراثيًا مستدامًا، وتركز مبادرات الدرعية على المحافظة على المياه، وكفاءة الطاقة، والصحة، وحماية الثقافة والتراث، والصمود أمام تغير المناخ، حيث يستطيع روادها المشي على أقدامهم بنسبة 100% من مساحتها، مما يعزز صحة السكان.
من المقرر أن تنفق شركة “الدرعية” – المطور الذي يقف وراء خطة طموحة لتحويل المدينة السعودية التاريخية إلى وجهة سياحية مترامية الأطراف -، 10 مليارات دولار على المشروع في العام الحالي 2024م.
الرئيس التنفيذي للمشروع جيري إنزيريلو كشف في لقاءات إعلامية أن هيئة تطوير بوابة الدرعية أنفقت 7.5 مليار دولار في 2023م لبناء البنية التحتية في المشروع الذي تبلغ مساحته 14 كيلومتراً مربعاً، لافتا إلى أن التمويل جاء حتى الآن من الحكومة والمستثمرين الأجانب.
تطوير الدرعية هو واحد من العديد من المشاريع التي تمولها الحكومة السعودية كجزء من جهودها لتصبح نقطة جذب لـ 70 مليون سائح دولي سنوياً بحلول عام 2030.
كشف إنزيريلو أيضا أنه من المقرر إدراج شركة الدرعية في “تداول” بحلول عام 2027م، متوقعا أن تحقق الشركة إيرادات بقيمة 100 مليون دولار في العام المقبل.
تخطط هيئة الدرعية لاستكمال معظم الأصول الرئيسية البالغ عددها 86 أصلا، بما في ذلك الفنادق والمتاحف ومراكز الفنون المسرحية بحلول عام 2030. وسينتهي البناء في ساحة الدرعية، التي من المقرر أن تضم آلاف المنازل، بحلول عام 2027.
ومؤخرً باتت الدرعية أحد أهم المراكز الرئيسية في المنطقة لاستضافة الفعاليات الرياضية والثقافية الكبرى، مثل سباقات فورمولا إي، وكذلك نزال الدرعية التاريخي على لقب الوزن الثقيل في الملاكمة، وكأس الدرعية للتنس الذي كان أول بطولة تنس دولية استضافتها السعودية في ميدان الدرعية، ومهرجان الدرعية للفروسية، والعديد من المناسبات الدولية والإقليمية.
بشاير الدرعية
فعالية “بشاير الدرعية 2023” السنوية التي عقدت في ديسمبر من العام الماضي شهدت عن وضع حجر الأساس لـ 4 فنادق عالمية فاخرة، هي: فندق “الريتز-كارلتون”، وفندق “ذا أدريس”، وفندق “كابيلا”، وفندق “فور سيزونز”. كما تم أيضًا تدشين فندق “باب سمحان”، الذي يعد واحدًا من بين أكثر من 41 فندقًا في الدرعية، ومن المقرّر أن يبدأ استقبال الزوار في العام الجاري 2024م، فضلا عن وضع حجر الأساس لأول ثلاثة فنادق عالمية فاخرة في وادي صفار هي: أمان، أوبروي، وسيكس سينسيز، إضافةً إلى وضع حجر الأساس لنادي الدرعية الملكي للفروسية والبولو.
أعلنت شركة الدرعية أيضا خلال الفعالية السنوية عن اختيار شركة “سنوهيتا” النرويجية المعمارية للتعاون في تصميم دار الأوبرا الملكية في الدرعية، بالتعاون مع الهيئة الملكية لمدينة الرياض، حيث ستُصمّم الدار وفقًا للطراز المعماري النجدي الأصيل، بالإضافة لجملةٍ من التحديثات على تقدّم أعمال السير في المشروع، ضمن خطط “شركة الدرعية” لتحويل الدرعية إلى وجهةٍ سياحيةٍ وثقافيةٍ عالمية.
حي الطريف التاريخي
ولم يعد “حي الطريف” يسكن حدود ذاكرة المجتمع السعودي بل ذاع صيته في العالم بعد تسجيله في قائمة منظمة اليونسكو للتراث العالمي عام 2010م لينضم إلى خمسة مواقع سعودية مسجلة في المنظمة، فهو نافذة تاريخية لزائري الرياض للاطلاع على أطلال الدولة السعودية، والتعرف على أمجادها في واقع يُحاكي ما حدث في زمن الدرعية القديم.
وخلال فترة ازدهار الدرعية كعاصمة للدولة السعودية الأولى كان حي الطريف التاريخي مقراً لحكم الدولة، ويضم الحي حالياً عدداً من المتاحف أبرزها متحف الدرعية الذي يقدم عرضاً لتاريخ وتطور الدولة السعودية الأولى من خلال الأعمال الفنية والرسومات والنماذج والأفلام الوثائقية ومتحف الخيل العربي والمتحف الحربي، وجامع الإمام محمد بن سعود “الجامع الكبير”.
ويتميز حي الطريف بآلاف الأمتار المربعة من المساحات الخضراء، وأشجار النخيل المميزة التي تنتشر على ضفاف وادي حنيفة، وبممرات وأرصفة مصممة بطرق عصرية تساعد على المشي.
حي البجيري التاريخي
يقع على الضفة الأخرى من وادي حنيفة “حي البجيري” التاريخي المعروف تاريخيًا بنشر العلم، ويتميز حالياً بمراكزه التجارية، والمقاهي، وأماكن التنزه المفتوحة، ويخضع الحي حالياً لأعمال تطويريه ضمن مشروع تطويري ضخم يهدف إلى جعل الدرعية أيقونة تاريخية وثقافية وسياحية وأحد أهم أماكن التجمع في العالم.
يحقق مشروع بوابة الدرعية العديد من تطلعات وأهداف رؤية المملكة 2030 الاقتصادية والثقافية والاجتماعية، منها تعزيز وحماية التاريخ والتراث السعودي الحضاري، وتطوير المواهب المحلية في مجال البحوث الأكاديمية والتاريخية والتراثية، وتكريس قيمة الاعتزاز بالتاريخ والتراث الوطني، وزيادة الناتج المحلي الإجمالي وتطوير المحتوى المحلي.
أهداف تتقاطع جميعها مع مستهدفات الإعلان عن يوم التأسيس الذي أضحى مناسبة وطنية عزيزة توضح مدى رسوخ وثبات مؤسسة الحكم ونظام الدولة في السعودية لمدة زادت عن ثلاثة قرون، واستمرار دورها في خدمة القبلتين وضيوف الرحمن، والذي كان أولوية قصوى لأئمة وملوك الدولة السعودية وصولًا إلى خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز آل سعود.. حيث العهد الذي يستحضر فيه السعوديون عظمة الماضي، ويفخرون بما يتحقق في الحاضر، ويرون القفزة الهائلة التي تتحقق نحو المستقبل، بإعادة بناء دعائم وركائز الدولة السعودية وتقوية أركانها التي امتدت رياحها لكل المجالات.