يحتفل العالم في يوم 8 مارس بمناسبة يوم المرأة العالمي، والذي يسلط الضوء على المساهمات الرائعة للمرأة ويمنحها التقدير على إنجازاتها في جميع المجالات والقطاعات. وعلى الرغم من أن المرأة كانت في السابق تتجه تقليدياً إلى شغل الأدوار الثانوية في المجتمع، بما في ذلك مجال الطب، إلا أن الزمن قد تغير وأصبحت النساء يتجهن بأعداد أكبر لدراسة الطب وممارسة هذه المهنة. والجدير بالذكر أن ممارسة الطب تمنح المرأة الفرصة لشغل مناصب قيادية في مجال الرعاية الصحية والطب الأكاديمي، ولكن يمكن أن تواجه المرأة خلال هذه الرحلة تحديات عند محاولتها الوصول إلى مثل هذه المناصب والأدوار القيادية.
تشمل التحديات الشائعة التي تواجهها النساء بشكل عام التصوّر الخاطئ بأنهن لسن قائدات فعّالات، وبالتالي تقل فرصهن بتولّي مناصب قيادية بناءً على وجهة النظر هذه. وحتى وإن تولين مناصب قيادية، قد يتم الحكم على أدائهن ووضعهن كقائدات بمعايير مختلفة بالمقارنة مع الرجال وذلك بناءً على الصور النمطية والتحيزات المتعلقة بشخصية القادة وخصائصها بشكل عام، وهذا يعني أن النساء القادرات إما أن يتم رفضهن من المناصب القيادية أو يُمنعن من توليها.
غالباً ما تجد النساء صعوبة في الحصول على الإرشاد الذي يوسع مهاراتهن القيادية مهنياً ويؤهلهن للأدوار القيادية المرغوبة، الأمر الذي يؤثر سلباً على تقدمهن وتطورهن، إذ عادةً ما تكون مهمة الموجهين هي تقديم التوجيه والمشورة والدعم الكافي لمساعدة المتدربين على التنقل في مساراتهم المهنية وتطوير مهارات جديدة والتغلب على التحديات.
ويمكن التغلب على التحديات التي تواجهها المرأة أثناء سعيها لتولي أدوار قيادية من خلال دعمها وتمكينها. وفي هذا الصدد، أطلقت العديد من البلدان في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، مثل الإمارات العربية المتحدة والمملكة العربية السعودية ومصر، مبادرات مهمة لتمكين المرأة وتعزيز وجودها في شتى القطاعات وتطبيق التنوع والمساواة في مكان العمل.
فعلى سبيل المثال، أنشأت دولة الإمارات العربية المتحدة مجلس التوازن بين الجنسين في عام 2015 لتحقيق قدر أكبر من المساواة بين الجنسين وتمكين دور المرأة. وبالمثل، حدّدت المملكة العربية السعودية رؤية 2030 الطموحة، والتي يتمثل أحد أهدافها في زيادة وجود المرأة ضمن القوى العاملة، ما يسمح لها بتولي مناصب قيادية. كما وتركز مصر أيضاً على زيادة تمثيل المرأة في أدوار صنع القرار من خلال استراتيجيتها الوطنية لتمكين المرأة 2030.
في حين أن التدريب لدخول مهنة الطب يعد أمراً صعباً وممتعاً في الوقت نفسه، إلا أن هناك خمس نصائح هامة يجب على كل أنثى تطمح لدراسة الطب أن تضعها في عين الاعتبار لإعداد نفسها لدخول كلية الطب وتولي الأدوار المستقبلية القيادية:
- تمتعي بالثقة
يجب على النساء أن يؤمنّ بأنفسهن وبأن لديهن ما يلزم للنجاح في سعيهن لأن يصبحن طبيبات مستقبلاً. كما ينبغي عليهن أن يثقن بشغفهن بالطب والتزامهن بإحداث فارق في حياة الآخرين.
- حافظي على شغفك متقداً
يحتاج كل طالب طب إلى الحفاظ على شغفه بالطب متقداً، وهناك مجموعة متنوعة من الأنشطة التي يمكن أن تساعد في تحفيز الإلهام والفضول لدى الطلاب وتعزيز إحساسهم بالإيثار. فعلى سبيل المثال، إذ كنتي ترغبين بالتعلم أكثر والعثور على المتعة في مساعدة الآخرين، فكري في التطوع في المستشفيات، أو التطوع مع الأندية في مدرستكِ أو مجتمعكِ. وتذكري دائماً أن الأطباء لهم تأثير كبير على المجتمع من خلال مساعدة الناس ورعايتهم في وقت الحاجة. لذا، فإن المشاركة في هذه الأنشطة التطوعية ستساعدك في بناء شخصيتكِ وتعزيز التواضع لديكِ والذي ستحتاجينه لكونك طالبة في مجال الطب، وطبيبة في المستقبل.
- ضعي خطة للعمل
للالتحاق بكلية الطب، يحتاج الطلاب الطموحون إلى خطة تتضمن الإنجازات الأكاديمية والأنشطة اللامنهجية واكتساب الخبرة اللازمة. وعليهم أن يبذلوا قصارى جهدهم في سبيل تحقيق هذه الخطة. لذلك يجب عليكي أن تتحدثي إلى المستشارين الأكاديميين أو الأطباء الذين تتعلمين منهم، ودعيهم يكونوا مرشدين يقودونكِ نحو تحقيق الأهداف التي حددتها في خطتكِ بنجاح.
- تحدي نفسك
يجب على طلاب الطب الطموحين تحدي أنفسهم دائماً لتطوير مهاراتهم القيادة. فعلى سبيل المثال، يمكنهم تولي أدوار قيادية في النوادي المدرسية أو المنظمات المجتمعية أو المشاريع البحثية، إذ يمكن لتطوير المهارات القيادية أن يساعدهم بشكل جيد ليصبحوا محترفين وقادة في مجال الرعاية الصحية في المستقبل.
- ابحثي عن الفرص في مجال الطب
للتعرف على المجال الطبي، يمكن للطالبات الطموحات تجربة التطوع في المستشفيات، أو المشاركة في فرص التدريب المتعلقة بالرعاية الصحية أو التعلم مباشرة من الأطباء، حيث سيمنحهن هذا رؤى قيمة عن الحياة اليومية للطبيب ويساعدهن في تعزيز شغفهن في مجال الطب.
وأخيراً، يعد يوم المرأة العالمي بمثابة تذكير لنا بأهمية تقدير النساء اللاتي صنعن التاريخ في الطب وتفوقن فيه على الرغم من كل العقبات التي واجهنها. كما يقدم هذا اليوم أيضاً فرصة لتكريم المساهَمات الرائعة للنساء في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، مع التعريف بمكانتهن اللائقة كقادة في مجال الرعاية الصحية والطب الأكاديمي. تستحق النساء، وخاصة العاملات في مهنة الطب، نفس المستوى من التوجيه والفرص التي يحظى بها الرجال. وبفضل العديد من المبادرات التي يتم تنفيذها على مستوى الدول، يتم حالياً تعزيز التنوع والإنصاف والشمول في مختلف القطاعات بخطى ثابتة، حيث تعتبر مبادرات التنوع والإنصاف والشمول حاسمة وضرورية في إعداد النساء لمستقبلهن كطبيبات وقائدات في مجال الرعاية الصحية والطب الأكاديمي.
بقلم الدكتورة ساشا ليك، بروفيسور مساعد، قسم علم الأمراض والتشريح، كلية الطب بجامعة سانت جورج في منطقة الكاريبي.