يصدر في وقت لاحق اليوم الجمعة بيانات التوظيف الأمريكية الأهم على مدار الشهر وسط توقعات بتراجع كبير في نمو الوظائف في الولايات المتحدة مع ثبات في معدل البطالة إضافة إلى تراجع محدود في نمو الأجور.
بعد القراءة الأقوى من التوقعات والتي بلغت 303,000 في مارس الماضي، يتوقع أن الاقتصاد الأمريكي أضاف 24,0000 وظيفة جديدة في أبريل 2024، مع بقاء معدل البطالة ثابتاً عند 3.8٪، وكان سوق العمل الأمريكي مليئاً بالمفاجآت في العام الجاري، حيث تجاوز تقديرات وول ستريت ومن المرجح أن تشير بيانات الوظائف، الجمعة إلى استمرار التوظيف بوتيرة سريعة في أبريل، ويبحث المستثمرون عن أي تصدعات في سوق العمل يمكن أن تؤثر على موقف الاحتياطي الفيدرالي تجاه السياسة النقدية المستقبلية.
وإذا خالف نمو الرواتب التوقعات قليلاً وتضاءلت ضغوط الأجور مع إضافة المزيد إلى القوى العاملة، فسيكون ذلك سيناريو مثالياً لمجلس الاحتياطي الفيدرالي، وستراقب الأسواق أيضاً أرقام الأجور عن كثب، وتشير تقديرات الإجماع إلى أن متوسط نمو الأجور في الساعة يبلغ 0.3% على أساس شهري، بالقرب من المستوى المسجل في مارس، والزيادة السنوية بنسبة 4%، أو أقل بقليل من 4.1% في الشهر السابق ومع ذلك، فإن أرقام الأجور يمكن أن تتأثر بأنماط الهجرة بالإضافة إلى زيادة الحد الأدنى للأجور في كاليفورنيا هذا العام إلى 16 دولاراً في الساعة.
وفي الجمعة الأولى من كل شهر تصدر بيانات التوظيف، في مقدمتها مؤشر التغير في توظيف القطاعات غير الزراعية الأمريكية، والذي يضبط إيقاع الأسواق على مدار الشهر بعد أن يلقي الضوء على أوضاع سوق العمل الأمريكي الذي يرسم صورة واضحة لأداء أكبر اقتصادات العالم.
ويرى كبير إستراتيجي الأسواق في شركة نور كابيتال – محمد حشاد، أن أهمية بيانات التوظيف الأمريكية في أنها ليست فقط البيانات التي تحدد مدى قوة أداء الاقتصاد الأمريكي، لكنها أيضاً البيانات التي تلقي الضوء على واحدة من مهمتين أساسيتين على الفيدرالي إنجازهما بنجاح من أجل تعزيز أداء الاقتصاد الأمريكي؛ هما استقرار الأسعار وتحقيق الحد الأقصى للتوظيف في البلاد.
الفيدرالي وسوق العمل
تزداد أهمية بيانات التوظيف في مايو الجاري في أنها تأتي بعد قرارات الفيدرالي وتصريحات جيروم باول، رئيس لجنة السوق الفيدرالية المفتوحة، مباشرةً ليزداد اهتمام المستثمرين في أسواق المال بها نظراً لكونها من العوامل التي تحدد مدى نجاح البنك المركزي في إنجاز مهمة من المهام الأساسية المكلف بها. وأبقى بنك الاحتياطي الفيدرالي الأربعاء على معدل الفائدة دون تغيير متفادياً خفضه وسط استمرار معركته ضد مع التضخم الذي لا يزال يحقق ارتفاعات جديدة في الفترة الأخيرة بعيداً عن هدف الفيدرالي البالغ 2%.
بذلك يستمر العمل بمعدل الفائدة في نطاق 5.25% – 5.50%، وهو المعدل الذي يتبناه البنك المركزي منذ يوليو الماضي عندما رفع الفائدة إلى هذا المستوى، مما يشير إلى أعلى مستوى له في حوالي 22 سنة.
وأدخل الفيدرالي بعض التغييرات على النبرة التي صاغ بها بيان الفائدة عندما تطرق بالحديث إلى وصف تقدمه في إنجار المهمتين الأساسيتين المكلف بهما من قبل الإدارة الأمريكية؛ استقرار الأسعار وتحقيق الحد الأقصى من التوظيف.
وجاءت لغة البيان محملة بقدر كبير من الحذر، إذ قالت اللجنة إن مخاطر تحقيق كلا الأمرين ”حققت بالفعل توازناً أفضل خلال العام الماضي“، وهو ما يخالف عن العبارة التي استخدمها بيان الفائدة في إصدارات سابقة والتي تضمنت أن تلك المخاطر ”تتجه نحو توازن أفضل“.
وتشير هذه الفقرات إلى أن هناك تراجع في المخاطر التي قد تواجه الفيدرالي أثناء أداء تكليفاته الأساسية، أبرزها تحقيق الحد الأقصى من التوظيف، وهو الهدف الذي يرتبط بأوضاع سوق العمل ويحتاج في قياس مدى النجاح في تحقيقه إلى إمعان النظر في بيانات التوظيف الأمريكية.
سيناريوهات بيانات التوظيف وفقاً لتوقعات شركة نور كابيتال:
نتوقع اثنين من السيناريوهات المتوقعة لبيانات التوظيف الأمريكية؛ أحدهما إيجابي بينما يشير الآخر إلى احتمالات سلبية البيانات الأمريكية الأهم على مدار الشهر وتستند تلك السيناريوهات إلى عدد من مؤشرات التوظيف الأولية التي من خلالها نستطيع رسم صورة واضحة لما قد تكون عليه بيانات التوظيف الأمريكية.
السيناريو الإيجابي
يدعم سيناريو تحسن بيانات التوظيف الأمريكية بعض المؤشرات الأولية التي نشير إليها فيما يلي
ارتفع مكون التوظيف في مؤشر مديري المشتريات الخدمي الأمريكي الصادر عن معهد دراسات الإمدادات إلى 48.5 نقطة في إبريل الماضي مقابل القراءة السابقة التي سجلت 48 نقطة.
كما ارتفع مكون التوظيف في مؤشر مديري المشتريات التصنيعي الأمريكي الصادر عن معهد دراسات الإمدادات إلى 47.4 نقطة في إبريل الماضي مقابل القراءة السابقة التي سجلت 45.9 نقطة.
وتراجع مؤشر تشالنجر لإلغاء الوظائف في الولايات المتحدة إلى 64789 وظيفة تم إلغاؤها في إبريل الماضي مقابل القراءة السابقة التي سجلت إلغاء 90309 وظيفة الشهر السابق.
ولم تشهد قراءة مؤشر مطالبات إعانات البطالة الأسبوعية في الولايات المتحدة أي تغيير في الأسبوع المنتهي في 26 إبريل الماضي لتستقر عند 208000 مطالبة مقابل نفس الرقم الذي سُجل الأسبوع السابق، لكن القراءة جاءت أدنى من توقعات الأسواق التي أشارت إلى إمكانية الارتفاع إلى 212000 مطالبة.
كما لم يشهد إجمالي عدد المستفيدين من إعانات البطالة الأمريكية أي تغيير ليثبت عند مستوى 1.774 مليون مستفيداً في الأسبوع المنتهي في 19 إبريل الماضي مقابل نفس الرقم الذي سجلته قراءة الأسبوع السابق.
وارتفع مؤشر تكلفة العمالة الثلاثاء الماضي إلى 1.2% في مارس الماضي، وفقا للقراءة ربع السنوية للمؤشر التي ألقت الضوء على ارتفاع إلى أعلى المستويات في عام كامل.
وفيما يتعلق بتفاصيل هذا المؤشر، ارتفعت الأجور والرواتب بـ1.1%، مما أثار مخاوف حيال استمرار نمو الأجور وانعكاس ذلك على التضخم.
السيناريو السلبي
تراجع مؤشر الإنتاجية في القطاعات غير الزراعية في الولايات المتحدة إلى 0.3% في إبريل الماضي مقابل قراءة الشهر السابق التي سجلت ارتفاعاً ب3.5%. ورغم هذا الهبوط، خالفت القراءة الحالية التوقعات التي أشارت إلى قراءة أكثر سلبية أشارت إلى 1.46-%.
وتراجع متوسط مطالبات العاطلين عن العمل لمدة 4 أسابيع في الأسبوع المنتهي في الأسبوع المنتهي في 26 إبريل الجاري إلى 210000 مطالبة مقابل المتوسط السابق الذي سجل 213500 مطالبة.
وحقق مؤشر التغير في توظيف القطاعات غير الزراعية في الولايات المتحدة الصادر عن إدارة المعالجة الإلكترونية للبيانات (APD) ارتفاعاً بـ192000 وظيفة في إبريل الماضي مقابل القراءة السابقة التي سجلت 206000 وظيفة. ورغم تراجع القراءة مقارنة بسابقتها، أكد المؤشر استمرار نمو الوظائف إلى مستويات أعلى من توقعات الأسواق التي أشارت إلى 175000 وظيفة.
وتراجع مؤشر فرص العمل JOLTS إلى 8.488 مليون فرصة عمل في إبريل الماضي مقارنة بالقراءة السابقة التي سجلت 8.813 مليون فرصة عمل، وهو ما جاء أدنى من توقعات الأسواق التي أشارت إلى 8.690 مليون فرصة عمل.
وتراجع مؤشر ثقة المستهلك الصادر عن جامعة ميتشيجان الأمريكية إلى 77.2 نقطة في إبريل الماضي مقابل القراءة السابقة التي سجلت 77.9 نقطة، وهو ما جاء أدنى من توقعات الأسواق التي أِشارت إلى 77.8 نقطة.
وبسيطرة السيناريو السلبي على المشهد، قد يؤدي التراجع في بيانات التوظيف الأمريكية الذي تشير إليه التوقعات إلى أن يرى الفيدرالي أنه نجح إلى حدٍ كبيرٍ في إحراز تقدم على صعيد المعركة ضد التضخم، مما قد يثير التفاؤل في الأسواق ويعمل لصالح أصول المخاطرة.
وحال مخالفة نمو الوظائف التوقعات بارتفاع يتجاوز مستوى التوقعات، قد نرى تعافيا للدولار الأمريكي على حساب سوق الأسهم الأمريكية وأسعار الذهب.