اختتمت في مكة المكرمة, اليوم , أعمال المؤتمر التاسع لوزراء الأوقاف والشؤون الإسلامية في دول العالم الإسلامي، الذي نظمته وزارة الشؤون الإسلامية والدعوة والإرشاد ـ تحت عنوان “دور وزارات الشؤون الإسلامية والأوقاف في تعزيز مبادئ الوسطية وترسيخ قيم الاعتدال”، بمشاركة وزراء ومفتين ورؤساء مجالس إسلامية من 62 دولة .
وأشاد المؤتمر في بيانه الختامي الصادر اليوم، بجهود المملكة العربية السعودية بقيادة خادم الحرمين الشريفين وسمو ولي العهد ـ حفظهما الله ـ لخدمة الإسلام والمسلمين وتعزيز الوسطية والاعتدال ، مثمنًا جهود الدول الأعضاء في التنسيق والتعاون وتبادل الخبرات بين وزارات الأوقاف والشؤون الإسلامية ودور الإفتاء والمجالس الإسلامية، متطلعين إلى مزيد من العطاء في خدمة الشأن الإسلامي.
وأكد البيان أن هذا المؤتمر التاسع في مكة المكرمة – قبلة المسلمين ومهوى أفئدتهم -، الموقف الثابت من القضية الفلسطينية العادلة، وإعطاء الشعب الفلسطيني حقوقه المشروعة وحمايته من الاعتداءات الوحشية ، والوقوف معه في محنته وإنهاء معاناته.
كما حث المؤتمر على ضرورة المحافظة على الجماعة ووحدة الصف، واجتماع الكلمة لأنها من أعظم أصول الإسلام، عملاً بقوله تعالى: ((وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلَا تَفَرَّقُوا وَاذْكُرُوا نِعْمَتَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنتُمْ أَعْدَاءً فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُم بِنِعْمَتِهِ إِخْوَانًا وَكُنتُمْ عَلَى شَفَا حُفْرَةٍ مِّنَ النَّارِ فَأَنقَذَكُم مِّنْهَا كَذلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ آيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ )), محذرين من كل ما يؤدي إلى الفرقة والخروج على جماعة المسلمين وأئمتهم، لما في ذلك من المفاسد العظيمة من سفك الدماء، واستباحة الأموال، وانتهاك الحرمات، وإذكاء الطائفية.
وأكد المؤتمر أهمية حماية القيم الأخلاقية والأسرية في المجتمعات، ورفضه أي محاولات لفرض مفاهيم اجتماعية دخيلة أو أي صورة أخرى مزعومة للأسرة، تخالف الفطرة السوية التي فطر الله الناس عليها.
كما شدد على ضرورة مواجهة خطابات الكراهية ضد الإسلام والمسلمين، ووضع برامج ثقافية ورؤى مستقبلية لمناهضة تشويه صورة الإسلام والتحريض على العنف على أساس الدين أو العرق، وفي هذا الإطار أعرب المؤتمر عن ترحيبه باعتماد الجمعية العامة للأمم المتحدة قرارًا بشأن ” تدابير مكافحة كراهية الإسلام ” وتعيين مبعوث خاص للأمم المتحدة معني بمكافحة ( الإسلام فوبيا ).
وصدر عن المؤتمر 8 توصيات تمحورت حول تعزيز الدعوة إلى منهج الوسطية والاعتدال، وتصحيح فهم الخطاب الديني، ومحاربة الغلو والتطرف والانحلال وموجات الإلحاد، والتأكيد على مسؤولية وزارات الأوقاف والشؤون الإسلامية والإدارات الدينية والإفتاء والمشيخات في ترسيخ هذا المنهج من خلال تأهيل وتدريب الأئمة والخطباء والدعاة، وتكثيف البرامج في ذلك.
كما أكدت التوصيات على ضبط الفتوى وفق النصوص الشرعية بما يحقق المصالح ويدرأ المفاسد ويواكب مستجدات العصر ونوازله، ويراعي حاجة المجتمعات مع الحذر من الفتاوى في قضايا الأمة من غير الجهات الرسمية والمجامع العلمية المعتمدة.
فيما حثت التوصيات على زيادة التنسيق والتعاون وتبادل الزيارات والخبرات والتجارب بين الدول الأعضاء في المؤتمر في مجال الشأن الإسلامي وتعزيز العلاقات مع الهيئات والمؤسسات والمراكز الإسلامية.
ودعت إلى وضع برامج نوعية؛ لتعزيز قيم التسامح والتعايش، تستهدف الوقاية والمعالجة لحماية المجتمعات من آفات الطائفية والعنف المبني على أساس الدين أو العرق، وخامساً تعزيز المواطنة ووحدة الصف واجتماع الكلمة ونبذ التفرق والاختلاف لتحقيق الاستقرار في المجتمعات الإسلامية.
كما أوصى المشاركون باستمرار العمل على تبادل التجارب والخبرات بين الدول الأعضاء في عمارة المساجد وصيانتها وتعزيز كفاءة منسوبيها، وتوظيف جميع الإمكانات والتقنيات الحديثة بما يحقق تعظيم رسالة المسجد السامية حسيًا ومعنويًا، وأتت التوصية السابعة بالعمل على توظيف الإعلام ووسائل التواصل في خدمة ونشر رسالة الإسلام السمحة وقيمه الحضارية.
واختتمت التوصيات بالتعاون بين الدول الأعضاء وتبادل الخبرات في مجال الأوقاف وتفعيل دورها في تحقيق التنمية المستدامة وتوعية أفراد المجتمع ومؤسساته بأهميتها وأثرها الإيجابي في الفرد والمجتمع.
وفي ختام المؤتمر، قدم المشاركون الشكر والتقدير لحكومة خادم الحرمين الشريفين, وسمو ولي عهده الأمين ــ حفظهما الله ــ على الرعاية والاهتمام بالمسلمين عامة، مثمنين ما تبذله قيادة المملكة من أعمال مباركة لخدمة الإسلام والمسلمين، كما قدموا شكرهم لوزارة الشؤون الإسلامية والدعوة والإرشاد ممثلة بمعالي وزيرها الشيخ الدكتور عبداللطيف بن عبدالعزيز آل الشيخ رئيس المجلس التنفيذي لمؤتمر وزراء الأوقاف والشؤون الإسلامية بدول العالم الإسلامي لتنظيمهم هذا المؤتمر الإسلامي وإخراجه بصورة متميزة، وشكروا أعضاء المجلس على جهودهم وعنايتهم لإنجاح أعمال.
وكان المؤتمر قد اشتمل على 10 جلسات شارك فيها عدد من أصحاب المعالي الوزراء وأصحاب الفضيلة العلماء وهي: تجديد مفهوم الخطاب الديني ودوره في تعزيز مبادئ الوسطية وترسيخ قيم الاعتدال، ومواجهة مستجدات التطرف والغلو والإرهاب، وأهمية تحصين المنابر من خطابات الكراهية والتطرف، والقيم الإنسانية المشتركة وقيم التسامح والتعايش والكراهية ضد المسلمين، ودور الأوقاف في زيادة الناتج المحلي الإجمالي، والصناديق الوقفية ودورها الإنمائي والاستثماري.
كما ناقش المؤتمر التجارب المقدمة من وزارات الشؤون الإسلامية والأوقاف في المواصفات الفنية والمعمارية في بناء المساجد وصيانتها وتعيين الأئمة والخطباء والمؤذنين والدعاة والبرامج المنوطة بهم، وخطورة الفتوى دون علم أو تخصص وأثر انحرافها عن منهج الوسطية والاعتدال، وتعزيز المواطنة في دول العالم الإسلامي، ووسائل التواصل الحديثة ودور وزارات الشؤون الإسلامية والأوقاف في الاستفادة منها والوقاية من أخطارها، ومخاطر الإلحاد وسبل مواجهته.