الرئيس التنفيذي
أشرف الحادي

رئيس التحرير
فاطمة مهران

تحويل مشهد التصميم في السعودية: رؤية للحداثة متجذرة في التراث

مع انطلاق المملكة العربية السعودية في واحدة من أكثر التحولات طموحًا في تاريخها، أصبحت بيئتها المبنية عنصرًا محددًا لمستقبلها. وبتوجيه من رؤية 2030، لا تعمل المملكة على إعادة تشكيل مشهدها المادي فحسب، بل تقود أيضًا تطورًا عميقًا في هويتها الوطنية – وهو ما يحتفل بتراثها الثقافي مع تبني الابتكار والحداثة.

 

يعيد هذا التحول تشكيل المدن والمجتمعات والنسيج الأساسي للمجتمع السعودي، بهدف تحقيق التوازن بين النمو الاقتصادي ومستقبل مستدام وشامل. وبصفتها شركة معمارية وتصميم ملتزمة بشدة بالشرق الأوسط، تعتقد جينسلر أن المملكة العربية السعودية تضع معيارًا لدمج اتجاهات التصميم العالمية مع السياق المحلي. لا يعمل تحول المملكة على إعادة تعريف مشهدها الحضري فحسب، بل يخلق أيضًا نموذجًا ديناميكيًا لمدن المستقبل – البيئات الحضرية التي تعزز الاتصال والاستدامة والتفاعل الاجتماعي.

صعود المناطق متعددة الاستخدامات

في قلب التحول الذي تشهده المملكة العربية السعودية، يكمن ظهور المناطق متعددة الاستخدامات، والتي أصبحت حجر الزاوية في التخطيط الحضري الحديث. تم تصميم هذه التطورات لدمج المساحات السكنية والتجارية والثقافية والترفيهية، وخلق أحياء نابضة بالحياة وقابلة للمشي تعزز التفاعل المجتمعي. من خلال الجمع بين الضيافة والتجزئة والرياضة والوظائف السكنية، فإنها تجسد اتجاهًا عالميًا نحو إنشاء مدن ليست مجرد أماكن للعيش ولكنها وجهات تقدم تجربة غنية ومتعددة الأوجه.

يعتبر الحي الدبلوماسي في الرياض مثالاً ساطعًا لهذا التحول. في الأصل منطقة تركز على الدبلوماسيين، وهي تتطور الآن إلى منطقة نابضة بالحياة ومركزية للمشاة تدمج المساحات السكنية الراقية مع الفرص الثقافية والترفيهية. يعكس هذا التطوير الابتكارات الحضرية العالمية مثل مشيرب وسط مدينة الدوحة ورأس الخيمة سنترال في الإمارات العربية المتحدة – المشاريع حيث يظهر تأثير جينسلر واضحًا في تشكيل المدن الجاهزة للمستقبل. وتتبنى هذه التطورات مفهوم “مدينة العشرين دقيقة”، حيث يمكن للسكان الوصول إلى الخدمات الأساسية وأماكن العمل ووسائل الراحة على مسافة قصيرة سيرًا على الأقدام أو بالدراجة، مما يعزز جودة الحياة ويقلل الاعتماد على السيارات. وتتجاوز مثل هذه التحولات الجماليات – فهي محركات اقتصادية قوية. ومن خلال تشجيع التفاعل الاجتماعي وجذب الشركات العالمية، تلعب هذه المناطق دورًا محوريًا في وضع المملكة العربية السعودية كمركز عالمي ديناميكي. ومع استمرار المملكة العربية السعودية في تنويع اقتصادها وبناء مكانتها العالمية، ستكون هذه المناطق ذات نمط الحياة العصرية في طليعة تشكيل هويتها الحضرية.

الاستدامة كحجر أساس للتصميم

إن إلحاح تغير المناخ وأهداف الاستدامة الطموحة للمملكة العربية السعودية بموجب رؤية 2030 تعمل على تسريع تطوير حلول مبتكرة وصديقة للبيئة في التصميم والبناء. وقد التزمت المملكة بالطاقة المتجددة واستراتيجيات الكربون المنخفض والتخطيط الحضري المرن للتخفيف من التأثير البيئي وضمان الاستدامة طويلة الأجل.

في جينسلر، قمنا بتطوير أدوات مثل معايير استدامة منتجات جينسلر (GPS)™، والتي تساعدنا في اختيار المواد منخفضة الكربون أو الخالية من الكربون للتصميمات الداخلية والمفروشات، مما يقلل بشكل كبير من التأثير البيئي. وعلاوة على ذلك، فإن التطورات في تقنيات البناء – مثل الأسمنت الخالي من الكربون وأنظمة البناء المستدامة – تتماشى مع أهداف المملكة العربية السعودية المتمثلة في إنشاء مبانٍ مرنة موفرة للطاقة.

ويمتد الالتزام بالاستدامة أيضًا إلى إعادة الاستخدام التكيفي، حيث يتم إعادة استخدام الهياكل القائمة للحد من النفايات والحفاظ على الموارد. في مشهد حضري سريع التطور، يمكن لاستراتيجيات إعادة الاستخدام التكيفية أن تحول المباني القديمة إلى أصول حيوية، مما يضمن بقاء المدن المستقبلية في المملكة العربية السعودية مستدامة ومرنة وقادرة على التكيف مع التحديات البيئية والاجتماعية المتغيرة. مثل هذه الابتكارات حيوية لمعالجة المخاطر المرتبطة بالمناخ، بما في ذلك الحرارة الشديدة والعواصف التي أصبحت أكثر شيوعًا في المنطقة.

إطلاق العنان للإمكانات من خلال إعادة الاستخدام التكيفي

يُعترف على نحو متزايد بإعادة الاستخدام التكيفي كأداة قوية لإحياء العقارات غير المستغلة وتحويلها إلى أصول قيمة. وفي المملكة العربية السعودية، حيث أدى التوسع الحضري السريع إلى تدفق المباني الجديدة، تكتسب هذه الممارسة زخمًا. ويتم إعادة استخدام المباني المكتبية القديمة والبنية التحتية القديمة في مساحات متعددة الاستخدامات نابضة بالحياة، أو مرافق رعاية صحية، أو مشاريع سكنية.

تلعب منصة Conversions+™ من جينسلر دورًا رئيسيًا في تحديد وإطلاق العنان لإمكانات هذه المباني. على سبيل المثال، أصبحت المنطقة المالية في الرياض، التي كانت ذات يوم موطنًا للعقارات غير المستغلة والقديمة، الآن على استعداد للتحول إلى مساحات نابضة بالحياة ومتعددة الوظائف تلبي متطلبات الحياة الحضرية الحديثة. لا تعمل هذه المشاريع على تعزيز الاستدامة من خلال تقليل الحاجة إلى بناء جديد فحسب، بل تساهم أيضًا في الاستخدام الفعال للموارد وتساعد المدن في الحفاظ على تراثها المعماري.

الإسكان لسكان متزايدين

إن النمو السكاني السريع في المملكة العربية السعودية يفرض ضغوطًا متزايدة على قطاع الإسكان. وتواجه المملكة تحدي تلبية الطلب المتزايد مع ضمان بقاء الإسكان في متناول الجميع، وخاصة بالنسبة للمهنيين الشباب والأسر والتدفق المتزايد للمواهب الأجنبية. ويعكس تركيز المملكة العربية السعودية على مشاريع التطوير السكني ذات العلامات التجارية نهجًا متوازنًا لهذه المطالب، حيث يمزج بين القدرة على تحمل التكاليف والفخامة لجذب المستثمرين الدوليين وتلبية الاحتياجات المحلية.

إن تصميم المساكن التي تجذب السكان المحليين والمغتربين هو عنصر أساسي في استراتيجية المملكة لتصبح وجهة رئيسية للاستثمار. وقد تم تصميم هذه المشاريع ليس فقط للرفاهية ولكن أيضًا لتوفير الوظائف والأهمية الثقافية، مما يضمن تناغمها مع الاحتياجات المتطورة للسكان.

مكان العمل المتطور

إن مكان العمل المستقبلي يتشكل بالفعل في المملكة العربية السعودية. وتماشياً مع الاتجاهات العالمية، تطالب الشركات بمساحات مكتبية حديثة تعطي الأولوية لرفاهية الموظفين والإبداع والتعاون. وقد تحول التركيز من مجرد توفير مساحة مادية إلى خلق بيئات تعزز الابتكار والإنتاجية ومشاركة الموظفين.

في المملكة العربية السعودية، ينمو الطلب على مساحات المكاتب من الفئة أ بسرعة، وخاصة في المناطق متعددة الاستخدامات حيث يتم دمج أماكن العمل والمناطق السكنية ووسائل الراحة بسلاسة. هذه البيئات ليست أكثر جاذبية للشركات فحسب، بل تعكس أيضًا طموح المملكة لتصبح مركزًا تجاريًا عالميًا. ومن خلال إعطاء الأولوية لمساحات العمل التي تعزز تجربة الموظفين وتضمن مستويات عالية من التعاون، تضع المملكة العربية السعودية نفسها في طليعة ممارسات الأعمال الحديثة.

التراث يلتقي بالحداثة

ما يميز التحول في التصميم في المملكة العربية السعودية هو قدرتها على احتضان الحداثة المتطورة مع البقاء متجذرة بعمق في تراثها الثقافي الغني. من الأنماط والتقاليد المعقدة للهندسة المعمارية القديمة إلى الجمال الطبيعي للمناظر الطبيعية العربية، ترتبط فلسفة التصميم في المملكة العربية السعودية ارتباطًا عميقًا بماضيها. ومع ذلك، بدلاً من تكرار الماضي، يسعى هذا التحول إلى مزج العناصر التقليدية مع الجماليات المعاصرة، وخلق مساحات تتسم بالتطلع إلى المستقبل والتناغم الثقافي.

في جينسلر، ندرك أهمية تصميم المساحات التي تعكس قيم وتاريخ المملكة. يتمثل نهجنا في تكريم هذا التراث مع دمج مبادئ التصميم الحديثة التي تدفع حدود ما هو ممكن، مما يضمن أن كل مساحة ننشئها تحكي قصة فريدة وتساهم في مستقبل مستدام وشامل.

مخطط للمستقبل

إن الرؤية الجريئة للمملكة العربية السعودية لبيئتها المبنية تشكل مستقبل التصميم الحضري ليس فقط داخل المملكة ولكن أيضًا على مستوى العالم. من خلال التركيز على الاستدامة وإعادة الاستخدام التكيفي والتنمية التي تركز على المجتمع، تضع المملكة العربية السعودية معيارًا جديدًا للتخطيط الحضري في الشرق الأوسط وخارجه.

تفخر جينسلر بكونها جزءًا من هذه الرحلة التحويلية، حيث تساهم بخبراتنا وأدواتنا وأبحاثنا للمساعدة في تشكيل مستقبل يتعايش فيه الحداثة والتراث بانسجام. من خلال عملنا، نهدف إلى المساعدة في إنشاء مساحات ليست وظيفية وجميلة فحسب، بل تلهم أيضًا الأجيال القادمة للعيش والعمل والازدهار في بيئات تحترم الماضي مع احتضان إمكانيات الغد.

هذا التحول هو أكثر من مجرد رؤية للمملكة العربية السعودية – إنه مخطط للعالم، ويضع سابقة جديدة لكيفية تطور المدن لمواجهة تحديات القرن الحادي والعشرين

أخبار ذات صلة

تحليل: تباطؤ الزخم الاقتصادي في المملكة المتحدة وترقب الأسواق لقرارات الفيدرالي الأمريكي

تكبير الأصول في سوق مزدهرة: كيف يستغل مشغلو الفنادق الأذكياء الفرص؟

الدكتور حاتم الجمل: الذكاء الاصطناعي أحدث ثورة حقيقية في تقنيات الحقن المجهري

دانييلا سابين هاثورن ، محلل سوق أول في Capital.com

تحليل: أهم العوامل المؤثرة في تداولات أسواق المال العالمية للأسبوع الجاري

By Daniela Sabin Hathorn, senior market analyst at Capital.com

دلالات الانقسام قبل قرار بنك إنجلترا بخفض سعر الفائدة على الإسترليني للمرة الخامسة خلال عام

حديث السيسي صرخة ضمير عربي في وجه آلة الحرب الإسرائيلية !

تحليل: تباطؤ نمو الوظائف في الولايات المتحدة يحقق أهداف الفيدرالي الأمريكي

كيف تعيد مبيعات التجزئة تشكيل مستقبل المدن في الشرق الأوسط

آخر الأخبار
"Top 50 Women Forum Kicks Off 4th Egyptian Women’s Summit" منتدى الخمسين سيدة الأكثر تأثيرًا يطلق النسخة الرابعة من قمة المرأة المصرية برعاية وتعاون المجلس الق... أمير قطر: المفاوضات بالنسبة لإسرائيل تكتيك حربي وحكومتها لا تريد المحتجزين وزير الثقافة يشهد ختام فعاليات الدورة الثالثة لبينالي القاهرة الدولي لفنون الطفل 2025 النائب العام يوصى أعضاء النيابة الجدد: كونوا قدوة مُشرفة داخل محراب العدالة وخارجه وزير الرياضة يكرم الفائزين بمسابقة "٣٠" يوم تحدي حوار رفيع المستوى للقطاع الخاص على هامش الخلوة الوزارية الرابعة للتجارة الأفريقية بالقاهرة بيان القمة العربية الإسلامية: عدوان إسرائيل على ⁧‫قطر‬⁩ يقوض فرص السلام رئيس الوزراء يستعرض مع وزير المالية الملامح الأولية للحزمة الثانية من مبادرة التسهيلات الضريبية مصر تطلق مرفقًا بـ10 ملايين يورو لتعزيز الشراكة بين القطاعين العام والخاص جمال الدين: 334 مشروعًا في 38 شهرًا باستثمارات 10,4 مليار دولار صعود هامشي للمؤشر الرئيسي للبورصة بختام تعاملات جلسة الإثنين وزير التعليم يشهد إطلاق أولى تدريبات مادة البرمجة والذكاء الاصطناعي لمعلمي الحاسب الآلي "المرحلة الث... جامعة النيل توقع مذكرة تفاهم مع Vodafone International Services لدعم الطلاب والخريجين وتعزيز فرص الت... الهيئة القومية لسكك حديد مصر تُسيّر الرحلة السادسة عشر لقطارات العودة الطوعية للأشقاء السودانيين إلى... ببجي موبايل تتعاون مع لوتس لجلب السيارات الرياضية الفاخرة إلى ساحات القتال مؤتمر "التكنولوجيا العقارية NEO GEN " يوقع شراكة استراتيجية مع الاتحاد العام للمستثمرين الأفرو- أسيو... Hong Kong is Named the “Most Promising Muslim-Friendly Destination of the Year” أمان القابضة، بُكرة القابضة ورحلة رايدز يطلقون شراكة لتوفير فرص عمل للشباب  الإعلان رسمياً عن تغيير موعد انطلاق فعاليات معرض إنتر أفييشن أرابيا 2026 في الرياض