شهدت قمة AIM للاستثمار تنظيم حلقة نقاشية لبحث آليات صياغة مستقبل حوكمة المال العالمية في ظل التحديات الاقتصادية الدولية وتعددية العملات، واختلاف السياسات النقدية بين الاقتصادات المتقدمة والناشئة، وذلك بمشاركة عدد من قادة الماليين العالميين ومحافظو البنوك المركزية من مختلف دول العالم، ونخبة من الخبراء العالميين وصناع القرار.

وناقشت الجلسة عدد من المحاور الرئيسية من أبرزها أهمية العمل على بناء أطر تنظيمية مرنة لمواجهة التضخم المستمر والتقلبات الاقتصادية، وتسارع التحول نحو التمويل الرقمي، وخاصة مع صعود عملات البنوك المركزية الرقمية، والتحرك العاجل لاستثمار رأس المال لتحقيق أهداف التحول المناخي، كما أكد المشاركون على أهمية الابتكار الشامل، وتطوير أسواق السندات بالعملات المحلية كركيزة أساسية للمرونة المالية على المدى الطويل.
وأكد أحمد إسماعيلي، محافظ بنك كوسوفو المركزي على أهمية بناء نظام مالي مستقر وإجراءات امتثال قوية، مشيراً إلى التزام بنك كوسوفو المركزي بتعزيز الإطار التنظيمي والإشرافي بما يتماشى مع لوائح الاتحاد الأوروبي والمعايير الدولية، ويشمل ذلك تعزيز تدابير الأمن السيبراني لتقليل المخاطر التشغيلية والامتثال المرتبطة بالتحول الرقمي.
من جانبه سلط إيمانويل توتوبي، محافظ بنك تنزانيا الضوء على مرونة الاقتصاد الوطني في مواجهة التحديات العالمية، وأشار إلى أن تنزانيا حققت نموًا في الناتج المحلي الإجمالي وانخفاضًا في معدل التضخم مقارنة ببقية العالم، كما ناقش المحافظ توتوبي أهمية التكامل الإقليمي من خلال مبادرات مثل منطقة التجارة الحرة القارية الإفريقية، مؤكداً أن هذه الأطر توفر فرصًا كبيرة لتنزانيا لتوسيع آفاق تجارتها، وجذب الاستثمارات، وتحفيز خلق الوظائف.
من جانبه قدم مامي ديوب، نائب محافظ بنك دول غرب أفريقيا مداخلة مهمة حول محدودية السياسات النقدية المتقدمة في مكافحة التضخم وسط التحديات العالمية الحالية، مؤكداً أن الأدوات النقدية التقليدية أصبحت غير كافية لمعالجة ضغوط التضخم، خاصة تلك الناجمة عن اضطرابات سلاسل الإمداد والتوترات الجيوسياسية، داعياً إلى الإصلاحات الهيكلية التي تهدف إلى تنويع الاقتصادات، وتحسين المساحة المالية، وتعزيز قدرات الإدارة العامة لبناء مرونة ضد التحديات الخارجية.
إلى ذلك عرضت جلبهار ناظيري، ممثلة البنك الوطني في طاجيكستان فرص الاستثمار المميزة للمستثمرين الأجانب في القطاع المصرفي المتنامي في طاجيكستان، مؤكدة أن بلادها تقدم بيئة تنظيمية شفافة وسهلة الوصول، مع واحدة من أدنى متطلبات رأس المال في المنطقة للبنوك، وعملية ترخيص مبسطة تضمن مراجعة الطلبات في غضون ثلاثة أشهر، مشيرة إلى الضمانات القانونية القوية التي تقدمها الحكومة لحماية حقوق المستثمرين، إلى جانب إطار مالي مستقر يشجع الاستثمارات المحلية والدولية.
وناقشت الجلسة أيضًا كيف يمكن للبنوك المركزية والمؤسسات المالية التنقل في تقاطع التحولات الجيوسياسية، والانقطاع الرقمي، فيما دعا المتحدثون إلى ضرورة تطوير المؤسسات المالية العالمية لضمان تمثيل أكثر عدلاً، وأبرزوا دور التكنولوجيا في تعزيز الشفافية والكفاءة والشمول المالي، واختتمت حلقة النقاش بالتزام مشترك بتشكيل نظام مالي يتطلع إلى المستقبل — يوازن بين الاستقرار والقدرة على التكيف، ويعزز التنمية المستدامة، ويدعم نظامًا اقتصاديًا عالميًا أكثر تعاونًا ومتعدد الأقطاب.