كشف فريق دولي من العلماء أن الوحدة ليست مجرد شعور نفسي عابر، بل حالة معقدة تؤثر في المزاج والشخصية ووظائف الدماغ وجهاز المناعة وحتى في نوعية الأحلام.
وأشارت دراسة حديثة نشرتها مجلة Nature Human Behavior إلى أن العزلة الاجتماعية الطويلة الأمد يمكن أن تغيّر الإنسان من الداخل وتعيد تشكيل تفاعلاته مع العالم المحيط.
وبحسب استطلاعات واسعة شملت كبار السن في الولايات المتحدة، فإن من يعيشون حالة وحدة مستمرة يصبحون مع مرور الوقت أقل اجتماعية وأقل انضباطًا وأكثر قلقًا، وهو ما ينعكس على سمات شخصياتهم الأساسية.
كما ربطت دراسات أخرى بين الشعور بالوحدة وتراجع تقدير الذات وعدم الاستقرار العاطفي، مما يجعل الأفراد يشعرون بأنهم عبء على الآخرين.
وعلى المستوى الجسدي، أوضحت الأبحاث أن الوحدة ترتبط بتغيرات في البروتينات المسؤولة عن المناعة والعمليات الالتهابية، الأمر الذي يزيد من مخاطر الإصابة بأمراض القلب والسكري.
كما أظهرت دراسات تصوير الدماغ أن استجابة الأشخاص الوحيدين للمحيط الاجتماعي تختلف بشكل ملحوظ، حيث يتعامل الدماغ مع الأصدقاء وحتى الشخصيات الخيالية بنفس الطريقة تقريبًا، ما يجعل الحدود بين الروابط الحقيقية والزائفة غير واضحة.
وأكد علماء النفس أن هذه الحالة تؤثر كذلك على النوم، إذ تزداد احتمالية الكوابيس وتقل جودة الراحة.
وبيّنت متابعة طويلة الأمد لأكثر من 11 ألف شخص أن الشعور بالوحدة في سن المراهقة يرفع خطر الإصابة بالاكتئاب واضطراب ما بعد الصدمة في مرحلة البلوغ.
ويخلص الباحثون إلى أن الوحدة ليست نقصًا في الرفقة فقط، بل تجربة متعددة الطبقات قادرة على إعادة تشكيل الفكر والعاطفة والصحة على المدى الطويل.