أصدرت شركة سي إكس جي، الرائدة عالميًا في مجال تطوير تجارب العملاء والشريك الموثوق لأكثر من 220 علامة تجارية فاخرة في أسواق تتسم بالتغير المستمر، تقريرًا محوري جديد بعنوان فهم سلوك عملاء الرفاهية الصينيين في عام 2025 والاستعداد للمستقبل. ويستعرض التقرير التحولات والتغييرات في سلوك شرائح ديموغرافية رئيسية، ويكشف عن أولويات المتسوقين الأثرياء في الصين حاليًا وتوقعاتها المستقبلية، إضافةً إلى انعكاساتها وتأثيرها على العلامات التجارية الفاخرة العالمية في المنطقة.
بوصف فرنسا وإيطاليا من أبرز المراكز العالمية في مجال الموضة والحرفية وتجارة التجزئة الفاخرة، فإن ارتباطهما بسوق الرفاهية الصيني وثيق ومتجذر. ويقدّم التقرير رؤى جوهرية لدور الأزياء ومنافذ البيع بالتجزئة الراقية الساعية للحفاظ على ريادتها وتعزيز حضورها لدى أبرز المستهلكين المؤثرين في قطاع الرفاهية. ويعرض التقرير بيانات ورؤى جديدة حول تطور سلوك المستهلك الصيني في سوق تُقدّر قيمته بنحو 800 مليار يوان صيني (110 مليارات دولار أمريكي) بحلول عام 2025، وهو ما يعد ذكاء استراتيجي أساسي للعلامات التجارية الأوروبية الفاخرة لمواكبة مشهد تنافسي سريع التغيّر.
بهذا السياق، صرّح كريستوف كايس، المؤسس والرئيس التنفيذي لشركة سي أكس جي: “لطالما كانت دور الأزياء والعلامات المصممة في فرنسا وإيطاليا حاملة لراية الفخامة عالميًا، وما زالت سمعتها في الإبداع والجودة راسخة حتى اليوم. غير أن ما كان يكفي في الماضي للهيمنة على أسواق مثل الصين لم يعد كافيًا اليوم. فنحن ندخل عصرًا جديدًا يتسم بحساسية أكبر للقيمة، ووعي أعمق بالثقافة، وتوق متزايد للتجارب. وإذا أرادت الدور الأوروبية الحفاظ على موقعها الريادي خلال التعافي الحتمي للسوق الصيني، فعليها أن تتأقلم وتواكب هذا التحول.”
الثقة الاقتصادية تتراجع وتعيد تشكيل عادات الإنفاق
أظهر تقرير سي أكس جي أن 55٪ فقط من المستهلكين الصينيين للسلع الفاخرة يبدون ثقة في تعافي الاقتصاد حاليًا، مقارنة بنسبة 83٪ في عام 2023. هذا التراجع انعكس مباشرة على أنماط إدارة الثروة، إذ أفاد 64٪ من المشاركين بأنهم يخططون لزيادة مدخراتهم خلال العامين المقبلين، مع حرص 83٪ على تأمين صحتهم، و68٪ على الادخار من أجل متع مستقبلية، و49٪ للتقاعد، و46٪ لتعليم أبنائهم.
هذا التوجه الحذر أسهم في زيادة الحساسية تجاه الأسعار، حيث بات 54٪ من المستهلكين يبحثون عن أفضل العروض عند شراء السلع الفاخرة، فيما لجأ 48٪ إلى شراء بدائل مقلدة ومنخفضة السعر (dupes)، وأبدى 47٪ استعدادهم للقيام بذلك مستقبلًا. ويظهر هذا الميل بشكل أوضح في قطاعي الأزياء والإكسسوارات، حيث أبدى 67٪ و64٪ على التوالي انفتاحهم على البدائل. كما جعل ضعف الين اليابان الوجهة المفضلة لـ 40٪ من المستهلكين الصينيين، مقارنة بـ 8٪ فقط في عام 2023.
لكن ذلك، لا يعكس تراجعًا في الإقبال على المنتجات والخدمات الفاخرة عالية الجودة، إذ أفاد 81٪ من المستهلكين بأنهم سيعودون لشراء السلع الفاخرة مثل الساعات والمجوهرات فور تحسن الأوضاع الاقتصادية. وفي الوقت ذاته، يقود جيل زد حاليًا موجة إنفاق متزايدة على الصحة والرفاهية والسفر الفاخر وتجارب الترفيه المبتكرة.
ازدهار مفهوم الرفاهية التجريبية
تماشيًا مع الاتجاهات العالمية التي يقودها جيل زد، تشهد الصين تحوّل ملحوظ في تفضيلات المستهلكين من اقتناء المنتجات المادية إلى البحث عن تجارب ثرية ومميزة. وقد عزز هذا التحوّل من قيمة مجالات اخرى مثل السفر الفاخر، الترفيه، الصحة والرفاهية، والفعاليات، حيث يشير التقرير إلى أنّ هذه القطاعات مرشحة للنمو خلال الأشهر والسنوات المقبلة، بغض النظر عن التحديات الاقتصادية. ووفقًا للبيانات، يخطط 53٪ من المشاركين لزيادة إنفاقهم على الصحة والرفاهية، في حين يعتزم 49٪ رفع إنفاقهم على السفر الفاخر، و34٪ على الترفيه.
الميزة الثقافية للعلامات المحلية
لا زالت تعتبر العلامات الغربية رمزًا للمكانة والهيبة لدى معظم المستهلكين في صناعة السلع الفاخرة، لكن على الرغم من ذلك باتت بعض المنتجات الفاخرة المحلية الصينية تحظى بقيمة متزايدة كونها صناعة وطنية تعكس الانتماء والهوية. وبالنسبة إلى الجيل زد، يظل عامل السعر الدافع الأبرز نحو شراء العلامات المحلية، في حين يرى 75٪ من جيل الألفية و86٪ من جيل إكس أن الارتباط الثقافي هو العنصر الأهم الذي يجعلهم يفضلون المنتجات المحلية على نظيراتها الدولية. ومع إيمان 72٪ من المستهلكين بأن العلامات الصينية تعكس تراثهم بشكل أصدق وأعمق، فإن على العلامات التجارية الأوروبية أن تستثمر في سرد قصصي محلي أصيل ومعبر للحفاظ على ارتباطها وتواصلها مع المستهلك الصيني وتعزيز مكانتها في السوق.
تجربة المتجر المباشر تتفوق: البيع الحضوري ما زال متربعًا على القمة
أوضح التقرير أن الأجيال الشابة تميل إلى إجراء المشتريات ذات القيمة العالية في بيئات حضورية غامرة متعددة الحواس، خصوصًا عند تجاوز قيمة المشتريات 15,000 يوان صيني (نحو 2,000 دولار أمريكي)، حيث تُقدَّر تجربة التسوق المباشرة والخدمة الشخصية بدرجة كبيرة. ومع ذلك، أشار التقرير إلى أن هذه التوقعات لا تتحقق دائمًا، إذ تتفاوت مستويات رضا العملاء بشكل ملحوظ، حيث تسجّل بعض الفئات معدلات رضا متدنية لا تتجاوز 23-36٪. وهنا تبرز فرصة أمام العلامات الأوروبية، ولا سيما التي تمتلك متاجر رئيسية في مدن مثل ميلانو وباريس، للتميز من خلال تقديم خدمات استثنائية، وسرد تراثها بطرق ملهمة، وابتكار تجارب شخصية فريدة داخل المتجر.
الجدير بالذكر أن تقرير سي أكس جي يشكل في الوقت ذاته جرس إنذار وخارطة طريق، إذ يضع أمام العلامات الفاخرة خطوات عملية وواضحة للحفاظ على صلتها في سوق معقّد وسريع التحوّل. من تجارب التجزئة الغامرة والسرد الثقافي العميق، إلى التخصيص المتقدّم والخدمة الإنسانية المتميزة، يرسم التقرير مسارًا استراتيجيًا يضمن استمرارية التأثير والريادة في عالم الرفاهية.