تتجه أنظار أسواق المال العالمية نحو الولايات المتحدة الأمريكية مع اقتراب موعد انعقاد اجتماع الفيدرالي الأمريكي، والذي يعد من أبرز الأحداث الاقتصادية المنتظرة خلال العام الجاري.
ووفق جدول اجتماعات لجنة السياسة النقدية، سيعقد الفيدرالي اجتماعه المقبل يومي 28 و29 أكتوبر 2025، وهو الاجتماع الذي يترقبه المستثمرون والمحللون لتحديد توجهات السياسة النقدية خلال المرحلة المقبلة، خاصة فيما يتعلق بمصير أسعار الفائدة الأمريكية.
يأتي هذا الاجتماع في وقت يشهد فيه الاقتصاد الأمريكي مرحلة دقيقة بين محاولات السيطرة على معدلات التضخم المرتفعة والحفاظ على نمو اقتصادي مستدام.
وكان الفيدرالي قد خفض أسعار الفائدة في اجتماعه السابق خلال سبتمبر الماضي بنسبة 0.25%، في خطوة هدفت إلى دعم النشاط الاقتصادي بعد مؤشرات على تباطؤ في سوق العمل وتراجع معدلات الإنفاق الاستهلاكي، إلا أن تأثير تلك الخطوة لا يزال محل جدل بين الاقتصاديين، إذ يرى البعض أنها غير كافية لتحفيز الاقتصاد، بينما يحذر آخرون من أن مزيدًا من التخفيض قد يعيد الضغوط التضخمية.
تكتسب اجتماعات الفيدرالي الأمريكي أهمية بالغة لكونها تؤثر بشكل مباشر على حركة الأسواق المالية العالمية، إذ تحدد السياسة النقدية الأمريكية ملامح أسعار الفائدة في البنوك المركزية الأخرى، وتؤثر في أسعار السلع والعملات الرئيسية مثل الدولار والذهب والنفط.
كما أن قرارات الفيدرالي الأمريكي تعد مؤشراً رئيسياً لاتجاهات الاقتصاد العالمي، خاصة أن الاقتصاد الأمريكي يمثل أكبر اقتصاد في العالم.
ومن المتوقع أن يناقش أعضاء اللجنة خلال الاجتماع المقبل تطورات معدلات التضخم التي لا تزال أعلى من مستهدف البنك البالغ 2%، إلى جانب أوضاع سوق العمل، ومستويات الأجور، وتوقعات النمو للربع الأخير من العام.
وتشير التقديرات الأولية إلى أن الفيدرالي قد يختار الإبقاء على أسعار الفائدة دون تغيير، بهدف تقييم أثر التخفيضات السابقة على النشاط الاقتصادي قبل اتخاذ أي خطوات جديدة.
في المقابل، تراقب الأسواق عن كثب تصريحات جيروم باول رئيس مجلس الاحتياطي الفيدرالي، والتي تمثل في العادة مؤشراً دقيقاً على توجهات السياسة النقدية المقبلة.
ومن المرجح أن يكرر باول تأكيده على التزام المجلس بتحقيق استقرار الأسعار ودعم التوظيف الكامل، مع التأكيد على أن القرارات ستعتمد على البيانات الاقتصادية الواردة.
كما يتابع المستثمرون تأثيرات التطورات الجيوسياسية وتقلبات أسعار النفط على قرارات الفيدرالي، خاصة أن أي ارتفاع جديد في أسعار الطاقة قد ينعكس على معدلات التضخم ويجعل من الصعب تسريع وتيرة خفض الفائدة.
في المجمل، يمثل اجتماع أكتوبر 2025 لحظة حاسمة في مسار السياسة النقدية الأمريكية، إذ سيحدد مدى قدرة الفيدرالي على تحقيق التوازن بين مكافحة التضخم والحفاظ على النمو، وهو ما سينعكس بصورة مباشرة على أداء الأسواق العالمية في الأشهر الأخيرة من العام.







