أصدرت شركة إيبوري (Ebury)، الرائدة عالمياً في حلول المدفوعات والتكنولوجيا المالية، تقريرها الأسبوعي الذي يتناول أبرز مستجدات الأسواق العالمية وتحركات العملات الرئيسية. ويركّز تقرير هذا الأسبوع على الارتفاع الملحوظ في قيمة الدولار الأمريكي عقب قرار الاحتياطي الفيدرالي بخفضٍ متشددٍ للفائدة، وما تبعه من تباين في توجهات البنوك المركزية الكبرى، بما في ذلك بنك إنجلترا والبنك المركزي الأوروبي، وتأثير ذلك على أداء الجنيه الإسترليني واليورو في الأسواق العالمية.
يبدو أن قرار الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي الأسبوع الماضي بإجراء “خفض متشدد” للفائدة فاجأ الأسواق. من الواضح أن المزيد من الخفض ليس محل إجماع داخل البنك المركزي، وقد تفاعلت جميع فئات الأصول مع المفاجأة بطرقها التقليدية، إذ ارتفعت أسعار الفائدة، واتسعت فروق الائتمان، وتراجعت الأسهم، فيما تعزز الدولار.
وقال إينريكيه دياز ألفاريز، المحلل الرئيسي في شركة إيبوري: “سجل الدولار مكاسب الأسبوع الماضي أمام جميع العملات الرئيسية حول العالم، وكانت الخسارة الأكبر من نصيب الجنيه الإسترليني، إذ يبدو أن بنك إنجلترا يسلك مساراً معاكساً للفيدرالي، مشيراً إلى احتمال المزيد من التيسير النقدي. ومن الملاحظ أن رد فعل الأسواق على خطوة الفيدرالي تميز بأداء أفضل نسبياً لمعظم عملات الأسواق الناشئة، التي تراجعت أمام الدولار بدرجة أقل من عملات مجموعة العشر”.
ولا يزال الإغلاق الحكومي الأمريكي مستمراً دون أفق واضح لنهايته، ما يعني غياب أخبار اقتصادية مهمة من الولايات المتحدة. والاستثناء الوحيد سيكون صدور تقرير الوظائف من القطاع الخاص (ADP) يوم الأربعاء، والذي سيحظى باهتمام غير معتاد في ظل غياب البيانات الرسمية. كما سيعقد بنك إنجلترا اجتماعه يوم الخميس، إلى جانب صدور بيانات مبيعات التجزئة لمنطقة اليورو في اليوم نفسه، وكما هو معتاد في أوروبا، ستغطي الأرقام شهر سبتمبر، ولن تقدم رؤية واضحة حول أحدث الاتجاهات الاقتصادية.
الجنيه الإسترليني
من المتوقع أن تؤدي الاتجاهات السلبية في إنتاجية المملكة المتحدة إلى خفض توقعات النمو، مما سيجبر الحكومة على تبني مزيد من إجراءات التقشف المالي في الميزانية المنتظر إعلانها في 26 نوفمبر. وقد صدرت مؤخراً تصريحات من بعض مسؤولي بنك إنجلترا تميل إلى التيسير، ما دفع الأسواق لتسعير احتمال بنسبة 30% لخفض الفائدة في اجتماع يوم الخميس.
ومع ذلك، ما زلنا نعتقد أن الموقف المتشدد سيغلب في نهاية المطاف، وأن أسعار الفائدة ستظل دون تغيير، رغم احتمال وجود عدد من الأصوات المؤيدة للخفض. وفي هذه الأثناء، بدأ ضعف أداء الجنيه الإسترليني المستمر يشكل فرصة للشراء، بالنظر إلى ارتفاع أسعار الفائدة في المملكة المتحدة وصلابة البيانات الاقتصادية.
اليورو
أظهرت بيانات الناتج المحلي الإجمالي للربع الثالث في منطقة اليورو مفاجأة إيجابية طفيفة أكدت الاتجاه التصاعدي في مؤشرات ثقة الأعمال. وفي الوقت نفسه، أكد اجتماع البنك المركزي الأوروبي الهادئ الأسبوع الماضي انتهاء دورة خفض أسعار الفائدة في المنطقة.
وقد دفعت النغمة المتشددة للفيدرالي الأمريكي مؤخراً اليورو نحو الحد الأدنى من نطاق تداوله بين 1.14 و1.19، وهو النطاق السائد منذ يونيو الماضي. ومع بقاء اقتصاد منطقة اليورو متيناً وبدء ظهور آثار خطة التحفيز المالي الألمانية الضخمة، نرى أن العملة الموحدة أصبحت جذابة للشراء عند هذه المستويات.
الدولار الأمريكي
على الرغم من أن الاحتياطي الفيدرالي خفض أسعار الفائدة كما كان متوقعاً الأسبوع الماضي، فإن الرسالة التي وجهها جيروم باول كانت متشددة بوضوح، إذ أكد أن إجراء خفض إضافي في الاجتماع المقبل في ديسمبر ليس مضموناً على الإطلاق. كما صدرت لاحقاً خلال الأسبوع تصريحات أخرى متشددة من رؤساء فروع الفيدرالي الإقليميين الذين سيتولون حق التصويت في عام 2026، مما يبرز الفجوة بين توقعات مسؤولي الفيدرالي وتوقعات الأسواق بشأن توقيت وحجم أي تخفيضات مستقبلية.
ومع انتظار إعادة فتح الحكومة الفيدرالية واستئناف نشر البيانات الاقتصادية، يُرجح أن تعود المواجهة المحتملة بين إدارة ترامب والاحتياطي الفيدرالي إلى صدارة المشهد خلال الفترة المقبلة.







