الرئيس التنفيذي
أشرف الحادي

رئيس التحرير
فاطمة مهران

الاستثمار في عصر الذكاء الاصطناعي

لم يعد الذكاء الاصطناعي مجرد مصطلح رائج أو مفهوماً مستقبلياً بعيداً، بل أصبح جزءاً أصيلاً من تفاصيل حياتنا اليومية، بدءاً من رسائل البريد الإلكتروني التي نكتبها والصور التي نُشير إليها، وصولاً إلى مسارات الخدمات اللوجستية التي تدعم التجارة العالمية. لقد تحول هذا المجال من تخصص محدود في علوم الحاسوب إلى العمود الفقري للاقتصاد الحديث.

وقد تسارعت وتيرته بشكل لافت؛ إذ انتقل من المختبرات إلى غرف الاجتماعات، ومن المصانع إلى الهواتف الذكية في جيوبنا. وكل قطاع، من الرعاية الصحية والتصنيع إلى التمويل وتجارة التجزئة، يستكشف أدوات الذكاء الاصطناعي أو يعمد إلى توسيع نطاق استخدامها لتعزيز الإنتاجية ودعم اتخاذ القرار وتحسين تجربة العملاء.

لهذا بات اهتمام المستثمرين يتزايد. ولم يعد السؤال: هل سيعيد الذكاء الاصطناعي تشكيل الاقتصاد العالمي؟ بل: كيف يُمكن الاستفادة بشكل فعّال من نموه؟

 

لماذا الذكاء الاصطناعي مهم الآن

تختلف الموجة الحالية من اعتماد الذكاء الاصطناعي جذرياً عما سبقها. فهي مدفوعة بثلاث قوى متداخلة: الارتفاع الهائل في الطلب على القدرات الحاسوبية، وتسارع دمج الذكاء الاصطناعي على مستوى المؤسسات، ودورة استثمارية تاريخية في البنية التحتية الرقمية.

يقترب الإنفاق العالمي على أجهزة الذكاء الاصطناعي ومراكز البيانات من مستويات التريليونات، فيما تتسابق أكبر شركات التكنولوجيا في العالم لزيادة قدراتها تلبيةً للطلب المتصاعد على تدريب النماذج وتنفيذها. وتقوم الشركات بدمج أنظمة المساعدة الذكية في برمجيات الإنتاجية وخدمة العملاء والتحليلات. وفي المقابل، يستخدم المستهلكون الذكاء الاصطناعي يومياً دون أن يدركوا — سواء عبر عمليات البحث الأكثر دقة أو التوصيات الشخصية أثناء التسوق.

يحوّل هذا التقارب الذكاء الاصطناعي من رهان مستقبلي إلى أداة إنتاجية محورية. ويرى اقتصاديون أنه قد يقود موجة جديدة من الكفاءة، بإمكانها إضافة نقاط مئوية عدة لنمو الناتج المحلي الإجمالي العالمي خلال العقد المقبل.

غير أن هذا التحول يوفر للمستثمرين فرصاً وتحديات، نظراً لتعدد جوانب الذكاء الاصطناعي وتشعبه وسرعة تطوره.

 

داخل سلسلة قيمة الذكاء الاصطناعي

يساعد النظر إلى الذكاء الاصطناعي كسلسلة قيمة مترابطة في فهم أين تكمن الإمكانات الحقيقية.

فعند القاعدة تأتي شركات تصنيع الرقائق ومورّدو معدات أشباه الموصلات الذين ينتجون وحدات المعالجة المتقدمة اللازمة لتشغيل الذكاء الاصطناعي. وفوق تلك الطبقة تأتي الشركات السحابية ومطورو برمجيات المؤسسات التي تقوم بتدريب النماذج ونشرها. وفي المستوى الأعلى، نجد منصات المستهلكين التي تدمج الذكاء الاصطناعي في منتجات يستخدمها الملايين يومياً.

تستفيد كل طبقة بشكل مختلف من اقتصاد الذكاء الاصطناعي، وتتحد معاً لتكوّن منظومة واسعة ومتداخلة.

والنتيجة شبكة معقدة من الاعتمادات المتبادلة؛ إذ يقود اختراق في تصميم الرقائق إلى ابتكارات جديدة في البرمجيات، مما يخلق حلقة نمو متصاعدة.

 

الشركات المحركة لثورة الذكاء الاصطناعي

  • إنفيديا: القوة المركزية لحوسبة الذكاء الاصطناعي، إذ تطوّر الرقائق التي تدرب وتشغّل النماذج اللغوية الضخمة. وقد جعلها تفوقها في هندسة وحدات المعالجة الرسومية إحدى أبرز المستفيدين من طفرة الذكاء الاصطناعي.
  • تي إس إم سي: الشركة التي تصنّع أكثر الرقائق تطوراً في العالم، ما يمكّن الحوسبة عالية الأداء التي يقوم عليها الذكاء الاصطناعي. وتحتل موقعاً محورياً داخل سلسلة توريد أشباه الموصلات العالمية.
  • إيه إس إم إل: المزوّد العالمي لمعدات الطباعة الضوئية المتقدمة المستخدمة في تصنيع الرقائق — وهو جانب يمثل عنق زجاجة تكنولوجياً يمنح الشركة قوة تسعير وأهمية استراتيجية كبيرة.
  • مايكروسوفت: قامت بدمج الذكاء الاصطناعي عبر مجموعتها الكاملة، بدءاً من «أوفيس» وصولاً إلى «آزور»، ما يجعلها بوابة رئيسية لاعتماد الذكاء الاصطناعي داخل الشركات.
  • أوراكل: تستفيد من بنيتها السحابية وقواعد بياناتها المتقدمة لمساعدة المؤسسات على توظيف الذكاء الاصطناعي في إدارة البيانات والتحليلات.
  • سيلزفورس: تدمج الذكاء الاصطناعي في حلول إدارة علاقات العملاء، محولة البيانات إلى رؤى تنبؤية تخدم ملايين الشركات.

وتُظهر هذه الأسماء مجتمعة مدى اتساع فرص الذكاء الاصطناعي، فالذكاء الاصطناعي ليس قصة رقاقات فحسب، بل هو سلسلة توريد للذكاء تمتد عبر قارات العالم.

 

ما الذي يجب مراقبته لاحقاً

قصة الذكاء الاصطناعي لا تزال في بدايتها، وهناك أربعة مؤشرات رئيسية ينبغي على المستثمرين متابعتها:

  • الإنفاق على البنية التحتية: مراقبة الإنفاق الرأسمالي لشركات البنية التحتية السحابية الكبرى مثل «مايكروسوفت» و«أمازون» و«ألفابت». فاستثماراتها في مراكز البيانات تعكس ثقتها بطلب طويل الأمد على الذكاء الاصطناعي.
  • ابتكار الرقائق: التطورات التي تجريها «إنفيديا» و«إيه إم دي» و«إنتل» ستحدد مكاسب الأداء والريادة التكنولوجية.
  • تبنّي المؤسسات: وتيرة طرح أدوات المساعدة الذكية وحلول سير العمل ستكشف مدى تحقيق الشركات مكاسب إنتاجية حقيقية.
  • التشريعات والسياسات: تعمل الحكومات على صياغة أطر حوكمة للذكاء الاصطناعي قد تؤثر في التكاليف والابتكار وثقة الجمهور.

إن فهم هذه التطورات ضروري لاقتناص الفرص وإدارة المخاطر.

 

المخاطر الأساسية

كما هو الحال مع أي ابتكار كبير، يأتي الاستثمار في الذكاء الاصطناعي مع عدد من المخاطر. فالتقييمات في بعض القطاعات مرتفعة وتعكس توقعات مستقبلية ضخمة قد يستغرق تحقيقها سنوات. ويبقى قطاع أشباه الموصلات دورياً بطبيعته، متأثراً بدورات الطلب العالمي والإنفاق الرأسمالي. ورغم الإمكانات الكبيرة، لن ينجح جميع اللاعبين في التنفيذ.

كما تبرز قضايا أخلاقية وتنظيمية مهمة، مثل خصوصية البيانات، وإزاحة الوظائف، والتحيزات الخوارزمية — وكلها يمكن أن تؤثر في الرأي العام والسياسات الحكومية، وبالتالي في ربحية نماذج الأعمال.

لذا ينبغي على المستثمرين النظر إلى الذكاء الاصطناعي كموضوع طويل الأجل، لا كفرصة قصيرة الأجل.

 

اللعبة الطويلة في الاستثمار بالذكاء الاصطناعي

يُعيد الذكاء الاصطناعي رسم ملامح المشهد الاقتصادي، ويدفع ما يشبه الثورة الصناعية القادمة — لكن هذه المرة ثورة مبنية على البيانات والحوسبة بدلاً من الفولاذ والبخار.

وللمستثمرين، يكمن التحدي في الاستفادة من هذا التحول دون إغفال الأساسيات. ويقدّم الاستثمار الموضوعي وسيلة لتحقيق ذلك عبر التركيز على الاتجاهات العالمية الكبرى بتعرض متنّوع ومدروس.

ومع استمرار تطوره، تتأكد حقيقة واحدة: لم يعد الذكاء الاصطناعي خيالاً علمياً، بل قصة تتشكل لحظة بلحظة — وفرصة تستحق إدراكها مبكراً من قبل المستثمرين.

أخبار ذات صلة

ڤودافون بيزنس تُوقع شراكة استراتيجية مع Synapse Analytics لتوسيع حلول الذكاء الاصطناعي وتمكين التحول الرقمي للشركات ومؤسسات الأعمال في مصر

دل تكنولوجيز تكشف عن أحدث حلولها المتقدمة في معرض القاهرة الدولي للتكنولوجيا Cairo ICT 2025

كاسبرسكي تحذر من المنصات الاستثمارية المزيفة التي تستهدف المنطقة

«تيك توك تطلق النسخة الثانية من أكاديمية العائلة لتعزيز السلامة الرقمية»

​مطالب خلال Cairo ICT بتشريع ل “الهوية الرقمية” لاستكمال منظومة الثقة في الخدمات الحكومية

أكاديمية مانيبال للتعليم العالي في دبي تحتفي بمرور 25 عاماً على تأسيسها

داليا إبراهيم تحصد جائزة التميُّز من البنك التجاري الدولي

عصب الاقتصاد الرقمي: خارطة طريق لمستقبل البنية التحتية المصرفية الذكية

آخر الأخبار
هيئة الرعاية الأسرية تحصل على الاعتماد الدولي لـ “بيوت منتصف الطريق” كأول نموذج من نوعه في المنطقة شركة «Grit Properties» تطلق «RATIO» أول مشروعاتها بالسوق العقاري ضمن خطة استثمارية ضخمة الاستثمار في عصر الذكاء الاصطناعي مونديال الراليات الصحراوية (باها) يعود إلى حتا ڤودافون بيزنس تُوقع شراكة استراتيجية مع Synapse Analytics لتوسيع حلول الذكاء الاصطناعي وتمكين التحول... دي إتش ال إكسبرس وريجينت توقعان إتفاقية للنقل البحري المستدام للبضائع وزيرة التضامن تترأس اجتماع مجلس إدارة بنك ناصر الاجتماعي دل تكنولوجيز تكشف عن أحدث حلولها المتقدمة في معرض القاهرة الدولي للتكنولوجيا Cairo ICT 2025 كاسبرسكي تحذر من المنصات الاستثمارية المزيفة التي تستهدف المنطقة «تيك توك تطلق النسخة الثانية من أكاديمية العائلة لتعزيز السلامة الرقمية» وزير التموين: توافر السكر الحر بالمجمعات الاستهلاكية بسعر ٢٨ جنيهًا للكيلو وضخ كميات كبيرة "مصر الخير" تنظم مائدة مستديرة حول دور المنظمات الأهلية والتعاونيات في دعم الزراعة الذكية مناخيا «شرم الشيخ تستضيف الدورة العاشرة لملتقى مدراء الالتزام في المصارف العربية بمشاركة 270 قيادة من 16 دو... ​مطالب خلال Cairo ICT بتشريع ل "الهوية الرقمية" لاستكمال منظومة الثقة في الخدمات الحكومية وزيرة التضامن الاجتماعي تترأس اجتماع مجلس إدارة بنك ناصر الاجتماعي Creative Dialogues debut at Cairo Design Week 2025 انطلاق «الحوارات الإبداعية» خلال أسبوع القاهرة للتصميم 2025 الرئيس السيسي: محطة الضبعة أحد المشاريع الهامة القومية الهامة لمصر بسام سعيد رئيسًا للقطاع التجاري بشركة «ZG Developments» ضمن خطتها لاستقطاب أفضل الكفاءات جولدن بيلرز للتطوير العقاري تضاعف حجم أعمالها في 2025 بنسبة 100%