شهدت الفترة الأخيرة اهتمامًا واسعًا بملف التظلم على مخالفات البناء بعد صدور القانون الجديد، الذي منح المواطنين فرصة لإعادة دراسة أوضاعهم القانونية وتقديم طلبات تظلم وفق ضوابط محددة تهدف إلى تحقيق الانضباط العمراني، وفي الوقت ذاته تخفيف الأعباء على المواطنين الذين يسعون لتقنين أوضاع عقاراتهم.
ويعد نظام التظلم أحد أهم الآليات التي أتاحها القانون لضمان الشفافية ومراجعة القرارات الصادرة بشأن طلبات التصالح، مما يعزز الثقة بين المواطن والجهات الإدارية.
يبدأ مسار التظلم بتقديم طلب رسمي خلال مدة لا تتجاوز ثلاثين يومًا من تاريخ إخطار صاحب الشأن بقرار رفض طلب التصالح. ويشدد القانون على ضرورة الالتزام بهذه المدة، كونها شرطًا أساسيًا للنظر في التظلم.
ويُقدَّم الطلب إلى اللجنة المختصة التي شُكلت خصيصًا لهذا الغرض، وتضطلع بمهمة مراجعة المستندات ودراسة الحالة من جديد وفق المعايير الواردة في اللائحة التنفيذية.
يتطلب التظلم تقديم حزمة من المستندات التي تثبت قانونية الوضع أو إمكانية تقنينه.
ومن بين هذه المستندات نسخة من عقد البيع المشهر أو عقد الإيجار ثابت التاريخ، إذ يساعد ذلك في التأكد من الوضع القانوني للعين محل المخالفة.
كما يطلب القانون مستندات دالة على توصيل المرافق الأساسية مثل الكهرباء أو المياه أو الغاز، باعتبارها مؤشرات مهمة على شغل العقار بشكل فعلي.
وتشمل المستندات أيضًا إفادة رسمية صادرة عن الجهة الإدارية تثبت تقديم التظلم وتوضح تاريخ تقديمه والمرفقات، لضمان إثبات الإجراء وحفظ حق مقدم الطلب.
بعد استلام الطلب والمستندات، تبدأ لجنة التظلمات في عقد جلساتها لمراجعة الملفات المعروضة عليها.
ويتيح القانون للجنة طلب أي وثائق أو دراسات إضافية إذا رأت ضرورة لذلك، ما يعكس حرص المشرع على التعامل مع كل حالة بشكل مستقل ودقيق.
ويلزم القانون اللجنة بالبت في التظلم خلال فترة لا تتجاوز ستين يومًا من تاريخ تقديمه، مع السماح بامتداد المدة إلى تسعين يومًا في بعض الحالات.
ويعتبر عدم رد اللجنة خلال تلك المدة قبولًا ضمنيًا للتظلم، بشرط استيفاء جميع المستندات والموافقات المطلوبة، وهو ما يمثل ضمانة مهمة لصالح المواطنين.
عقب انتهاء اللجنة من دراسة الملف، يتم إخطار مقدم الطلب بالقرار النهائي، سواء بالقبول أو الرفض، وذلك من خلال خطاب موصى عليه أو أي وسيلة تتيحها اللائحة التنفيذية لضمان وصول القرار بشكل رسمي وواضح.
ويعد هذا الإخطار المرحلة الأخيرة في مسار التظلم، إذ يحدد الموقف النهائي للعقار المعني وما إذا كان سيتم الاعتداد به ضمن ملفات التصالح أم لا.
هذا النظام الجديد للتظلمات يعكس اتجاه الدولة نحو تنظيم العمران ومعالجة المخالفات بطريقة قانونية وعادلة، مع منح المواطن فرصة لإثبات موقفه وتقديم ما لديه من مستندات.
كما يهدف إلى تسريع إجراءات التصالح وتحقيق قدر أكبر من الانضباط في المنظومة العمرانية، مع مراعاة البعد الاجتماعي وتخفيف الضغوط على المواطنين.







