في إطار جهود المملكة العربية السعودية لتعزيز الحوكمة المالية وتحسين كفاءة الإنفاق العام، يبرز نظام الرقابة المالية الجديد كأحد أهم الركائز التي تعزز الشفافية وترسخ مبادئ المساءلة في جميع القطاعات المرتبطة بإدارة المال العام.
ويأتي هذا النظام متوافقًا مع مستهدفات رؤية المملكة 2030 التي تدعو إلى رفع كفاءة العمل الحكومي، وتحقيق الاستخدام الأمثل للموارد، وتطوير منظومة رقابية متقدمة تعتمد على التحول الرقمي.
يتميز النظام بشموليته واتساع نطاق تطبيقه ليشمل الجهات الحكومية كافة، إضافة إلى الجهات غير الحكومية التي تتلقى دعماً مالياً من الدولة أو ترتبط معها بعقود لتنفيذ مشروعات أو تحصيل إيرادات.
ويؤكد هذا التوسع حرص الدولة على ضمان سلامة الإجراءات المالية في مختلف المكونات التي تتعامل مع المال العام، بما يسهم في إحكام الرقابة وتقليل احتمالات الهدر المالي.
ويرتكز النظام على تعزيز الشفافية وإرساء ثقافة الالتزام المالي داخل الجهات الحكومية، حيث يفرض تبني أساليب رقابية متعددة تتناسب مع طبيعة كل جهة ومستوى المخاطر المرتبطة بأنشطتها.
وتشمل هذه الأساليب الرقابة المباشرة على الإيرادات والمصروفات، بالإضافة إلى الرقابة الذاتية التي تعمل الجهات على تنفيذها داخليًا، والرقابة الرقمية المعتمدة على تقنيات حديثة تتيح تتبع العمليات المالية بدقة عالية، إلى جانب رقابة التقارير التي تُعد إحدى أهم آليات المساءلة.
كما يركز النظام على بناء أنظمة رقابة داخلية فعالة تساعد الجهات في تعزيز الانضباط المالي وضمان الامتثال للأنظمة واللوائح.
ويسهم هذا التوجه في تقليل الأخطاء والتجاوزات، ورفع مستوى الأداء المؤسسي، وتعزيز ثقة المستثمرين في البيئة الاقتصادية بالمملكة.
وتعد مرونة النظام في اختيار أدوات الرقابة من أبرز مقومات نجاحه، إذ يتيح للجهات المعنية اعتماد الأسلوب الأنسب بما يتماشى مع حجم العمليات وطبيعة المخاطر.
وفي إطار التوجه نحو التحول الرقمي، تحرص الجهات المختصة على توظيف التقنيات الحديثة للارتقاء بالرقابة المالية، من خلال اعتماد آليات التشفير والتوقيع الرقمي في البرامج المحاسبية لضمان سلامة الفواتير والمعاملات المالية.
كما تسهم الرقابة الرقمية في تحسين جودة البيانات المالية وسرعة معالجتها، الأمر الذي يساعد متخذي القرار على الاعتماد على معلومات دقيقة وفورية.
وتلعب وزارة المالية دورًا محوريًا في متابعة تطبيق النظام من خلال إصدار التقارير الدورية التي تتضمن ملاحظات ومؤشرات تتعلق بأداء الجهات الحكومية ومدى التزامها بالضوابط المالية.
وتحدد اللوائح آليات واضحة للتعامل مع هذه التقارير، تشمل الإشعار بالملاحظات ومنح الجهات مهلاً لمعالجة التجاوزات واتخاذ الإجراءات التصحيحية اللازمة، بما يعزز منظومة المساءلة ويحافظ على المال العام.
ويعكس هذا النظام توجه المملكة نحو بناء بيئة رقابية متطورة تعتمد أعلى المعايير العالمية، وتدعم جهود تطوير القطاع المالي، وتحسين مستوى الخدمات الحكومية، وتعزيز ثقة المواطنين والمستثمرين.
ومع استمرار التوسع في استخدام التقنيات الرقمية، يتوقع أن يشهد نظام الرقابة المالية مزيدًا من الفعالية خلال السنوات المقبلة، بما يسهم في دعم أهداف التنمية الوطنية وترسيخ مبادئ النزاهة والشفافية في مختلف القطاعات.







