متجر إتش آند إم H&M الرئيسي في الساحة الرئيسية في ستوكهولم يحاول الخروج من بعض القيود. المرأة التي تخيط رقعة على البنطلون وفساتين الحفلات المخصصة للتأجير وصالون التجميل ليست جوانب قياسية في معظم منافذ الموضة السريعة.
لكن يمكن أن تكون تلك الخدمات طعما لأشياء آتية في الوقت الذي تقرر فيه شركة إتش آند إم، ثاني أكبر بائع تجزئة للملابس في العالم، ما يجب فعله بشبكتها الواسعة المكونة من خمسة آلاف متجر في أعقاب جائحة تدفع مزيدا من المتسوقين إلى الإنترنت. تمتد أفكار السلسلة السويدية إلى حد فحص ما إذا كان بإمكان متاجرها أن تلعب دورا في الخدمات اللوجستية للبيع عبر الإنترنت.
بالنسبة إلى هيلينا هيلمرسون، التي تم تعيينها العام الماضي، والتي هي أحد الرؤساء التنفيذيين القلائل في إتش آند إم القادمين من خارج عائلة بيرسون التي أسست المجموعة، الأمر كله يتعلق بتعزيز العلاقات والانخراط مع الزبائن.
قالت في مقابلة مع “فاينانشيال تايمز”: “شبكة المتاجر الفعلية التي نمتلكها هي إحدى نقاط قوتنا (…) ما نوع التجارب الموجودة في المتجر؟ هل يمكن أن تكون جزءا من سلسلة التوريد عبر الإنترنت؟ هناك أشياء كثيرة لاستكشافها (…) إنه أمر مثير للغاية”.
هيلمرسون (47 عاما) شهدت سنة أولى صعبة رئيسة تنفيذية. في ذروة الموجة الأولى من جائحة كوفيد – 19، تم إغلاق أربعة أخماس متاجر إتش آند إم ولم تتمكن جهود كبيرة عبر الإنترنت من تعويض الضربة. تراجعت المبيعات بمقدار الخمس في السنة المالية للشركة حتى نهاية تشرين الثاني (نوفمبر) إلى 187 مليار كرونة سويدية (22.6 مليار دولار)، بينما انخفضت الأرباح قبل الضرائب 88 في المائة إلى 1.2 مليار كرونة سويدية، ما أدى إلى توقف انتعاش ناشئ بعد أعوام من التراجع.
انخفضت المبيعات في آذار (مارس) ونيسان (أبريل)، قبل أن تنتعش بقوة في الصيف، ثم تتضرر مرة أخرى في عيد الميلاد.
لكن في الوقت الذي اضطر فيه الوباء شركة إتش آند إم على اتخاذ قرارات أسرع وزيادة المرونة، ومع توقع هيلمرسون موجة من الطلب المكبوت عندما يصبح كوفيد – 19 تحت السيطرة، تجرأت الرئيسة التنفيذية على القول: “بشكل عام سنخرج من الجائحة أقوى من قبل”.
قالت آن كريتشلو، المحللة في سوسييتيه جنرال، إن الزيادات الصغيرة نسبيا في المبيعات في إتش آند إم قد تؤدي إلى زيادات أكبر في الأرباح. “من المفترض أن تكون إتش آند إم الشركة الأسرع من حيث التعافي”.
لكنها جادلت بأن إنديتيكس، الشركة الإسبانية المالكة لشركة زارا، التي تفوقت على إتش آند إم وأصبحت أكبر بائع تجزئة للأزياء في العالم من حيث المبيعات قبل عقد من الزمن، هي “شركة ذات جودة أفضل”، وأن المجموعة السويدية قد تكون “أبطأ قليلا” في العودة إلى مستويات أرباحها السابقة للوباء في الوقت الذي يبتعد فيه بعض الزبائن عن متاجرها.
تراجعت أسهم إتش آند إم باستمرار من عام 2015 إلى عام 2018، قبل أن تحفز جهودها إلى حد كبير منذ ذلك الحين، على الرغم من أنها ارتفعت 50 في المائة منذ أدنى مستوى لها في كوفيد – 19 في آذار (مارس) الماضي.
قالت هيلمرسون، التي انضمت إلى إتش آند إم في عام 1997 على وظيفة اقتصادية، إنها بدأت ترى “الضوء في نهاية النفق” بعد فترة “شاقة للغاية”. لكن الآن ينصب تركيزها على سؤال حاسم: “أين نحتاج إلى التحرك بشكل أسرع”؟.
على الرغم من كون الشركة تختص بالأزياء السريعة، قال النقاد إن إتش آند إم أصبحت بطيئة، وتغلبت عليها إنديتيكس الذكية وشركات التجزئة عبر الإنترنت مثل زالاندو وآسوس. يمكن أن تحصل إنديتيكس على ملابس جديدة إلى متاجر زارا في غضون أسابيع من مواقع التصنيع القريبة في أوروبا بينما تستغرق إتش آند إم، مع مزيد من المصادر في آسيا، وقتا أطول. أعطى افتتاح متاجر جديدة للمجموعة السويدية طريقا سهلا لنمو المبيعات، لكنه لم يساعد في هوامش ربحها، التي كانت تتراجع باستمرار على مدار العقد الماضي.
قالت هيلمرسون إن إتش آند إم اتخذت “قرارات سريعة حقا حقا” في بداية الوباء حول كيفية شراء الملابس، والعمل مع سلسلة التوريد الخاصة بها، والانتقال إلى البيع عبر الإنترنت. وأشارت إلى كيف سمحت التكنولوجيا للمصممين والموردين ومكتب الإنتاج بالعمل معا في الوقت نفسه لإنتاج ملابس جديدة.
أضافت: “يبدو الأمر أساسيا حقا ولكن إذا قمت بذلك في كثير من العمليات، يمكنك أن تكون أسرع بكثير. كما أن لديك أيضا بيانات تمنحك مزيدا من إحصاءات الزبائن، ما يعني أنه يمكنك التصرف بشكل أسرع بكثير”، مشيرة إلى أن الملحقات يمكنها الآن أن تنتقل من مرحلة التصميم إلى المتجر في غضون أسابيع قليلة، والقمصان خلال ستة أسابيع، والسراويل خلال ثمانية.
تحاول إتش آند إم أيضا زيادة سرعتها في الاستدامة، وتحقيق هدف يتمثل في استخدام 30 في المائة من المواد المعاد تدويرها بحلول عام 2025. قالت كريتشلو إن المجموعة تقود الصناعة في محاولاتها لتصبح دائرية، على الرغم من أن كثيرا من الناس يعربون عن مخاوفهم حول المقدار الذي تقوم به كثير من مجموعات الموضة السريعة بتشجيع الاستهلاك الزائد.
قالت هيلمرسون، وهي رئيسة سابقة للاستدامة في إتش آند إم، إن أصعب مهمة لشركة التجزئة هي فصل نموها عن استخدامها للموارد الطبيعية. أضافت أن التجارب في إصلاح واستئجار الملابس وكذلك بيع الملابس المستعملة من خلال موقع Sellpy الإلكتروني ـ تمتلك فيه إتش آند إم الأغلبية ـ مهمة ولكن يصعب قياس الحجم الذي يمكن أن تصبح عليه. “لدينا حجم يمكننا من التأثير إلى حد ما في سلوك الزبائن. لكننا سنرى أيضا مدى استعدادهم”.
قالت كريتشلو إن إتش آند إم تستحق “أن ينسب إليها الفضل الكامل” على التجارب ولكن من غير المرجح أن تؤدي إلى ارتفاع هوامش الربح. وأضافت أن الأسئلة الحاسمة هي مدى سرعة عودة إتش آند إم إلى مستويات المبيعات والأرباح قبل الوباء وما إذا كان بإمكانها المضي أبعد من قبل. “يتطلب الأمر من إتش آند إم إدارة تكاليف المتاجر”، مضيفة أن إعادة التفاوض بشأن عقود الإيجار أثناء الوباء لم تساعد إلا قليلا.
هناك أيضا نقاش حول مقدار الزيادة في المبيعات عبر الإنترنت – من المتوقع أن ترتفع من 28 في المائة من إجمالي مبيعات إتش آند إم العام الماضي إلى نحو 43 في المائة في عام 2025، وفقا لكريتشلو – نظرا لأنها تأتي مع تكاليف إضافية مثل التسليم والبضائع المعادة وكذلك في الخدمات اللوجستية.