أقبل الأمريكيون على المتاجر للإفادة من عروض “بلاك فرايدي” في مستهل موسم التسوق، الذي يستبق عطلات نهاية العام، لكن بيانات الإنترنت أظهرت أنهم شرعوا منذ أسابيع في الإنفاق والشراء بمبالغ كبيرة خشية نقص الإمدادات.
ووفقا لـ”الفرنسية”، بدأ موسم عروض التسوق استعدادا لرأس العام الميلادي، وغالبا ما سيشاهد المراقبون من الآن حتى نهاية العام الأمريكيين مصطفين أمام المتاجر قبل أن تفتح أبوابها لاغتنام فرصة شراء سلع يكثر عليها الطلب.
وبعد أن أبعدت جائحة كوفيد – 19 حشود المتسوقين العام الماضي، عادوا بأعداد كبيرة في مؤشر إلى أن لقاحات كورونا أعادت الحياة في الولايات المتحدة إلى ما يقرب من طبيعتها.
وقبل أن تفتح المتاجر أبوابها في ساعة مبكرة البارحة الأولى كان المتسوقون على الإنترنت قد أنفقوا 76 مليار دولار منذ مطلع تشرين الثاني (نوفمبر) الحالي، أي أكثر بـ 20 في المائة، مقارنة بالعام الماضي، وفق بيانات شركة أدوبي للبرمجيات، التي توقعت عروضا أقل نوعا ما هذا العام بسبب ارتفاع التكاليف.
وهذا الارتفاع بث مزيدا من التفاؤل لدى الشركات حيال موسم التسوق، إذ يعني أن مزيدا من المتسوقين استجابوا لدعوات المتاجر لشراء السلع في وقت مبكر هذا العام وسط اختناقات في المرافئ ومشكلات لوجستية أخرى أثارت القلق من نقص السلع، التي يزداد عليها الطلب.
وتقدمت الألعاب قائمة المشتريات، وأشارت أدوبي إلى تدابير الأهالي القلقين المدركين لمشكلات سلسلة التوريد. وتوقع “الاتحاد الوطني لتجار التجزئة” ارتفاع الإنفاق الإجمالي 10.5 في المائة وصولا إلى 859 مليار دولار.
ومع ذلك، ازداد عدد السلع، التي فرغ مخزونها على الإنترنت 261 في المائة، مقارنة بالفترة نفسها قبل عامين، وفق أدوبي.
وتشعر متاجر بيع التجزئة وسوق الساعات بتفاؤل كبير إزاء مستويات الإنفاق في موسم التسوق الحالي، في ضوء البطالة المتدنية والوضع المالي القوي نسبيا للعائلات، لأسباب من بينها البرامج الحكومية للتحفيز على الإنفاق.
وفي مواجهة المنحى الإيجابي ذلك تواصلت مشكلات سلاسل التوريد متسببة في ارتفاع أسعار المستهلك، ما أثر في السلع الأساسية للعائلات مثل المواد الغذائية والوقود، يضاف إلى ذلك جائحة كوفيد، التي لا تزال بعيدة عن نهايتها.
وتراجعت أسواق الأسهم الجمعة في أنحاء العالم وسط مخاوف من أن المتحورة الجديدة للفيروس، التي رصدت في جنوب إفريقيا يمكن أن تعرقل التعافي الاقتصادي العالمي.
وكانت لافتات التحذير من الوباء واضحة في مختلف أنحاء منطقة التسوق في حي مانهاتن بنيويورك.
وذكرت اللافتات في متجر ميسيز المتسوقين بضرورة الابتعاد مسافة ست أقدام (نحو المترين) عن بعضهم بعضا، فيما أقيمت محطات لإجراء اختبارات كوفيد أمام المتاجر، حيث كانت حشود الناس وأغلبهم يضعون الكمامات الكبيرة، لكن ليس بالحجم الذي كانت عليه قبل الوباء.
وقالت السائحة الألمانية إلكه زينتيك “في 2018، كانت نيويورك أشبه بالمدينة التي كنت تسمع عنها”، مضيفة “الآن تشبه إلى حد ما بلدة صغيرة”.
ومع ذلك، فإن حركة الزبائن داخل المتاجر أشارت إلى أن عديدا منهم تكيفوا مع “الوضع الطبيعي الجديد” للحياة مع الوباء، وكانت هناك ثغرات واضحة في بعض المتاجر، وفي بعض المتاجر كان نقص السلع واضحا.
وكان رف مستلزمات أبل شبه فارغ في “بيست باي” قرب محطة جراند سنترال، فيما قسم حقائب الكاميرات بقيت لديه القليل من العروض المتبقية. وأقرت سلاسل متاجر أخرى مثل فيكتورياز سيكريت وفوت لوكر، بنقص بعض السلع.
ويتوقع خبير الأبحاث الرقمية في أدوبي، تايلور شرينر، أن يقوم مزيد من المستهلكين بالشراء على الإنترنت ويتحملون تكلفة تسريع الشحن، أو تسلم السلع من المتاجر.
وقال في مقابلة “ليس هذا لمجرد أن الناس يريدون السلع بسرعة، وجود السلعة في متناول اليد هو أضمن طريقة للحصول على هدية للآخرين”.
ويبرز قلق مستجد في قطاع بيع التجزئة من أن يصبح لدى التجار فائض كبير في السلع المعدة أصلا لموسم الأعياد لكن لا تصل قبل كانون الثاني (يناير).
وتقوم متاجر ميسيز بإلغاء طلبيات السلع، التي تحمل رموز عيد الميلاد، لكنها تعتزم إبقاء طلبيات أخرى تناسب الطقس البارد، ويمكن بيعها لاحقا في الشتاء، حسبما أعلن مسؤولون في وقت سابق هذا الشهر.
وقالت كاترينا أوكونيل، المسؤولة التنفيذية المالية في متاجر غاب، إن سلسلة متاجر الملابس تعتزم الاحتفاظ ببعض السلع للشتاء المقبل. وأضافت في وقت سابق هذا الأسبوع خلال مؤتمر بالهاتف مع محللين في “وول ستريت” “في حال اعتقدنا أن السلع ستصل متأخرة لن نعرضها في المتاجر أو على الإنترنت ونجعلها تتسبب في تخفيض الأسعار، سنحتفظ بها للعام المقبل”.
وكانت غاب من الشركات الأكثر تضررا من مشكلات سلسلة التوريد بسبب إغلاق المصانع لفترات طويلة في فيتنام بسبب القيود المرتبطة بالحد من الجائحة في البلاد، ما أسهم في خسارة نحو 300 مليون دولار في المبيعات في الفصل الأخير.
يأتي ذلك في وقت قلل فيه رافايل بوستيك، رئيس البنك الاحتياطي الاتحادي في ولاية أتلانتا، من الخطر الذي قد يشكله المتغير الجديد من كوفيد – 19 على الاقتصاد الأمريكي، وقال إنه منفتح أمام مشتريات الأصول بوتيرة أسرع لإبقاء التضخم تحت السيطرة.
وأضاف بوستيك لشبكة فوكس نيوز في مقابلة “أنا منفتح للغاية أمام تسريع وتيرة البطء في المشتريات، بالنسبة لي، ربع ثان مبكر أو ربع أول متأخر لـ 2022 فكلها صالحة كبدائل معقولة إذا ما أوقفنا مشترياتنا حال استمرار زخم الاقتصاد، كما كال الحال على مدار شهور عدة أخيرة”.