عندما ترغب في معرفة أهمية صناعة السيارات للاقتصاد الألماني، فلا يوجد أفضل من الأرقام لتخبرك بالحقيقة.
أبرز هذه الأرقام أن صناعة السيارات هي أكبر قطاع صناعي في ألمانيا، وفي 2020 بلغ إجمالي مبيعات قطاع السيارات الألماني 379.3 مليار يورو، نحو 20 في المائة من إجمالي إيرادات الصناعة الألمانية، كما تعد ألمانيا سوق السيارات الأولى في أوروبا، حيث تمثل 25 في المائة من جميع سيارات الركاب المصنعة ونحو 20 في المائة من جميع السيارات الجديدة المسجلة.
ومن بين خمس سيارات في جميع أنحاء العالم، سيارة واحدة تحمل علامة تجارية ألمانية، كما أنها موطن لـ42 مصنعا لتجميع السيارات وإنتاج المحركات بسعة تزيد على ثلث إجمالي إنتاج السيارات في أوروبا، و35 في المائة من إجمالي نفقات البحث والتطوير في ألمانيا تذهب لصناعة السيارات، في حين بلغ عدد العاملين في مجال البحث والتطوير في صناعة السيارات في ألمانيا 120 ألف شخص، إضافة إلى أن 18 من أكبر 100 مورد للسيارات في العالم شركات ألمانية.
كما أن نحو 75 في المائة من السيارات التي أنتجت في ألمانيا في 2020 كانت موجهة إلى الأسواق الدولية، وأكثر من 40 في المائة من تسجيلات براءات الاختراع في ألمانيا مصدرها صناعة السيارات.
تلك الأرقام كفيلة بالوصول إلى خلاصة مفادها أنه بعد 125 عاما ونيف من صناعة السيارات في ألمانيا، تظل ألمانيا مركز الابتكار في مجال السيارات في العالم، فهناك مليون شخص تقريبا يعملون في صناعة السيارات الألمانية بشكل مباشر، نصفهم تقريبا في جنوب ألمانيا، وأكثر من ذلك الرقم بكثير يعمل في أنشطة غير مباشرة مرتبطة بتلك الصناعة مثل ورش تصليح السيارات ووكالات البيع وغيرها.
إلا أن الصناعة، التي استمرت لعقود بحيث باتت عظمة السيارات الألمانية وأهمية ألمانيا صنوين لا ينفصلان، تقف اليوم عند مفترق الطرق، فصناعة السيارات على مستوى العالم تشهد ما يعده البعض الثورة الأهم في تاريخها الطويل، إنه التحول من محرك الاحتراق الداخلي التقليدي إلى السيارات الكهربائية، إنها ثورة القرن الـ21.
فما قدرة ألمانيا وصناعة السيارات بها على مواكبة تلك الثورة؟ هل يمكن لألمانيا أن تخرج منها وهي تحمل راية الريادة، أم أنها ستدفع ثمنا باهظها لدخولها المتأخر بعض الشيء في هذا المعترك التكنولوجي؟ هل ستفلح خبرة شركات صناعة السيارات الألمانية ورؤوس أموالها الضخمة وقدرتها التنظيمية وإمكانياتها الابتكارية وسمعتها العالمية في التغلب على منافسيها وبعضهم يتسم بالرشاقة وخفة الوزن ما يساعده على انطلاق أسرع على طريق السيارات الكهربائية؟
تحديات كثر تواجه حجر الزاوية الرئيس في الصناعة الألمانية وربما أحد أبرز العوامل التي تكسبها وضعا مميزا على المستوى العالمي.
يستشهد المهندس إس. آر. توم رئيس قسم البحث والتطوير في شركة فوكسهول بتصريح سابق للرئيس التنفيذي لشركة فولكسفاجن هربرت ديس لصحيفة “هاندلسبلات” الألمانية أن شركات صناعة السيارات الألمانية لديها فرصة بنسبة 50 في المائة في ريادة صناعة السيارات في المستقبل، وأن السبب هو أن الصناعة تواجه حاليا تغييرا هيكليا هائلا، موضحا أنه يعلم أن هذه النسبة غير مريحة بالنسبة لصناعة عريقة مثل صناعة السيارات الألمانية، ولكنها نسبة مبينة على الواقعية وليس التشاؤم.