ملخص: استقرت أسعار الذهب بعد انخفاضها إلى ما دون مستوى الدعم الرئيسي مع الارتفاع المفاجئ لمعدلات التضخم في الولايات المتحدة مرة أخرى مما أدى إلى تأخير توقيت أول خفض لسعر الفائدة في الولايات المتحدة. سيتم تحديد اتجاه الذهب على المدى القصير من خلال البيانات الاقتصادية وتأثيرها على الدولار والعوائد وتوقعات خفض أسعار الفائدة. تواصل البنوك المركزية والمستثمرين الأفراد، لا سيما في الصين، تقديم الدعم لأسعار الذهب على الرغم من الانخفاض الأخير، وفي حين أنه من المرجح أن يستمر الطلب المادي قوياً، ستستمر التدفقات الخارجة من الصناديق المتداولة في البورصة في الحد من ارتفاع أسعار الذهب حتى تبدأ دورة خفض سعر الفائدة. وفي الوقت نفسه، لا تزال الفضة تجد دعماً قوياً في منطقة 22 دولار.
شهد الذهب استقراراً بعد أن انخفض يوم الثلاثاء إلى ما دون مستوى الدعم الذي تحول إلى مقاومة عند 2005 دولار بعد أن فاقت معدلات التضخم الأمريكية التوقعات، مما أثار المزيد من الشكوك حول توقيت ووتيرة وحجم تخفيضات أسعار الفائدة الأمريكية المستقبلية. أدى التأخير المحتمل في موعد أول خفض لسعر الفائدة، الذي تم تأجيله الآن إلى اجتماع اللجنة الفيدرالية للسوق المفتوحة في 12 يونيو، إلى ارتفاع عوائد السندات الأمريكية حيث ارتفعت السندات لأجل 10 سنوات إلى 4.33%، مما يشكل قفزة قدرها 51 نقطة أساس في أسبوعين فقط. وفي الوقت نفسه، شهدت قفزة العائد وصول مؤشر بلومبرغ للدولار إلى أعلى مستوى له في ثلاثة أشهر، مدعوماً باحتمال تحرك البنوك المركزية الأخرى مثل بنك إنجلترا والبنك المركزي الأوروبي والبنك الوطني السويسري في وقت أقرب، وبالتالي زيادة الإقبال على الدولار مقارنة بالعملات الأخرى.
مازلنا نتوقع استمرار ارتفاع أسعار الذهب والفضة، ولكن كما أوضحنا في عدة مناسبات في الأشهر الأخيرة، من المرجح أن يظل كلا المعدنين مستقرين حتى تتضح الصورة بشكل أفضل حول موعد تخفيض أسعار الفائدة الأمريكية. قد يشهد السوق بعض التحسن قبل أن يحين موعد التخفيض الأول، كما ان زيادة التوقعات بخفض تدريجي لأسعار الفائدة قد تصل إلى مستويات تجعل الأسعار عرضة للتصحيح. مع وضع ذلك في الاعتبار، سيواصل التوجه قصير الأمد للذهب والفضة تأثره بالبيانات الاقتصادية الواردة وتأثيرها على الدولار والعوائد وتوقعات خفض أسعار الفائدة.
انتقل سوق أسعار الفائدة قصيرة الأجل من التسعير في أكثر من ست نقاط أساس من تخفيضات أسعار الفائدة الأمريكية هذا العام إلى أقل من أربع نقاط، في حين انتقلت الرهانات على توقيت التخفيض الأول إلى يونيو، مما قد يقلل من الآمال بخفض أسعار الفائدة. هذا إذا استبعدنا احتمال قيام اللجنة الفيدرالية للسوق المفتوحة بتخفيض أسعار الفائدة بالقرب من موعد الانتخابات الرئاسية الأمريكية في نوفمبر من أجل تجنب اتهامها بالانحياز نحو الرئيس الحالي.
يشهد سوق الذهب حالياً، بعد أن تراجع إلى ما دون الدعم الرئيسي، معركة بين قيام المستثمرين الذي يتابعون الزخم بالبيع واستمرار الطلب المادي من البنوك المركزية والمستثمرين الأفراد في الشرق الأوسط والهند والطبقة الوسطى في الصين التي تحاول الحفاظ على ثرواتها المتضائلة الناجمة عن أزمة سوق العقارات وواحدة من أسوأ أسواق الأسهم أداءً في العالم بالإضافة إلى ضعف اليوان. أفاد مجلس الذهب العالمي، قبل عطلة رأس السنة الصينية الجديدة هذا الأسبوع، أن الطلب على الذهب بالجملة في الصين كان الأقوى في يناير، حيث تم شراء 271 طناً بينما أعلن بنك الشعب الصيني عن شراء الذهب الخامس عشر على التوالي في يناير، مضيفاً 10 أطنان إلى احتياطاته من الذهب ليرتفع المجموع إلى 2245 طناً.
كما وصف مجلس الذهب العالمي لعام 2023، العام المنصرم بأنه شهد مرة أخرى تزايد كبير في الطلب، نتيجة عمليات الشراء التي تقوم بها البنوك المركزية وشراء كميات كبيرة من المجوهرات من قبل المستهلكين. حيث بلغت مشتريات البنوك المركزية 1037 طناً، أي أقل بـ 45 طناً فقط من الرقم القياسي لعام 2022، في حين استمرت عمليات شراء المجوهرات لتصل إلى 2093 طناً بالرغم من ارتفاع الأسعار. تساعد مثل هذه الأرقام في تفسير سبب التأثير السلبي المحدود للتدفقات المستمرة من الصناديق المتداولة في البورصة منذ مايو 2022. خلال هذا الوقت، توجهت أنظار مديرو الأصول والمستثمرون الآخرون إلى مكان آخر وسط ارتفاع تكلفة التمويل والفرص البديلة مقارنة بالاحتفاظ بمركز في السندات، ومن غير المرجح أن يتغير هذا الوضع حتى يتم خفض أسعار الفائدة الأمريكية، ولهذا يجب التحلي بالصبر.