حذّر خبراء بارزون في مجالات البحث العلمي، وصنّاع السياسات الصحية، وممثلو الدفاع عن حقوق المرضى، إلى جانب المتخصصين في الممارسات الإكلينيكية، من ارتفاع نسبة “البروتين الدهني (أ)” – المعروف بالإنجليزية بـ Lp(a) – في الدم، مؤكدين أنه عامل وراثي شديد الخطورة يرتبط مباشرةً بأمراض القلب والأوعية الدموية، ويؤثر على واحد من كل خمسة أشخاص حول العالم¹. وأوضحوا أن هذا المؤشر الحيوي، وبرغم أثره البالغ على الصحة العامة، لا يزال مهمَلًا إلى حد كبير، سواء من حيث التشخيص المبكر أو الوعي المجتمعي بأبعاده الصحية.
تحذيرات الخبراء جاءت خلال نقاشاتهم المعمقة التي شهدتها ندوة “مخاطر البروتين الدهني (أ) “Introducing the Little (a) with Big Consequences، التي نظمتها شركة نوفارتس بالتعاون مع منظمة مركز القلب العالمي Global Heart Hub، قُبيل اليوم العالمي للقلب (الموافق 29 سبتمبر 2025) والتي أقيمت ضمن حملة توعوية عالمية مشتركة يقودها الطرفان بهدف رفع مستوى الوعي بخطر البروتين الدهني (أ)، وضمان إتاحة الفحوص والعلاجات الخاصة به على نحوٍ عادل ومتساوٍ للجميع في مختلف أنحاء العالم. وقد حظيت الندوة بمشاركة واسعة من ممثلي وسائل الإعلام الرائدة في دولة الإمارات، ما أضفى عليها بعدًا إعلاميًا مهمًا في دعم الرسالة التوعوية ونشرها على نطاق أوسع.
وتأتي هذه التحذيرات في وقت تؤكد فيه الإحصاءات الطبية المتخصصة أن أمراض القلب والأوعية الدموية لا تزال حتى الآن السبب الأول للوفيات حول العالم، حيث تودي بحياة ما يقرب من 18 مليون شخص سنويًا، أي أكثر من جميع أنواع السرطان مجتمعة2,3. ويُعد ارتفاع مستوى البروتين الدهني (أ) Lp(a) – حالة وراثية تزيد بشكل مستقل من احتمالات الإصابة بالنوبات القلبية أو السكتات الدماغية3,4.
ولقياس مستوى الوعي المجتمعي بخطورة هذا المؤشر الحيوي، أجرت نوفارتس مؤخرًا دراسة استقصائية في مناطق آسيا والمحيط الهادئ والشرق الأوسط، كشفت أن ثلثي المشاركين (66%) لا يجرون فحوصات القلب الروتينية، فيما يجهل قرابة نصفهم (45%) وجود ارتباط وراثي مباشر بأمراض القلب. أما بخصوص معرفتهم بوجود اختبار للكشف عن البروتين الدهني (أ)، فجاءت محدودة للغاية، إذ لم تتجاوز نسبة من خضعوا لهذا الفحص 7% فقط من إجمالي المشاركين.
وفي هذا السياق، شدّد الدكتور روني شنتوف، أخصائي أمراض القلب والأوعية الدموية بمستشفى كليفلاند كلينك أبوظبي، على أهمية الفحص المبكر لمستويات البروتين الدهني (أ)، قائلًا: “عندما يتعلق الأمر بصحة القلب، فإن المعرفة هي القوة الحقيقية. وهذا الفحص البسيط – الذي غالبًا ما يتم تجاهله – يوفّر صورة أكثر شمولاً عن صحة القلب، ما يجعله أداة فعّالة تُمكّن الطبيب والمريض من اتخاذ تدابير وقائية واستباقية تحفظ الحياة وتحد من المخاطر.”
كما أكّد نيل جونسون، المدير التنفيذي لمنظمة “مركز القلب العالمي” (Global Heart Hub) ، على أهمية موضوع الندوة، قائلاً: “لا تزال أمراض القلب والأوعية الدموية السبب الأول للوفيات على مستوى العالم، ومع ذلك يبقى ارتفاع مستوى البروتين الدهني (أ) – وهو عامل خطر وراثي واسع الانتشار – خارج دائرة الاهتمام لدى معظم الناس. هذا الواقع لا بد أن يتغير، وهنا يبرز الدور المحوري لوسائل الإعلام في تسليط الضوء على هذا الخطر الخفي وإدماجه في النقاش العالمي حول صحة القلب.”
وشهدت الندوة مداخلات غنية من عدد من الخبراء الدوليين، حيث استعرض البروفيسور جيرالد واتس، أستاذ القلب والتمثيل الغذائي بجامعة ويسترن أستراليا، التأثيرات الصحية لارتفاع مستوى البروتين الدهني (أ) على القلب والأوعية الدموية. فيما دعت نيكولا بيدلينغتون، كبيرة مستشاري السياسات وقائدة فريق العمل الدولي المعني بالبروتين الدهني (أ) في مؤسسة FH Europe، إلى إدراج اختبار هذا المؤشر الحيوي ضمن الإرشادات الوطنية لأمراض القلب والأوعية الدموية، باعتباره خطوة أساسية لسد الثغرات القائمة في منظومات الرعاية الصحية. وبدورها، عززت البروفيسورة زانفينا أديمي، أستاذة اقتصاديات الصحة بجامعة موناش، هذا التوجه، مؤكدة أن تعميم فحوص البروتين الدهني (أ) يمثل استثمارًا وقائيًا فعّالًا يعود بفوائد مباشرة على النظم الصحية والمجتمع بأسره.
وعلى الصعيد الإقليمي، تناول خبراء من الشرق الأوسط وآسيا والمحيط الهادئ التحديات العملية المرتبطة بتشخيص ارتفاع البروتين الدهني (أ) وإدارته، من بينهم البروفيسور يونغوو جانغ من مركز جيل الطبي بجامعة غاتشون في كوريا، والدكتور روني شانتوف من كليفلاند كلينك أبوظبي، والدكتور سرينيفاس كومار من مستشفيات أبولو في الهند. وفي بُعد إنساني مؤثر، استعرض رام خانديلوال، الناشط في مجال الدفاع عن حقوق المرضى – والذي نجا من نوبة قلبية مبكرة وهو في الثالثة والثلاثين من عمره – تجربته الشخصية، متحدثًا عن رحلته مع المرض والدوافع التي قادته إلى إطلاق Heart Health India Foundation، كأول مجموعة دعم في الهند تُعنى برفع مستوى الوعي لدى المرضى بمخاطر البروتين الدهني (أ).
وبرغم تدني مستوى الوعي بخطورة ارتفاع البروتين الدهني (أ) بين المشاركين في الاستطلاع من آسيا والمحيط الهادئ والشرق الأوسط، فقد كشفت النتائج عن جانب يدعو إلى التفاؤل؛ إذ أبدى 58% من المشاركين استعدادهم لإجراء فحوص جينية للكشف عن المخاطر الوراثية، وهو ما يفتح نافذة حقيقية لتمكين الأفراد بالمعرفة العلمية التي قد تسهم في إنقاذ حياتهم.
ومن جانبه، قال محمد عز الدين، رئيس نوفارتس لمنطقة دول مجلس التعاون الخليجي: “هناك حاجة ملحّة إلى رفع مستوى الوعي بخطورة البروتين الدهني (أ)، باعتباره أحد أكثر العوامل الوراثية تأثيرًا على صحة القلب والأوعية الدموية. ومن هذا المنطلق، ينبغي تشجيع إجراء الفحوص الدورية الخاصة به، وتعزيز أطر التعاون بين مختلف الجهات المعنية بهذا الأمر.” مؤكّدًا التزام نوفارتس بالعمل مع شركائها في منظومة الرعاية الصحية وقطاع الأعمال لضمان توفير المعلومات والحلول التي تخفف من أعباء أمراض القلب والأوعية الدموية.