الرئيس التنفيذي
أشرف الحادي

رئيس التحرير
فاطمة مهران

تراجع طفيف للمعادن الثمينة بعد تسجيلها مستويات قياسية

أنهى الذهب والفضة الأسبوع الماضي بأداء أضعف قليلاً بعد أن سجّلا مستويات قياسية جديدة في وقت سابق. وجاء التراجع في ظل تحسّن شهية المخاطرة في الأسواق العالمية، لا سيما في الولايات المتحدة، حيث تلاشت سريعاً موجة القلق القصيرة التي أثارتها بعض الضغوط في القطاع المصرفي الإقليمي.

بلغ الذهب ذروته الجديدة عند 4,380 دولار للأونصة قبل أن يتراجع، بينما تداولت الفضة لفترة وجيزة عند 54.48 دولار، ولامس البلاتين مستوى 1,733 دولار. وجاء الانخفاض يوم الجمعة نتيجة عمليات جني أرباح قصيرة الأجل أكثر من كونه تحولاً في الاتجاه الأساسي. ولا تزال المعادن الثلاثة في مسار صعودي قوي رفع أسعارها بين 60% و80% منذ بداية العام.

عامل السيولة: لماذا تتأثر الفضة والبلاتين أكثر بالتصحيحات؟
أكدت حركة الأسعار مجدداً أهمية فروقات السيولة بين المعادن. فسيولة الفضة تقلّ بنحو تسع مرات عن سيولة الذهب، بينما عمق سوق البلاتين أقل بكثير. هذه الفروقات تضخّم المكاسب والخسائر على حد سواء: فاندفاع الشراء يصطدم بعرض محدود، وأي جني أرباح يؤدي إلى تحركات مفرطة الحجم.

انخفضت الفضة بنسبة 7% من أعلى إلى أدنى مستوى يوم الجمعة، ما محا مكاسب يومين فقط وأبقى الأسعار فوق مستوى 50 دولار. إلا أن ذلك أظهر كيف يمكن لضعف السيولة أن يحوّل تقلبات عادية إلى حركات حادة. الأمر ذاته ينطبق على البلاتين، الذي تراجع بنحو 9.5% بفعل تدفقات أوامر محدودة.

الذهب: استراحة وليست انعكاساً
لا تزال موجة ارتفاع الذهب منذ أواخر أغسطس تمثل الركيزة الأساسية للمعادن الثمينة. فقد أدى اختراق نطاق التماسك الممتد لعدة أشهر إلى دفع الأسعار نحو مستويات قياسية جديدة. ورغم أن الزخم قصير الأجل يبدو مبالغاً فيه، فإن الطلب الأساسي ما زال قوياً. ويُعدّ أي تراجع في حدود 200–300 دولار تصحيحاً طبيعياً لا أكثر، فيما يُتوقع أن يستقطب نطاق 4,000–4,100 دولار عمليات شراء جديدة.
ولا تزال العوامل الجوهرية التي دفعت الذهب لتسجيل قمم متتالية على حالها: تراجع الثقة في النظام المالي التقليدي، وارتفاع مشتريات البنوك المركزية، وعودة الطلب من المستثمرين الغربيين عبر صناديق المؤشرات (ETFs)، إلى جانب استمرار الطلب من الأسر الصينية التي تبحث عن بدائل في ظل أزمة العقارات الممتدة منذ أربع سنوات. كما أدى تآكل الثقة في العملات الورقية والإدارة المالية في الغرب إلى تقويض المكانة التقليدية لسندات الخزانة الأميركية كأصل “خالٍ من المخاطر”. فاليوم، باتت الأسواق ترسل رسالة أكثر دقة: “الخلو من المخاطر” لم يعد يعني “الخلو من انعدام الثقة”.

الفضة: التقلب يلتقي بالمخاطر
بعد ارتفاع يقارب 40% منذ اختراقها في أواخر أغسطس، خضعت الفضة لجني أرباح طبيعي. وقد أدى التراجع يوم الجمعة إلى ارتفاع نسبة الذهب إلى الفضة من 78 إلى 82، ما يوضح سرعة تغيّر القيم النسبية عندما تنخفض السيولة. الدعم الفني الأول للفضة يظهر قرب 49.4 دولار، وهو مستوى تصحيح فيبوناتشي أولي، يليه مستوى دعم أوسع عند 48 دولار.

الأنظار تتجه الآن إلى نتائج تحقيق البند 232 الأميركي حول واردات المعادن الحيوية، بما في ذلك الفضة والبلاتين والبلاديوم. إذ يمكن لهذا القرار أن يعيد تشكيل سلاسل الإمداد وهيكل الأسعار على جانبي الأطلسي.

في حال عدم فرض رسوم، قد تنخفض الضغوط في سوق لندن بفضل زيادة تدفق المعادن الأميركية نحو أوروبا، ما سيقلّص الفجوة السعرية الأخيرة بين بورصتي لندن وكوميكس ويعيد معدلات الإقراض لشهر واحد إلى المستويات الطبيعية.

أما في حال فرض رسوم جمركية، فستبقى المعادن داخل الولايات المتحدة شبه “محجوزة”، ما سيزيد من الضيق في لندن ويرفع أقساط كوميكس مجدداً. وفي هذا السيناريو، قد تعيد الفضة اختبار قممها الأخيرة وربما تتجاوزها، مدفوعةً بعوامل ضغط السوق لا بزيادة الطلب الفعلي.

لذلك يتعامل المتداولون مع البند 232 على أنه حدث ثنائي الاتجاه ذو نتائج غير متماثلة. فكلا السيناريوهين يقدمان فرصاً، لكن حجم المراكز الاستثمارية سيكون حاسماً نظراً لانخفاض سيولة الفضة وميلها للتحركات المبالغ بها.

البلاتين: سوق محدودة السيولة وتقلبات حادّة
ارتفع البلاتين إلى 1,733 دولار متبعاً مسار الفضة، مدعوماً بتشديد التوقعات حول العرض وزيادة الطلب الاستثماري عبر صناديق المؤشرات. كما ساهمت الاضطرابات في الإمدادات وعمليات الاستبدال من مشتري الذهب في تعزيز الصعود، مما خفّض نسبة الذهب إلى البلاتين من 3.6 في أبريل إلى 2.68 حالياً.
ورغم أن البلاتين لا يزال أقل بنحو 2,700 دولار من الذهب — بعد أن كان متكافئاً معه قبل عقد — فإن المعدن الأبيض مرشح للاستفادة من الرياح الداعمة للذهب. وتظل العوامل الأساسية إيجابية على المدى الطويل، مع استمرار أزمات الطاقة في جنوب أفريقيا في تقييد نمو المعروض، وتراجع المخزونات العالمية في ظل طلب قوي من قطاع السيارات، وصناعة المجوهرات، والتقنيات الناشئة، فضلاً عن المستثمرين الماليين. ومع ذلك، يبقى البلاتين الأقل سيولة بين المعادن الثلاثة، ما يجعله عرضة لتحركات مفاجئة نتيجة الأخبار الاقتصادية أو تقلبات العملات.

نبض الطلب الآسيوي قد يهدأ مع بداية ديوالي
يمثل موسم ديوالي نقطة تحول موسمية في الطلب الآسيوي على المعادن الثمينة. فالمشتريات عادة ما تتباطأ خلال فترة العيد قبل أن تتعافى في الربع اللاحق. هذا العام، كان الطلب على الفضة في الهند قوياً بشكل استثنائي مع اتجاه المشترين الأفراد بعيداً عن الذهب مرتفع التكلفة. وقد يؤدي هذا التوقف المؤقت إلى تخفيف حدة الضغوط التي ظهرت مؤخراً في معدلات الإقراض القصيرة.

أما في الصين، فيظل الدور أكثر هيكلياً: فمع ضعف سوق العقارات، تواصل الأسر التعامل مع الذهب كأداة للحفاظ على القيمة لا للمضاربة. وبما أن الذهب المستورد لا يمكن إعادة تصديره بحرية، فإن كل طن يدخل البلاد يقلّل فعلياً من المعروض العالمي، وهو ما عزز صمود الذهب حتى خلال فترات تحسّن شهية المخاطرة العالمية.

المنظور الفني: زخم قوي لكن السوق ليست مزدحمة
من الناحية الفنية، أدت موجة الصعود الأخيرة إلى مؤشرات زخم نادراً ما شوهدت منذ عقود، لكن غياب المراكز المضاربية الثقيلة يشير إلى أن السوق ما تزال “منخفضة الملكية” وليست مكتظة بالمستثمرين.

بالنسبة للذهب، فإن الارتفاع الأخير أزال مستويات المقاومة التقنية السابقة، لتتركز الأنظار الآن على 4,500 دولار كمستوى نفسي رئيسي تالي، مع بقاء الدعم في نطاق واسع حول 4,000 دولار، لا سيما عند 3,972 دولار الذي يمثل تصحيح فيبوناتشي بنسبة 38.2% لموجة الصعود بين أغسطس وأكتوبر.

 

الطلب الهيكلي ما زال قائماً
بعيداً عن التقلبات قصيرة الأجل، تبقى الصورة الكبرى مدفوعة بطلب هيكلي مستدام. فمنذ عام 2022، ظلت البنوك المركزية — وخاصة في الأسواق الناشئة — مشترياً صافياً قوياً، مدفوعةً بمخاوف من العقوبات والعجز المالي وتسليح العملات. في الوقت ذاته، ارتفعت حيازات صناديق المؤشرات بالتوازي، مما يؤكد تجدد الإقبال من المستثمرين الأفراد والمؤسسات الباحثين عن أصول ملموسة خارج النظام المالي.
في الذهب وحده، اشترى المستثمرون، وخصوصاً في الغرب، كميات في عام 2025 تفوق ما باعوه خلال السنوات الثلاث السابقة مجتمعة.

إن ما يُعرف بـ”التحوّط من انعدام الثقة” — الناتج عن الضغوط المالية والتجزئة الجيوسياسية وتسليح العملات — فصل الذهب عن الارتباطات الماكرو التقليدية. فقد ضعُف الارتباط العكسي القديم بين العوائد الحقيقية وأسعار الذهب، مما يدل على أن محركات جديدة باتت تهيمن على السوق.
وفي المدى القريب، سيظل المتداولون حذرين كما حدث يوم الجمعة، بانتظار تصحيح محتمل أو فترة تماسك صحيّة تسمح لمن فاتهم الصعود بالانضمام إلى السوق، وتختبر مدى قوة الطلب في حال حدوث تصفية لمراكز صناديق التحوط قصيرة الأجل. لكن قوة الطلب الأساسي، إلى جانب شحّ الأسواق المادية واستمرار المشتريات الرسمية، ترجّح مرحلة تماسك بدلاً من تصحيح حاد أو طويل الأمد.

المتغيرات الرئيسية في الأسابيع المقبلة
● نتيجة تحقيق البند 232 الأميركي، التي ستحدد اتجاه تدفقات التجارة بين الولايات المتحدة وأوروبا.
● الطلب الآسيوي بعد ديوالي، خصوصاً من مشتري الفضة في الهند.
● تدفقات صناديق المؤشرات والبنوك المركزية، التي ستؤكد مدى استمرار الطلب المؤسسي خلال فترات التراجع.
● سلوك العوائد الحقيقية الأميركية والدولار، رغم تراجع تأثيرهما النسبي، إلا أنهما يظلان عاملين مهمين.

الرسالة الأوسع لم تتغير: لا يزال هذا سوقاً صاعداً هيكلياً للأصول الملموسة، مدفوعاً بإعادة تسعير الثقة في النظام المالي العالمي. وما نراه اليوم ليس إرهاقاً في الاتجاه، بل استراحة ضرورية في مسار صاعد يحتاج أحياناً إلى أن يلتقط أنفاسه.

أخبار ذات صلة

السلع: التحرك في الضباب مع توقف تقارير التزامات المتداولين جراء الإغلاق الحكومي الأميركي

الهوية المعمارية لـ “الأصل غير المرئي”

آفاقُ بناء قيمة مستدامة بالذكاء الاصطناعي المفتوح والقابل للتوسُّع

الذكاء الاصطناعي ومستقبل علاج أمراض الأوعية الدموية

أولي هانسن – رئيس استراتيجية السلع في ساكسو بنك

تقرير السلع الأسبوعي: مخاطر الإغلاق الحكومي تعزز الإقبال على الأصول الصلبة

“الإنابة” .. تسبق بخطوة!

من الاتصال إلى التنافسية: تعزيز التحول الرقمي في مصر من خلال شبكة الجيل الخامس

تحليل: تباطؤ الزخم الاقتصادي في المملكة المتحدة وترقب الأسواق لقرارات الفيدرالي الأمريكي

آخر الأخبار
تفاصيل زيارة الرئيس السيسي إلى بروكسل.. لقاءات وكلمات القاهرة الإخبارية: الصليب الأحمر في طريقه لتسلم جثماني محتجزين اثنين جنوب غزة بنك مصر يتبني دورًا فاعلًا بالمساهمة في دعم دور الأيتام والمسنين بُكرة تحتفل بإطلاق أول منظومة ادخار واستثمار رقمية متوافقة مع الشريعة الإسلامية في الشرق الأوسط تفاصيل ضخ 7.4 مليارات يورو استثمارات أوروبية لمصر.. السفير أحمد ابو زيد يوضح TIGGO9 تتفوّق في اختبار التصادم الجانبي بزاوية 15 درجة خلال قمة مستخدمي علامة شيري، لترتقي بمعايير س... وزارة الطيران تنظم جولة تفقدية لمحرري شؤون قطاع الطيران بمطار سفنكس الدولي وظائف وزارة الري 2025 متاحة الآن.. تعرف على الشروط والتخصصات المطلوبة شروط الحصول على الشقق البديلة للإيجار القديم 2025 وكيفية التقديم خطوة بخطوة Realme P3 Lite الجديد رسميًا.. هاتف أنيق بإمكانيات جبارة وسعر منافس حالة الطقس غدا في مصر.. تعرف على حالة الجو و درجات الحرارة أنظمة سداد شقق بيتك في مصر 2025.. اختار الخطة المناسبة لك بسهولة وزيرة التضامن الاجتماعي تستقبل وزيرة الدولة للتعاون الدولي بدولة قطر مقبرة الملك توت عنخ آمون في حالة جيدة من الحفظ وليست معرضة للانهيار رئيس الوزراء يلتقي محافظ البنك المركزي هبوط حاد في أسعار الذهب. ومفاجأة في سعر عيار 21 الشركة السعودية المصرية للتعمير تطلق مشروع "Tierra" في التجمع السادس "مصر الخير" تتعاون مع "كير مصر" و"إنقاذ الطفولة" لتطوير قطاع العمل الأهلي مجلس الإمارات للمستثمرين بالخارج" يعتمد رؤية استراتيجية وهوية مؤسسية جديدتين لتوجيه ودعم الاستثمارات... بدء العد التنازلي لانطلاق ترايثلون تي 100 ضمن تحدي دبي للياقة البدنية 30X30