زهران ممداني، الاسم الذي أصبح محور اهتمام الساحة السياسية الأمريكية في عام 2025، بعدما حقق إنجازاً تاريخياً بتوليه منصب عمدة مدينة نيويورك، ليصبح أول مسلم يشغل هذا المنصب وأصغر من يتولاه منذ أكثر من قرن.
مسيرة ممداني تمثل نموذجاً للسياسي الصاعد الذي جمع بين الوعي الاجتماعي، والانتماء الإنساني، والإصرار على التغيير في واحدة من أكثر المدن تنوعاً وتعقيداً في العالم.
وُلد زهران ممداني في العاصمة الأوغندية كمبالا لأبوين ينحدران من أصول هندية، فوالده الأكاديمي المعروف محمود ممداني، ووالدته المخرجة الشهيرة ميرا ناير.
نشأ في بيئة متعددة الثقافات، حيث انتقلت عائلته إلى كيب تاون بجنوب أفريقيا قبل أن تستقر في الولايات المتحدة عندما كان طفلاً، وهي التجربة التي شكّلت وعيه المبكر بمفاهيم العدالة الاجتماعية والتنوع الثقافي.
قبل دخوله عالم السياسة، عمل ممداني مستشاراً في مجال منع حجز المساكن، وهو المجال الذي كشف له عن عمق أزمة السكن في نيويورك.
من خلال عمله أدرك أن ما يعانيه السكان من ارتفاع الإيجارات وتشريد العائلات ليس نتيجة طبيعية، بل هو ثمرة سياسات اقتصادية منحازة، ما دفعه إلى الانخراط في العمل العام والدفاع عن حق الجميع في السكن الكريم.
في عام 2017 انضم ممداني إلى حركة الاشتراكيين الديمقراطيين في أميركا، وهي خطوة عبّرت عن توجهه اليساري ورغبته في إعادة تعريف دور الحكومة المحلية كمؤسسة تخدم الناس لا المصالح الخاصة.
ومن خلال هذه الحركة، بنى شبكة دعم واسعة بين الشباب والطبقات العاملة والأقليات العرقية، الذين وجدوا فيه صوتاً معبراً عن قضاياهم.
عام 2020 كان نقطة التحول الكبرى في مسيرته، حيث فاز في الانتخابات التمهيدية للحزب الديمقراطي ليصبح عضواً في الجمعية التشريعية لولاية نيويورك عن الدائرة 36.
خلال فترته في المجلس، ركز على قضايا العدالة السكنية، وتحسين الخدمات العامة، ومكافحة التمييز، مما عزز من مكانته كأحد أبرز الوجوه التقدمية في الولاية.
في عام 2025، خاض ممداني الانتخابات التمهيدية لعمدة مدينة نيويورك وفاز فيها بدعم قوي من تيار اليسار داخل الحزب الديمقراطي، بالإضافة إلى تأييد من شخصيات مؤثرة مثل ألكسندريا أوكاسيو-كورتيز وبرني ساندرز.
حملته الانتخابية اعتمدت على خطاب يركز على العدالة الاقتصادية والمناخية، وإصلاح الشرطة، وتوسيع الإسكان الميسور، وهي القضايا التي لامست هموم سكان المدينة.
توليه رئاسة بلدية نيويورك شكّل حدثاً تاريخياً يعكس التحول المستمر في المشهد السياسي الأمريكي، حيث يتزايد حضور الأقليات والمهاجرين في مواقع القيادة.
وبرغم التحديات الكبيرة التي تواجهه، من أزمة السكن إلى الأمن العام والاقتصاد المحلي، يُنظر إلى ممداني كوجه جديد للأمل في مدينة تبحث دائماً عن التغيير.
زهران ممداني اليوم لا يمثل فقط أول مسلم يقود نيويورك، بل يجسد أيضاً رؤية جديدة للسياسة تقوم على العدالة الاجتماعية والتنوع والمشاركة الشعبية، ما يجعل تجربته نموذجاً يحتذى به في مدن أخرى داخل الولايات المتحدة وخارجها.







