مشروع نيوم السعودي يمثل خطوة جريئة نحو بناء مدينة المستقبل الذكية، ضمن إطار رؤية المملكة 2030 التي تهدف إلى تنويع الاقتصاد الوطني وتقليل الاعتماد على النفط. يقع المشروع في شمال غرب المملكة على ساحل البحر الأحمر، في موقع استراتيجي يربط بين ثلاث قارات هي آسيا وأفريقيا وأوروبا، ما يمنحه ميزة جغرافية فريدة تعزز من مكانته كمركز عالمي للأعمال والابتكار.
ويُعد مشروع نيوم من أبرز المشروعات العملاقة في العالم، إذ يهدف إلى إعادة تعريف مفهوم المدن الذكية عبر الاعتماد الكامل على الطاقة المتجددة وتحقيق الاستدامة البيئية الشاملة.
ويركز المشروع على إيجاد بيئة معيشية عالية الجودة تعتمد على التكنولوجيا الحديثة في مختلف مناحي الحياة، بدءًا من المواصلات الذكية والرعاية الصحية الرقمية وحتى أنظمة إدارة الطاقة والمياه.
من أهم ركائز المشروع تحقيق الاستدامة البيئية من خلال تشغيل المدينة بالكامل بالطاقة المتجددة بنسبة مئة في المئة، والوصول إلى مستوى انبعاثات كربونية صفر.
كما تعمل نيوم على استعادة التوازن البيئي عبر تحسين النظم الطبيعية، وزيادة المساحات الخضراء، واستخدام تقنيات مبتكرة في إعادة التدوير وإدارة الموارد الطبيعية بكفاءة عالية.
في جانب المدن الذكية، تعتمد نيوم على الذكاء الاصطناعي في إدارة مختلف القطاعات. وتشمل هذه التقنيات أنظمة مرور ذكية تقلل من الازدحام والحوادث، وخدمات صحية رقمية تقدمها روبوتات وأجهزة ذكية قادرة على تشخيص الحالات الطبية بسرعة ودقة.
كما تُستخدم التقنيات الحديثة في التعليم والإسكان والخدمات العامة لضمان رفاهية السكان وتحقيق تجربة معيشية متكاملة.
من أبرز مشروعات نيوم الفرعية مشروع ذا لاين، وهو نموذج فريد لمدينة خطية بطول 170 كيلومتراً، تُبنى دون سيارات أو طرق تقليدية، وتعتمد على التنقل السريع والمستدام.
ويهدف هذا المشروع إلى تقليل البصمة البيئية وتعزيز جودة الحياة من خلال بيئة خالية من التلوث والضوضاء، مع توفير كل الخدمات على مسافة دقائق سيراً على الأقدام.
كما يشكل الابتكار التكنولوجي محوراً رئيسياً في رؤية نيوم، إذ تسعى المدينة لتكون مختبراً عالمياً مفتوحاً لتجربة وتطوير تقنيات المستقبل.
وتشمل هذه التقنيات الطاقة النظيفة، والذكاء الاصطناعي، والروبوتات، والاقتصاد الرقمي. وتخطط نيوم لأن تصبح وجهة عالمية للشركات الناشئة ورواد الأعمال، من خلال بيئة تشجع على الإبداع والتجريب الحر.
ويأتي الاقتصاد الدائري كأحد الأسس التي يقوم عليها المشروع، حيث تهدف نيوم إلى تقليل النفايات إلى أدنى حد ممكن، وإعادة استخدام الموارد بطرق مبتكرة، ما يجعلها نموذجاً يحتذى به في التنمية المستدامة.
من المتوقع أن يساهم المشروع في توفير مئات الآلاف من فرص العمل، وجذب الاستثمارات المحلية والعالمية، مما يعزز من نمو الاقتصاد السعودي ويجعل نيوم منصة عالمية للتقنية والاستدامة.
وبذلك، لا تمثل نيوم مجرد مدينة جديدة، بل رؤية مستقبلية لطريقة جديدة للعيش والعمل تعتمد على الابتكار والذكاء والاحترام الكامل للبيئة، لتكون نموذجاً للمدن القادمة في القرن الحادي والعشرين.







