شهدت أسواق البن العالمية تراجعًا ملحوظًا في الأسعار خلال الساعات الماضية، وذلك على خلفية القرار المفاجئ الذي أصدره الرئيس الأميركي دونالد ترامب بإلغاء الرسوم الجمركية المفروضة سابقًا على واردات القهوة القادمة من البرازيل، أكبر منتج ومصدّر للبن في العالم. وأدى هذا القرار إلى تحركات واسعة في أسواق السلع الزراعية، وأعاد تشكيل موازين العرض والطلب بشكل واضح، ما انعكس مباشرة على الأسعار العالمية.
وجاء القرار الأميركي كجزء من حزمة إصلاحات تجارية تستهدف تخفيف الضغوط على الصناعات المحلية التي تعتمد على المواد الخام المستوردة، إضافة إلى تحسين العلاقات الاقتصادية مع البرازيل. وأشار ترامب إلى أن القرار يهدف إلى خفض تكاليف الإنتاج للمصنعين الأميركيين وتشجيع المنافسة، مؤكدًا أن المستهلك الأميركي سيكون أول المستفيدين من أسعار البن المنخفضة.
وفور الإعلان، شهدت بورصات السلع انخفاضًا تراوح بين 7% و12% في عقود البن الآجلة، في أكبر تراجع يومي منذ أكثر من عامين. وأرجع محلّلون هذا الهبوط إلى توقعات بزيادة كبيرة في تدفق الشحنات البرازيلية إلى السوق الأميركية التي تُعد من أكبر مستهلكي القهوة عالميًا، ما يعزز وفرة المعروض ويضغط على الأسعار.
وفي المقابل، أثار القرار جدلاً في بعض الدول المنتجة الأخرى مثل فيتنام وكولومبيا وإثيوبيا، حيث يخشى المزارعون من تأثيرات سلبية على عائداتهم نتيجة المنافسة الشديدة مع القهوة البرازيلية الأقل تكلفة. وأعربت اتحادات مزارعين في تلك الدول عن قلقها من احتمال اضطرارها إلى خفض الأسعار للحفاظ على حصتها السوقية، ما قد يزيد من الضغوط الاقتصادية على المنتجين الصغار.
أما في الولايات المتحدة، فقد رحّبت شركات المقاهي الكبرى والمحمصات الصناعية بالقرار، مشيرة إلى أنه سيسهم في خفض تكاليف الشراء وتحسين الهوامش التشغيلية. وأكدت بعض العلامات التجارية أن الأسعار النهائية للمستهلك قد تشهد تراجعًا تدريجيًا في الأسابيع المقبلة، خاصة مع وصول الشحنات الجديدة منخفضة التكلفة.
ورغم المكاسب المحتملة للمستهلكين، حذّر خبراء اقتصاديون من أن القرار قد يؤدي إلى هيمنة أكبر للبرازيل على سوق البن العالمي، ما قد يخلق اختلالًا طويل المدى في سلاسل التوريد ويهدد التنوع في المنتج العالمي. كما نبّهوا إلى أن أي اضطرابات مستقبلية في الإنتاج البرازيلي—مثل التغيرات المناخية أو موجات الجفاف—قد تتسبب في تقلبات حادة في الأسعار حال توسع اعتماد الأسواق على مصدر واحد.
وبينما تستمر الأسواق في التفاعل مع القرار الأميركي، يرجّح المحللون أن يبقى سوق البن في حالة تقلب خلال الأسابيع المقبلة مع مراقبة تطورات السياسات التجارية وحجم الشحنات البرازيلية الفعلية، إلى جانب ردود الفعل من الدول المنتجة الأخرى.







