تقف المملكة العربية السعودية، أكبر اقتصاد في الشرق الأوسط وموطن أكثر من 32 مليون نسمة، عند نقطة تحول حاسمة في مسيرتها نحو أن تصبح مركزاً عالمياً للتجارة والابتكار والاستثمار. وبفضل الإصلاحات الطموحة لرؤية 2030، أعادت المملكة بناء بنيتها التحتية، وطوّرت بيئة الاستثمار، ورسّخت موقعها كحلقة وصل استراتيجية بين أوروبا وأفريقيا وآسيا. واليوم، ومع ترسيخ أسس اقتصاد متنوع قائم على المعرفة، تدخل السعودية مرحلة جديدة سيكون فيها للشراكات الدور الأبرز في تحديد سرعة واتساع نموها.
يتزايد الاهتمام الدولي بالمملكة بوتيرة غير مسبوقة. فقد افتتحت “تسلا” أولى صالات العرض لها، وأنشأت “لينوفو” مقرها الإقليمي في الرياض، فيما أطلقت شركة التجزئة الإماراتية “سبينيس” عملياتها المحلية. هذه الخطوات تعكس حقيقة واضحة: العلامات التجارية العالمية لم تعد ترى السعودية كسوق واعد فحسب، بل كقاعدة استراتيجية طويلة الأمد. ومع أن رأس المال والبنية التحتية والإصلاحات التنظيمية أسهمت في تسريع الزخم، فإن المرحلة التالية من رؤية 2030 ستعتمد على التعاون: شراكات تنقل المعرفة، وتدعم الابتكار، وتعمّق القيمة المضافة محلياً.
بالنسبة إلى الشركات المحلية والدولية، تمثل الشراكات المسار الأكثر فاعلية لتحقيق النمو المستدام. فمن خلال تبادل الخبرات والموارد، يمكن للشركات اعتماد التقنيات المتقدمة بسرعة أكبر، والتعامل مع الأطر التنظيمية بكفاءة أعلى، والدخول إلى قطاعات جديدة بمخاطر أقل. وعبر توحيد القدرات، تستطيع المؤسسات ابتكار حلول مخصصة للسوق السعودي، مع الإسهام في بناء منظومة وطنية أكثر قوة وتنافسية.
في “ايجكس”، لمسنا الأثر التحويلي لمثل هذه التحالفات. فشراكتنا الاستراتيجية مع “دي إتش إل للتجارة الالكترونية” على سبيل المثال، تجمع بين معرفتنا العميقة بالسوق السعودي وقدرات “دي إتش إل” العالمية في مجال الرقمنة. معاً، نعمل على تشكيل بنية تحتية أسرع وأكثر مرونة للتوصيل، تدعم طموح المملكة لتصبح رائدة إقليمية في التجارة الإلكترونية، وتعزز اقتصاداً رقمياً يشكل محوراً أساسياً في رؤية 2030.
منذ تأسيسها في عام 2021، نسجت “ايجكس” شبكة واسعة من التعاونات مع الهيئات الحكومية وقادة الصناعة والمؤسسات التعليمية. وقد مكّنتنا هذه الشراكات من تعزيز الكفاءة التشغيلية، وتحسين تجربة العملاء، وتمكين الكفاءات، وتوسيع الخدمات في قطاعات متعددة مثل التجارة الإلكترونية والتصنيع والرعاية الصحية والسياحة. ومع توسع الصناعات غير النفطية بوتيرة قياسية، يتزايد الطلب على خدمات لوجستية موثوقة قائمة على التكنولوجيا. وتتيح لنا تحالفاتنا تلبية هذا الطلب، مع تعزيز المنظومة اللوجستية الأوسع التي تدعم تنويع الاقتصاد السعودي.
تظهر خدمة “التوصيل في المرحلة الأخيرة”، وهي عنصر حاسم في اللوجستيات الحديثة، تأثير هذا التعاون بشكل بارز. فمن خلال شراكتنا مع “أومني لاما”، المبتكر السعودي في مجال الخزائن الذكية للطرود، سيتمكن العملاء في 30 مدينة من الحصول على خيارات توصيل أكثر مرونة وسهولة. هذه الخزائن الذكية تقلل الازدحام، وتخفض التكاليف، وتعزز الاستدامة، وتلبي مباشرة توقعات مستهلكي التجارة الإلكترونية المتنامية.
كما تلعب الشراكات الدولية دوراً محورياً. فشراكتنا مع “واديكت” Widect، التابعة للخطوط الجوية التركية وأحد اللاعبين الرئيسيين في لوجستيات التجارة الإلكترونية العابرة للحدود، تتيح لنا توسيع حلول الشحن عبر ممر تركيا إلى الشرق الأوسط. من شأن ذلك تعزيز قدرات التوصيل في المرحلة الأخيرة، ودعم صعود المملكة كجسر لوجستي بين القارات، مما يحسن تدفقات التجارة ويرفع من تنافسية السعودية عالمياً.
يمثّل تطوير الكفاءات الوطنية مجالاً آخر تتشكل فيه ملامح مستقبل المملكة عبر التعاون. فمن خلال العمل مع مؤسسات مثل الأكاديمية السعودية اللوجستية، نساعد على ربط المعرفة الأكاديمية بالتجربة العملية، وبناء مسارات مهنية قوية للمواهب السعودية. وتضمن هذه البرامج، التي تعطي الأولوية لتمكين المرأة ودعم السعودة، أن يكون قطاع اللوجستيات مدفوعاً بخبرات محلية. وقد وظفت “ايجكس” بالفعل 140 خريجاً من الأكاديمية، مع خطط للتوسع أكثر.
في جميع هذه الأمثلة، الرسالة واضحة” الشراكات ليست مجرد معاملات، بل هي تحولات جوهرية. سواء في تطوير تقنيات توصيل جديدة، أو تعزيز طرق التجارة العالمية، أو بناء الجيل القادم من محترفي اللوجستيات، فإن الشراكات تعيد تعريف ما يمكن أن تحققه الشركات في السعودية.
ومع تسارع المملكة في تحقيق طموحات رؤية 2030، سيصبح التعاون بين العلامات التجارية العالمية والشركات السعودية والمؤسسات العامة أكثر أهمية. وستكون المنظمات التي تلتزم بشراكات طويلة الأمد، قائمة على الأهداف المشتركة والثقة والتميز التشغيلي، هي من سيصوغ الفصل القادم من تاريخ السعودية كقوة اقتصادية عالمية.







