تحت رعاية سموّ الشيخ أحمد بن سعيد آل مكتوم، رئيس سلطة دبي للمناطق الاقتصادية المتكاملة “دييز”، اختُتمت بنجاح فعاليات النسخة الشرق أوسطية الأولى من منتدى “دويرز 2025″، والذي استضافته واحة دبي للسيليكون، المنطقة الاقتصادية المتخصصة بالمعرفة والابتكار والتابعة لسلطة “دييز”، بالتعاون مع شركة “ذا دويرز” يومي 26 و27 نوفمبر الجاري.
وشهد المنتدى، الذي يعتبر أحد أكبر المنصات التي تجمع الشركات الناشئة المبتكرة وصناديق رأس المال الاستثماري والمستثمرين والمؤسسات من أوروبا الوسطى والشرقية وأفريقيا والشرق الأوسط، مشاركة أكثر من 4 آلاف زائر من 115 دولة، إلى جانب كبار المسؤولين وقادة الأعمال من مختلف أنحاء العالم، لتبادل رؤى نوعيّة حول الذكاء الاصطناعي، والاقتصاد الرقمي، والتكنولوجيا المالية، والتنقل، والاستدامة، وغيرها من القطاعات والقضايا التي تُسهم في بناء اقتصاد عالمي أكثر تقدّماً وابتكاراً.
آفاق النمو
وفي هذا الإطار، قال بدر بوهناد، مدير عام واحة دبي للسيليكون: “يؤكد نجاح منتدى دويرز في واحة دبي للسيليكون ثقة مجتمع الأعمال في منظومة الدعم المتكاملة والحوافز النوعية التي توفرها إمارة دبي للشركات بمختلف أنواعها تحقيقاً لمستهدفاتها الرامية لإنشاء 30 شركة مليارية “يونيكورن” خلال السنوات العشر المقبلة وبما ينسجم مع أجندة دبي الاقتصادية D33 في أن تكون دبي ضمن أفضل 3 مدن اقتصادية في العالم للاستثمار والعيش والعمل”.
وأضاف: “نواصل في واحة دبي للسيليكون توفير الحوافز والمزايا الاستثمارية إضافة إلى البنية التحتية عالمية المستوى والتي تدعم نمو الشركات، إلى جانب تطوير الشراكات التي ترفد هذه المنظومة المتكاملة بالخدمات والحوافز النوعية. ومن هذا المنطلق، يأتي تنظيمنا للنسخة الأولى من منتدى دويرز استجابة للحاجة لمبادرة استراتيجية تربط بين رواد الأعمال والشركات والمستثمرين في منطقة الشرق الأوسط، مع نظرائهم في أوروبا بشكلٍ يساهم في تسهيل الشراكات والتعاون فيما بينها”.
من جانبه، قال ستيليانوس لامبرو، المؤسس المشارك لشركة “ذا دويرز”: “وفرت دبي من خلال المنتدى منصة لربط الشركات الناشئة مع المستثمرين بشكلٍ مبتكر، وأسهم في تسهيل عملية التواصل وطرح الأفكار وتقديم العروض، وهو ما ينسجم مع أهدافنا الرئيسية لتنظيم هذا المنتدى وبما يعكس روح ريادة الأعمال التي نجحنا في ترسيخها خلال السنوات السابقة في النسخة الدولية من المنتدى، حيث نفخر بالنجاح الكبير الذي حققته نسخة دبي الشرق أوسطية الأولى”.
ورش متخصصة
وشهدت جلسات أعمال المنتدى في يومه الثاني والأخير نقاشات نوعية حول أبرز توجهات قطاع ريادة الأعمال وتأسيس الشركات وغيرها ذات الصلة، حيث أشار المتحدثون في جلسة حوارية حول مسارات التخارج للشركات الناشئة إلى أن المشهد أصبح أكثر تعقيداً وأقل قابلية للتنبؤ مقارنة بالسنوات السابقة، مؤكدين على أن التخطيط لسيناريو التخارج منذ اليوم الأول لم يعد النهج الأكثر فعالية، إذ يُعد التركيز على بناء منتجات قوية، وتعزيز المزايا التقنية والتشغيلية، والحفاظ على تقييمات منطقية ومتوازنة، مساراً أكثر واقعية نحو تحقيق النجاح.
واعتبر المتحدثون في الجلسة أن صفقات الاستحواذ والاندماج تبرز بوصفها المسار الأبرز لعمليات التخارج، وغالباً ما تستمر مشاركة المؤسسين بعد الاستحواذ لضمان استمرارية النمو وحفظ القيمة. وخلصت الجلسة إلى أن التنظيم الجيد للسجلات المالية والوثائق القانونية يختصر فترات التفاوض بصورة كبيرة، وأن التخارج الناجح يكون نتيجة طبيعية لقيمة حقيقية يتم بناؤها وليس هدفاً يتم صياغته بمعزل عن الواقع.
وفي جلسة أخرى تناولت مستقبل الاقتصاد العالمي، أكد المتحدثون أن الانتقال من الاقتصاد الخطي إلى الاقتصاد الدائري لم يعد خياراً بل ضرورة اقتصادية واستراتيجية. وطرحت الجلسة مفهوم “المعضلة الدائرية” التي تتمثل في تحقيق توازن بين استدامة الموارد والالتزامات البيئية والاجتماعية من جهة، والحفاظ على القدرة التنافسية وخفض التكاليف من جهة أخرى. ولفت المشاركون إلى وجود ما يقارب 2 تريليون دولار من المواد القابلة لإعادة التدوير غير المستغلة عالمياً، ما يجعل الاقتصاد الدائري محركاً للابتكار والكفاءة وخفض المخاطر الصناعية. وأشار المتحدثون إلى أن التقدم في هذا المجال يتطلب تعاوناً بين مختلف القطاعات، وتطوير منصات ذكية لتتبع الموارد، وتعزيز سياسات داعمة لإعادة الاستخدام والتدوير، مؤكدين أن المؤسسات التي تتبنى هذا التحول مبكراً ستتمتع بقدرة تنافسية أكبر في ظل سوق عالمي يزداد شحاً في الموارد.
وفي جلسة نقاشية حول مستقبل بيئات العمل، أكد المشاركون على أن المرونة والتكنولوجيا والثقة أصبحت ركائز أساسية في تشكيل نماذج العمل الحديثة، مشيرين إلى أن النموذج التقليدي للعمل بدوام كامل يتحول تدريجياً نحو أنماط أكثر ديناميكية، تشمل العمل عن بعد، والجدولة المرنة، والاستعانة بالكفاءات المستقلة، إلى جانب دمج أدوات الذكاء الاصطناعي لدعم الإنتاجية. وأكد المشاركون أن ثقافة العمل القائمة على النتائج وليس الوجود الفعلي في المكاتب ستكون معيار النجاح خلال المرحلة المقبلة، مع ضرورة تطوير أطر الامتثال القانوني بما يواكب التوظيف العالمي عبر الحدود. ورغم المخاوف من استبدال الوظائف، اعتبر المشاركون أن الذكاء الاصطناعي يمثل أداة تعزيز للقدرات البشرية وليس بديلاً عنها، إذ يُسهم في تسريع المهام وتمكين فرق العمل من التركيز على الأولويات الاستراتيجية. وأجمع المتحدثون على أن المؤسسات التي تتبنى هذا التحول مبكراً، وتستفيد من تنوع المواهب عالمياً، وتدمج التقنيات الذكية في عملياتها التشغيلية، ستكون الأكثر قدرة على المنافسة في المستقبل.







