يطيب لي في بداية كلمتي أن أعبر عن فخري وإعتزازي باللقاء مع هذا اللفيف من كبار قامات النقل البحري في مصر والعالم، وأتوجه بخالص شكري وتقديري للأكاديمية العربية للعلوم والتكنولوجيا والنقل البحري علي إستضافة هذا المؤتمر السنوي الذي أصبح من أهم المحافل التي تجمع صناع القرار لتبادل الأراء والخبرات في مجال صناعة النقل البحري والأنشطة المرتبطة به.
يأتي شعار هذا العام ” الرقمنه في صناعة الموانيء البحرية ” في سياق ما تم تناولة العام الماضي والذى تحدثنا فيه عن الثورة الصناعية الرابعة وتأثيرها علي التكامل بين المدينة والميناء .
يتغير العالم بسرعة في ظل التحول الرقمى وحيث أن ما يقرب من 90 في المائة من التجارة العالمية يتم عن طريق البحر، فإنه يستحيل إستثناء النقل البحرى والموانى من هذا التوجه السائد.
يدفع التحول الرقمي القطاع البحري الي ما هو أبعد من وسائله التقليدية بما يوفر العديد من الفرص الجديدة لتعزيز الإنتاجية والأداء واستدامة الخدمات اللوجستية، كما يعمل على تخفيض التكلفة وتوفير المزيد من الجودة والنمو.
وجاءت جائحة فيروس كورونا لتثبت أهمية الرقمنة والقضاء على الأعمال الورقية في صناعة الشحن والموانئ، مما يعزز الحاجة إلى تطبيق التشغيل بنظام الوثائق الإلكترونية، ويتطلب ذلك مزيدًا من الاستثمارات في التحول الرقمى والميكنة والإعتراف بالوثائق الإلكترونية بدلا من الورقية واتخاذ الإجراءات الجمركية على أساسها لنهو الإجراءات قبل وصول البضائع وتطبيق المدفوعات الإلكترونية وكل ذلك يؤدي في النهاية إلى تسهيل التجارة الدولية.
ووزارة النقل من جانبها ليست بمنأى عن هذه التطورات فقد وضعت الوزراة خطة شاملة للتحول الرقمى الكامل وميكنة الموانئ وذلك بالتعاون مع العديد من الوزارات والهيئات المشاركة فى العمل بالموانئ البحرية والبرية.
وقد تم بالفعل توقيع بروتوكول تعاون بشأن تبسيط إجراءات الإفراج الجمركي عن البضائع في الموانئ، بين وزارة النقل والمالية والاتصالات والمنطقة الاقتصادية لقناة لسويس وذلك في إطار سعي الدولة الدائم لتقلييل زمن الإفراج الجمركي عن كافة البضائع والسلع وفق المعايير العالمية، من خلال التزويد بأحدث تقنيات تكنولوجيا المعلومات وميكنة المجتمع الملاحي، مما يُساهم في تحسن ترتيب مصر العالمي في سرعة إنجاز الإجراءات الجمركية وفقا لمعايير منظمة الجمارك العالمية، والنهوض بالإقتصاد القومي، بالإضافة إلى تطبيق نظام “التسجيل المسبق قبل وصول الشحنات” (ACI) كأساس لبدء إجراءات الإفراج والمتوقع أن يبدأ التطبيق الفعلي له خلال العام الجاري.
وفي إطار تطوير وتحديث بيئة العمل داخل الموانىء البحرية لتحويلها إلى موانىء ذكية، تم تفعيل العديد من التطبيقات لتسهيل العمل مثل حجز الشاحنات من خلال الموقع الإلكتروني للهيئة وتفعيل الفاتورة الموحدة للسفن، والتحصيل الإلكتروني، والربط الآلى لجميع جهات مجتمع الميناء فى منظومة واحدة متكاملة وتفعيل منظومة التراكي الآني للسفن بمجرد إخطار الوصول، وتقوم هيئات الموانى بتوفير خدمات الدعم الفنى للتوكيلات الملاحية إلكترونياً، بالإضافة إلى تفعيل لجان الفحص المشتركة لتقليل زمن الفحص.
كما تم تحديث منظومة التتبع الاتوماتيكي للسفن AIS بهيئات الموانئ والجهات المدنية والعسكرية المسئولة عن تتبع السفن وتم تنفيذ المرحلة الأولى من مشروع G2G (المحول الرقمى الحكومى) بربط الموانى مع الجهات الحكومية.
مما سبق يتضح حرص وزارة النقل على تطبيق التحول الرقمى وهو بالفعل الاتجاه الذي تدعمه القيادة السياسية بصورة كبيرة وتتابع بكثب عملية التنفيذ الفعلي له.
وحتى نتمكن من مواكبة التطور السريع والمتلاحق الذي تشهده صناعة النقل البحري والموانئ ولكي تظل موانئنا قادرة على المنافسة في سوق متغيرة بإستمرار وتنشط فرصها في زيادة الإيرادات، فإن الاستثمار في الوسائل التكنولوجية المناسبة وتبني التكنولوجيا الرقمية هو الخيار المنطقي الوحيد الذي يجب القيام به.
لقد أدى التطور والنمو فى حجم وحركة التجارة العالمية إلى زيادة الطلب على خدمات النقل والحاجة لتطويرها من خلال منظومة متكاملة ولقد اثبتت التجارب العالمية أن تكنولوجيا المعلومات هي إحدى أهم عناصر التطور الاقتصادى فى الوقت الحالى.
ومن منطلق أهمية الدور الذى يلعبه النقل البحرى والموانى تولى وزارة النقل أهمية كبرى لتطوير صناعة النقل البحرى والأنشطة المرتبطة به فقد تم وضع استراتيجية شاملة لتطوير الموانئ المصرية وزيادة قدراتها التنافسية في ضوء توجه الدولة نحو تحويل مصر إلى مركز عالمي للطاقة والتجارة واللوجستيات على المستوى الإقليمي والأفريقي والعالمي. كما تتبنى وزارة النقل سياسة مرنة لجذب الإستثمارات للمشاركة فى تطوير عناصر منظومة النقل من خلال تطوير البناء المؤسسي والتشريعي ومسايرة التطورات الحديثة فى مجالات الإدارة والتشغيل من خلال الشراكة مع الشركات العالمية المتخصصة والقطاع الخاص بتطبيق نظام PPP أو منح حقوق الإمتياز أو غيرها من نظم الشراكة العالمية، ولا نغفل أهمية تطوير العنصر البشرى كأحد الركائز الأساسية من خلال تطوير مراكز وبرامج التدريب المتخصصة.
في نهاية كلمتي أتمنى أن يكلل الله مجهوداتنا جميعاً بالنجاح وأن نتمكن من تحقيق ما نصبو إليه من تطور لما فيه الخير لوطننا الحبيب مصر، وأتقدم بخالص الشكر والتقدير للقائمين على تنظيم هذا المؤتمر ولفريق العمل الذي يقف وراء نجاح هذا الحدث الهام،،، مع خالص تمنياتى بنجاح المؤتمر والتوفيق لكافة الجهات المشاركة
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته