الرئيس التنفيذي
أشرف الحادي

رئيس التحرير
فاطمة مهران

التشويق والإثارة في الكتابة الصحفية

العناية بالكتابة أبرز السبل لاستمرار وظائف وسائل الصحافة والإعلام المختلفة، وتحقيق أهدافها ومهامها، وتعظيم آثارها في المجتمع.

حان الوقت لتقديم صياغات صحفية وإعلامية جيدة تتسم بالتشويق والجاذبية والوضوح والإيجاز، دون أن يفقدها ذلك شيئا من المعلومات والدلالات والحقائق.

ويمثل التشويق والجاذبية دعوة مفتوحة إلى كل قارئ، ليشبع نهمه المعلوماتي والثقافي والمعرفي في مختلف المجالات، فالكتابة الجذابة تستحوذ على اهتمام القارئ، وتغذي عقله، وتمتع فكره، فلا يتوقف عن القراءة حتى النهاية.

والفرق كبير بين التشويق والإثارة؛ فالتشويق يعد نوعا خاصا من الاحتراف والإبداع فى صياغة المواد الإعلامية. أما الإثارة فتمثل نوعا من “الخداع اللفظي”، لإغراء القارئ بالقراءة حتى إذا دخل فيها اكتشف تناقضا كبيرا بين دلالات أجزاء المادة المكتوبة، خاصة العناوين من ناحية، والنصوص من ناحية أخرى.

فالتشويق هو حُسن استخدام الألفاظ والجمل والعبارات، وتجميلها بإبراز الدلالات والمعاني، بالأساليب المحفزة على القراءة، بهدف لفت انتباه القارئ إلى أهمية المادة المكتوبة، وتشجيعه على قراءتها، سواء كانت ضمن اهتماماته أم لا، مع التزام الصدق والدقة والأمانة في نقل الحقائق إلى المتلقي، دون تحريفها أو الزيادة عليها أو اجتزائها.

أما “الإثارة” فتكون ـ في كثير من الأحيان ـ على حساب الحقيقة، بتحميل المادة المكتوبة ما ليس فيها من معان وإيحاءات معينة، سرعان ما يكتشف القارئ أنها مقحمة على العنوان، ومزيدة على مضمون النص.

ويمكننا التوقف أمام بعض النماذج التي توضح الفارق الكبير بين فن “التشويق” وخداع “الإثارة”.

أولا: التشويق:

من الأخبار والموضوعات الصحفية التي اجتهد كتابها في إكسابها سمة “التشويق” اللازم لجذب القارئ النماذج الآتية:

(1)

إعادة بناء قفص صدري لشاب مصري.. بأيد وطنية

تحت هذا العنوان نشرت “صحيفة “الأهرام” خبرا مهما اجتهد كاتبه فى “تشويق” القارئ للقراءة من خلال إبراز نجاح فريق طبي مصري في إعادة بناء قفص صدري لشاب مصري، الأمر الذي يلفت انتباه الكثيرين، ويدفعهم إلى “التعرف” على تفاصيل هذا الإنجاز الطبي الكبير الذي يحدث لأول مرة

جاء في مقدمة الخبر:
“لأول مرة في مصر‏..‏ نجح فريق جراحي مصري‏,‏ بمساعدة أطباء أمريكيين‏,‏ في إعادة بناء قفص صدري لشاب مصري‏.‏

وصرح الدكتور رضا جوهر، مدير المركز الطبي العالمي‏,‏ بأن الجراحة أجريت بالمركز‏,‏ وتمكن الفريق الجراحي من استئصال ثلث القفص الصدري لشاب يبلغ ‏33‏ عاما‏,‏ كان يعاني سرطانا في ضلعين‏,‏ ثم أعاد الفريق الطبي بناء القفص الصدري‏,‏ والأنسجة الرخوة التي تغطيه‏”.‏

وتضمنت تفاصيل الخبر تصريحات تشرح جوانب من ذلك الإنجاز الطبي الكبير:

“وقال الجراح المصري الأصل الدكتور كمال منصور ـ أستاذ جراحة الصدر والقلب‏,‏ ورئيس الفريق الجراحي‏ ـ‏ إن المريض كان يشعر بآلام في الناحية اليسرى الأمامية من الصدر‏,‏ وبعد تصوير الصدر بالأشعة العادية والمقطعية‏,‏ تبين إصابته بورم سرطاني في الضلعين السابع والثامن مع كسر فيهما‏,‏ وتم أخذ عينة من الورم وتحليلها وعمل مسح تصويري شامل بجهاز البوزيترون ‏Pet,‏ وهو من أحدث الأجهزة المتقدمة للبحث عن أي أورام أخرى منتشرة بالجسم‏.‏

وفي الجراحة تم استئصال ربع القفص الصدري من الجهة اليسرى في مساحة قدرها ‏300‏ سنتيمتر مربع‏,‏ واستئصال الأنسجة الرخوة التي تشمل العضلات والأوعية الدموية‏.‏

وقال‏:‏ إنه تم أخذ مقاييس الصدر‏,‏ وتفصيل جزء تعويضي بدلا منه صناعيا باستخدام البرولين والأسمنت الطبي‏,‏ وتم عمل طبقتين من البرولين‏,‏ وبينهما الأسمنت يتم وضعه بعد تشكيل البرولين‏,‏ وتم إحضار هذه المكونات من أمريكا‏,‏ وبعد رسم وتصميم الجزء التعويضي تم وضع الأسمنت داخل البرولين مثل الساندويتش‏,‏ وخلال‏20‏ دقيقة تصلد الجزء الصناعي‏,‏ وتم وضعه في الصدر‏,‏ وتم تغطية جدار الصدر بتمديد عضلات الصدر لتغطية المكان‏,‏ وتحسنت حالة المريض تماما وتماثل للشفاء‏”.‏

ومن الممكن تقديم صياغات “تشويقية” أخرى لهذا العنوان، لو جرب كل منا ذلك:

بناء أول قفص صدري لإنسان بالأسمنت

إنجاز مصري: أول قفص صدري لإنسان بالأسمنت

أطباء مصريون “يبنون” قفصا صدريا لشاب بالأسمنت
إن عنوان الخبر يبرز أن إعادة “البناء” حدثت لأول مرة، وأنها بالمعايير العلمية إنجاز طبي عالمي جرى بأيد مصرية.

وتبرز العناوين البديلة العلاقة الجديدة بين كلمتي “بناء” و”الأسمنت” فى هذا الإنجاز الطبي بعد أن كانت تلك العلاقة مقصورة على المباني والمنشآت.

ولا نستهدف من العناوين البديلة التقليل من أهمية العنوان “المنشور” وإنما تشجيع الدارسين والمحررين الشبان على “التجريب” وتقديم عناوين من إبداعاتهم.

(2)

بعد أيام قليلة من نشر خبر ذلك الإنجاز الطبي الكبير، نشرت صحيفة “الشرق الأوسط” السعودية موضوعا عن عملية جراحية كبرى نجح خلالها فريق طبي سعودي في إعادة بناء قفص صدري لمريض. تصدر الموضوع عنوان يقول:

استخدام عظام صناعية في بناء القفص الصدري بعد استئصال ورم خبيث

جاء في مقدمة الموضوع:
“نجح فريق جراحي بمستشفى ………… بجدة في استئصال ورم خبيث من الجدار الأمامي للصدر بحجم حبة البرتقالة بامتداد 10 ـ 15 سم، ثم إعادة تشكيل وبناء القفص الصدري بواسطة العظام الصناعية، وعمل رقعة عضلية لتغطية العظام”.

(3)

من الأخبار والموضوعات الصحفية التى اجتهد كتابها في إكسابها سمة “التشويق” هذا الخبر الذي بثته عدة وكالات أنباء يوم الثاني من أكتوبر عام 2012، ونشرته عدة صحف في اليوم التالي، الثالث من أكتوبر 2012، تحت عنوان:

خمسة أنـواع تفـاح فـي شجـرة

أما نص الخبر فتضمن التفاصيل الآتية:
تمكن تاجر من إنتاج 5 أنواع مختلفة من التفاح من شجرة واحدة زرعها أمام محله.

ونجــح التاجر في إنتاج 5 أنواع مختلفة من التفاح من شجرة واحدة، مستخدما نظام التطعيم “التلقيح”.

وقال: إن جميع أنواع التفاح صحية، ومن دون هرمونات، معبرا عن سعادته الكبيرة بهذا العمل الذى أكد أنه يثير دهشة كل من يراه.

(4)

ومن الأخبار والموضوعات التي اجتهد المحرر في إكسابها سمة “التشويق” هذا الخبر الذي نشرته عدة صحف منتصف مايو 2016، وتصدره عنوان، يقول:

“الجمال” سبقت المواطنين للبحر

 

أما نص الخبر فجاء فيه:
سبقت مجموعة من الجمال المواطنين إلى أحد شواطئ البحر في لقطة طريفة لتحتمي من حرارة الشمس.

كانت الجمال تسير بشارع الكورنيش بطور سيناء، وما أن لمحت مياه البحر هرولت بسرعة، وجلست في المياه هروبا من حرارة الجو، في الوقت الذى هرب فيه معظم المواطنين إلى الشواطئ العامة بالمدن هربا من الارتفاع الشديد في درجات الحرارة.

ثانيا: الإثارة

(1)

من أبرز الأخبار والموضوعات الصحفية التي اتسمت بالإثارة، واعترف كاتبها بأنها تسببت في حرج لبعض المشاهير المقال الذي كتبه الكاتب الكبير الراحل الأستاذ مصطفى أمين على صفحات مجلة “الجيل الجديد” تحت عنوان:

أكتب لكم من سرير فاتن حمامة

بمجرد أن وقعت عينا الفنانة الكبيرة فاتن حمامة على عنوان المقال امتلأت غضبا وحزنا، وسارعت بالذهاب إلى دار “أخبار اليوم” والتقت الكاتب الكبير، ودار حوار أكدت خلاله حزنها وأسفها وغضبها الشديد.

الأستاذ مصطفى أمين يحكي قصة المقال واللقاء الذي جمعه بالفنانة فاتن حمامة بعد نشره في كتابه “مسائل شخصية” الصادر عن دار “أخبار اليوم” عام 1996.

يستهل الكاتب حكايته موضحا إصابته بآلام استدعت تدخل الأطباء، لإجراء جراحة عاجلة بمستشفى الدكتور عبدالله الكاتب.

واختار له الجراح غرفة في المستشفى نزل بها قبل إجراء الجراحة، ولاحظ أن بها سريرا صغير الحجم لا يناسب بنيانه الضخم.

ويضيف أن الطبيب أخبره أن ذلك السرير كانت الفنانة فاتن حمامة نائمة عليه منذ أيام، وأجريت لها جراحة ناجحة.

ويقول الكاتب الكبير: “رقدت في سرير فاتن فوجدته صغيرا دقيقا، فكان نصفي في السرير، ونصفي خارج السرير.

فاتن صغيرة الحجم وأنا ضخم الحجم، وكان من المستحيل عليّ أن أتقلب في السرير، فأي حركة به أجدني واقعا على الأرض”.

ويمضي الكاتب الكبير في حكاية قصة المقال قائلا: كتبت مقالا ساخرا أصف هذا السرير، وجعلت عنوان المقال: “أكتب لكم من سرير فاتن حمامة”.

وقعت عينا فاتن حمامة على المقال، فسارعت إلى لقاء مصطفى أمين بمكتبه، وبادرته متسائلة في غضب: “كيف تشوّه سمعتي؟”

سألها: “هل قرأت المقال؟”

فأجابته: لا، قرأت العنوان.

فطلب منها قراءة المقال أولا.

وقرأت الفنانة الكبيرة المقال، لتتحول بعد القراءة إلى حالة من “الضحك” المتصل.

ويُنهي الأستاذ مصطفى أمين حكايته بأنه قرر ألا يكتب اسم الفنانة فاتن حمامة في عنوان أبدا بعد أن اكتشف أنها لم تقرأ إلا عنوان المقال الذي أغضبها.

(2)

ومن العناوين المثيرة أيضا:

طارق لطفي متورط في قضية تهريب

هــذا العنــــوان نشــرته إحدى الصحف الأسبوعية، وجاء في صيغة خبرية يتصدره اسم الفنان “طارق لطفي” الذى أسند له العنوان أنه “متورط” في قضية تهريب.

ويكمن سبب الإثارة في أن العنوان بهذه الصيغة يُحدث التباسا وخلطا بين حياة الفنان الخاصة وعمله الفنى، ويوحي للقراء المتعجلين، الذين يكتفون بقراءة العناوين وحدها، أن الفنان متورط فعلا في قضية تهريب. والحقيقة أنه يتحدث عن دور جديد، يجسده في أحد المسلسلات.

اللافت أن نص الخبر خلا تماما من الحديث عن أي “قضية تهريب”.

 

 

 

 

أخبار ذات صلة

من يملك الخوارزميات يملك السوق.. صراع العقول بين وادي السيليكون والتنين الصيني

اليوم العالمي للعلاقات العامة: أكثر من مجرد مهنة

أبوظبي.. المدينة الأكثر أماناً في العالم

مراجعة البنك المركزي الأوروبي.. توقف مؤقت لدورة خفض أسعار الفائدة مع اقتراب الموعد النهائي للرسوم الجمركية

الموعد النهائي للرسوم الجمركية لشهر أغسطس.. حالات عدم اليقين.. اختبار الأرباح للبنك المركزي

لماذا تُعدّ سلسلة التبريد الذكية أمراً حيوياً للأمن الغذائي في دول الخليج؟

العلاقات العامة والذكاء القادم

تحليل: أسواق الأسهم العالمية تتجاهل التهديدات التجارية.. لكن مخاطر التصحيح الهبوطي تتزايد

آخر الأخبار
هيئة قناة السويس: عدد السفن اليومية زاد لـ75 وسفن عملاقة تعبر بانتظام دون تأخير تعيين 11 مدير أمن جديد في حركة الداخلية جديد الثقة في اللواء ناصر محيى الدين مساعدًا للإعلام والعلاقات لوزارة الداخلية الأرصاد: الموجة الحارة مستمرة حتى الثلاثاء المقبل بالأسماء.. وزير الداخلية يعتمد حركة تنقلات وترقيات ضباط الشرطة 2025 وزير الاستثمار والتجارة الخارجية يلتقى عدد من كبرى الشركات اليابانية الليلة.. نانسي عجرم وحكيم يحييان الليلة الرابعة لمهرجان مراسي "ليالي مراسي" مصطفى قمر يستعد لطرح ديو غنائي جديد مع إدوارد المنتخب السعودي يحقق أربع جوائز في أولمبياد الأحياء الدولي 2025 بالفلبين الزمالك يُعلن عن 3 صفقات جديدة لتدعيم صفوف الفريق بعثة الأهلي تصل فندق الإقامة فى تونس العاصمة Ukraine Leads as Intensity Rises on Day Six of IMMAF Youth World Championships in Al Ain Region الرئيس السيسي يتلقى اتصال هاتفي من نظيره الفرنسي إيمانويل ماكرون عروض "أنغام الشباب" و"أوبرا عربي" و"تراث الشرقية" في ثاني أيام مهرجان "ليالينا في العلمين" تحالف الشمول المالي AFI يصدر دراسة حول المبادرة الرئاسية "سكن لكل المصريين" Artal Developments launches (Cēllen & Wēllen) projects in New Cairo وزير التربية والتعليم يكرم أوائل الثانوية العامة ويشيد بتفوقهم وتميزهم «أرتال للتطوير العقاري» تطلق مشروعي «cēllen» و«wēllen» بالقاهرة الجديدة وزيرة التخطيط تعقد اجتماعات ثنائية مكثفة مع وفود الدول ورؤساء مؤسسات التمويل الدولية ومنظمات الأمم ا... أبرز أنشطة وزارة الشئون النيابية والقانونية خلال أسبوع