ارتفعت أسعار العقود الآجلة للقمح تسليم سبتمبر المقبل أكثر من 3 في المائة خلال جلسة التداول في بورصة شيكاغو التجارية، وذلك بعد إعلان روسيا إيقاف مشاركتها في اتفاق مهم توسطت فيه الأمم المتحدة يسمح بتصدير الحبوب الأوكرانية عبر البحر الأسود.
وصعدت أسعار العقود الآجلة للقمح بنسبة 3.37 في المائة لتصل إلى 6.84 دولار للبوشل تسليم سبتمبر المقبل، فيما ارتفعت أسعار العقود الآجلة للذرة بنسبة 2.31 في المائة تصل إلى 5.26 دولار للبوشل تسليم ديسمبر المقبل.
من جانبها قالت ماريا زاخاروفا، المتحدثة الرسمية باسم وزارة الخارجية الروسية أمس، إن روسيا أبلغت رسميا كلا من تركيا وأوكرانيا والأمانة العامة للأمم المتحدة باعتراضها على تمديد “صفقة الحبوب”، بحسب وكالة إنترفاكس.
وكان وزير الخارجية الروسي قد أكد، في الاجتماع الـ46 لمجلس وزراء خارجية منظمة التعاون الاقتصادي للبحر الأسود، أنه إذا لم ينفذ الجزء الروسي صفقة الحبوب، فلن يكون هناك حديث عن تمديدها.
وتم التوصل إلى صفقة الحبوب بمبادرة من أنقرة، وباتفاق بين روسيا وأوكرانيا والأمم المتحدة، حيث تنص الاتفاقية على تصدير الحبوب الأوكرانية عبر ممر إنساني فتحه الأسطول الروسي في البحر الأسود، شريطة إتاحة وصول الحبوب والأسمدة الروسية إلى الأسواق العالمية.
إلا أن الجزء الثاني من الصفقة، المتعلق بوصول الحبوب والأسمدة الروسية إلى الأسواق العالمية لم يتم تنفيذه نظرا لوقوف العقوبات الغربية حجر عثرة على طريق تطبيق الاتفاقية، حيث تعاقب شركات التأمين وخدمات الموانئ السفن التي تتعامل مع روسيا، كما ترفض أوكرانيا إطلاق خط أنابيب الأمونيا، الذي يتم تصدير الأمونيا إلى الاتحاد الأوروبي من خلاله. وقامت قوات أوكرانية لاحقا بتفجير الخط بعد إعلان روسيا تعليق تسجيل السفن الأوكرانية في الموانئ حتى إطلاق خط أنابيب الأمونيا.
وكان الرئيس الروسي فلاديمير بوتين قد أشار في محادثة هاتفية مع رئيس جنوب إفريقيا سيريل رامافوزا إلى المعوقات القائمة أمام الصادرات الروسية، التي كان ينبغي إزالتها في إطار اتفاق الحبوب، وشدد على أن الالتزامات المنصوص عليها في مذكرة روسيا والأمم المتحدة، والخاصة بإزالة المعوقات أمام تصدير الأغذية والأسمدة الروسية لم يتم تنفيذها حتى الآن، وإضافة إلى ذلك، لم يتحقق أيضا الهدف الرئيس من الاتفاق، ألا وهو توريد الحبوب إلى البلدان المحتاجة، بما في ذلك القارة الإفريقية.
ورأى الأمين العام للأمم المتحدة أمس أن مئات الملايين في العالم “سيدفعون ثمن” قرار روسيا الانسحاب من اتفاق تصدير الحبوب الأوكرانية.
وبحسب “رويترز”، قال أنطونيو جوتيريش للصحافيين “آسف بشدة لقرار روسيا الاتحادية إنهاء تطبيق مبادرة البحر الأسود، بما يشمل سحب الضمانات الأمنية الروسية للملاحة في شمال غرب البحر الأسود”.
وأضاف أن المشاركة في هذا الاتفاق “هي خيار. لكن الناس الذين يواجهون صعوبات في كل مكان والدول النامية لا خيار لديهم”.
وشدد على أن “مئات ملايين الأشخاص يواجهون الجوع، فيما المستهلكون يواجهون أزمة عالمية لتكلفة الحياة. سيدفعون الثمن”، عادا أن القرار الروسي “يشكل ضربة لمن هم في حاجة في كل أنحاء العالم”.
وشدد جوتيريش على أن القرار الروسي “لن يمنع جهودنا لتسهيل وصول الأسواق العالمية من دون معوقات إلى المنتجات الزراعية والحبوب من أوكرانيا وروسيا في الوقت نفسه”.
وأكد أن الأمن الغذائي واستقرار أسعار الغذاء سيظلان “في صلب جهودي، مع أخذ ازدياد المعاناة الإنسانية في الحسبان، وهي نتيجة مؤكدة للقرار”، لافتا إلى أنه يريد العثور “على سبل في اتجاه حلول”.
في هذا السياق، أعرب جوتيريش عن خيبة أمله لـ”تجاهل” الرسالة التي وجهها الأسبوع الماضي إلى الرئيس الروسي فلاديمير بوتين في محاولة للتوصل إلى اتفاق.
وعرضت الرسالة التي لم يكشف عن مضمونها إلى الآن، إعادة ربط أحد الفروع لأكبر مصرف زراعي روسي حالت العقوبات دون ممارسته أنشطته، بنظام سويفت المصرفي العالمي، وذلك بعد اتفاق في هذا الصدد مع المفوضية الأوروبية، على ما أوضح جوتيريش.
وفي وقت أكدت روسيا عدم التزام الشروط التي طرحتها لاستمرار مفاعيل اتفاق الحبوب، خصوصا الجانب المتصل بصادراتها من الأسمدة والحبوب، أكدت الرسالة أيضا “إحراز تقدم” على هذا الصعيد.