بينما يترنّح عالم السينما بالتنوع الفائق، تظهر موجة جديدة من رواة القصص المرئية، حيث يستخدمن كاميراتهن بإبداع وتصميم، سعياً لجعل أصواتهن مسموعة. إنهن صانعات الأفلام الإماراتيات اللواتي يتغلبن على العقبات ويتحدين الأفكار النمطية، ويقومن بكتابة سيناريوهات صناعة الأفلام في بلادهن من جديد.
رحلتهن بمثابة ينبوعاً تنبعث منه قصص التمكين والتعاون والدوافع الجريئة حيال تحقيق تمثيل متساوٍ يعيد تشكيل صناعة الأفلام في الإمارات ويلهم الأجيال القادمة.
كسر الحواجز من خلف الكاميرا
تتجاوز المرأة الإماراتية الحواجز وتتحدى الظروف القائمة. فلم تعد النساء الإماراتيات مجرد وجوه على الشاشة، بل أصبحن القوى الديناميكية الكامنة وراء الكاميرا والتي تتولى مهام الإخراج والإنتاج وكتابة السيناريوهات. تجسّد هذه النساء الرائدات المعنى الحقيقي لازدهار المرأة في قطاع يهيمن عليه الذكور، وتثبت أن الإبداع والموهبة لا يقتصران على جنس معيّن.
من رائدات السينما المحلية مثل نيلة الخاجة، أول مخرجة أفلام في الإمارات، إلى الأصوات الثورية مثل نهلة الفهد وآمنة النويس وسارة العقروبي، تشق المرأة الإماراتية طريقها بامتياز وتخلق قصصاً ملهمة تعكس وجهات نظرها الفريدة.
إحياء نمط التواصل والتصوير
إن صانعات الأفلام الإماراتيات لا يكسرن الحواجز فحسب، بل إنهن يغيّرن مجال صناعة الأفلام الى الأبد. تعكس مهاراتهن في العمل تجارب المرأة العربية المتنوعة، متجاوزةً أدوار التمثيل التقليدية والأفكار المبتذلة. ومن خلال عدساتهن، يتسنى للجمهور فرص فريدة للتعرّف على الثقافة الإماراتية والعربية الأصيلة.
تتناول أفلامهن مجموعة واسعة من القضايا، بدءً من المحرّمات الاجتماعية ووصولاً إلى حقوق المرأة، إذ تسعى هذه الافلام إلى دعم دور المرأة وتمثيلها وتمكينها في المجتمع، وذلك بهدف إيصال صرختهن التي غالباً ما يتم تجاهلهم. وبالتالي، لا تقوم هذه الأفلام بترفيه الجماهير وجذبها فحسب، بل تشجعهم على المشاركة في محادثات مهمّة وذات الصلة حول المواضيع المحورية التي تطرحها هذه الافلام.
التمكين من خلال التعاون
ان تألّق المرأة الإماراتية في صناعة الأفلام لا يتعلّق بالنجاح الفردي وحده، بل بالتّمكين الجماعي أيضاً. تقوم هؤلاء النساء اللامعات ببناء البيئة الحاضنة التي يزدهر فيها الإبداع من خلال التعاون المستمر مع بعضهن البعض وتبادل معارفهن وخبراتهن فيما بينهن.
وتساهم منصّات مثل معرض “الشرق الأوسط لأفلام عالم المرأة” و “المخرجات وصانعات الأفلام العربيات” بفتح أبواب التعاون وتقديم الإرشاد وتعزيز شبكة التواصل بين صانعات الأفلام في كافة ربوع العالم العربي والمجتمع الدولي. ويقدم مهرجان دبي السينمائي الدولي بدوره فرصة كبيرة لمخرجات الأفلام في المنطقة للتواصل مع نظرائهن العالميات. تعد هذه الجهود الجماعية حاسمة في تمكين المزيد من النساء العربيات، مما يسمح لهن بالوقوف خلف الكاميرا وسرد قصصهن بإبداع وتألق.
تعزيز التآزر
يشكل التآزر في مجال صناعة الأفلام محوراً رئيسياً لمخرجات الأفلام الإماراتيات، إذ يحرصن من خلال التعاون على بناء بنية تحتية قوية تدعم المواهب المحلية وتشجّع الإبداع وتعزّز نمو صناعة السينما في دولة الإمارات.
تلعب مؤسسات مثل “إيمج نيشن” أبوظبي (Image Nation) دوراً رئيسياً في هذا الصدد، إذ تقوم بالاستثمار في المواهب المحلية وتوفير التمويل والموارد المطلوبة والترويج للأفلام الإماراتية على المستوى الدولي.
إلهام الأجيال القادمة
يمتد تأثيرهن في صناعة الأفلام إلى ما هو أبعد من الشاشة الفضّية، إذ تعتبر المرأة الإماراتية مصدر إلهام للجيل القادم من صانعات الأفلام، مُظهرةً قدرتها على تخطي العقبات وإنتاج الفنون المؤثّرة. نجاحهن يرسل رسالة قوية للفتيات الإماراتيات الصغيرات: صوتكن مهم، قصصكن ملهمة، ولديكن القدرة على إحداث الفرق.
تقديراً للمواهب الهائلة والإمكانيات الكبيرة التي تمتلكها النساء الإماراتيات في مجال صناعة الافلام، نسعى دوماً للبحث عن وسائل لتعزيز دعمنا لهن بهدف رعاية مواهبهن وإطلاق العنان لكامل إمكانياتهن. على مرّ السنين، قدمت شركة “كانون” وبفخر معدات متطورة وتدريباً شاملاً وموارد قيّمة لمساعدة صانعات الأفلام في تعزيز قدراتهن الفنية.
في المملكة العربية السعودية وبالتعاون مع الهيئة الملكية لمحافظة العُلا، نواصل تنظيم ورش عمل حول فن التصوير الفوتوغرافي للمساعدة في إحياء تراث المنطقة كوجهة سياحية عالمية للتراث الثقافي والطبيعي. كما نفتخر برعاية الجوائز لمخرجات الأفلام في قطر، ومساعدتهن على كتابة وإخراج وتحرير أفلامهن القصيرة.
من خلال كاميراتهن في راحة أيديهن وقصصهن النابعة من قلوبهن، لم تعد صانعات الأفلام الإماراتيات محصورات بالقيود النمطية التي تطغي على قطاع السينما. سوياً، تقوم هذه السيدات ببناء جسور التواصل وتوفير المنصات الداعمة وفتح أبواب التعاون، وذلك بهدف تمهيد الطريق أمام الجيل القادم من صانعات الأفلام ومساعدتهن على إيصال أصواتهن بكل ثقة وتفاني.
مي يوسف، مديرة الاتصالات والتسويق المؤسسي، كانون الشرق الأوسط وتركيا