شهدت قمة AIM للاستثمار 2024 التي تنعقد حالياً في مركز أبوظبي الوطني للمعارض خلال الفترة من 7 إلى 9 مايو، تقارباً كبيراً بين قادة الصناعة وصنّاع القرار وأصحاب الرؤى حيث تضمنت أعمال القمة انعقاد سلسلة جلسات نقاشية في إطار محور الاستثمار ومنتدى الحوار الإقليمي ومحور الوجهات الاستثمارية، مما عزز سبل الحوار والتعاون وإيجاد الحلول المبتكرة لمواجهة التحديات العالمية.
مسار الاستثمار
وشهدت الجلسة التي حملت عنوان “جلسة القادة: التوترات الجيوسياسية 2024: تحديات ووجهات جديدة للاستثمار الأجنبي المباشر” مشاركة متحدثين ناقشوا مختلف جوانب مشهد الاستثمار الأجنبي المباشر حيث شدد المشاركون على أهمية استقطاب استثمارات أجنبية مباشرة جديدة إلى وجهات عالمية متنوعة في ظل المنافسة الشديدة التي يشهدها قطاع الاستثمار الأجنبي المباشر. وسلطت السيدة بيفيانا ريفيرو ديسلا، المديرة التنفيذية لمركز التصدير والاستثمار في جمهورية الدومينيكان، الضوء على عملية الاستثمار المبسطة المتبعة في بلدها والتركيز الاستراتيجي على القطاعات المهمة كقطاع الذكاء الاصطناعي والتكنولوجيا.
كما تحدّث السيد دانيال سيلفرمان، نائب رئيس هيئة الاستثمار الأجنبي المباشر في كيبيك، كندا، عن التحديات التي تواجه قطاع الاستثمار الأجنبي المباشر في المنطقة، لا سيما فيما يتعلق بخصخصة قطاع الطاقة، مسلطاً الضوء على الديناميكيات التنافسية مع الأسواق المجاورة. من جانبها، أكدت السيدة ابتسام الفاروجي، وكيلة وزارة التجارة والصناعة وترويج الاستثمار في سلطنة عمان، حرص السلطنة على استقطاب الاستثمارات والاستفادة من الموقع الاستراتيجي للدولة ومواردها الطبيعية لإبراز مكانتها كوجهة عالمية رائدة. كما شدد السيد ريموند سيفا، رئيس قسم الاستثمار الرقمي في مؤسسة الاقتصاد الرقمي الماليزية، على أهمية البراعة والمواهب الرقمية والبنية التحتية في تعزيز الأمن الاستثماري والنمو في ماليزيا.
وفي معرض حديثه حول قطاع الاستثمار الأجنبي المباشر في دولة الإمارات، سلط السيد ماسيمو فالسيوني، رئيس شؤون المزايا التنافسية في مكتب أبوظبي للاستثمار، الضوء على النهج المبتكر الذي تتبعه دولة الإمارات في مواجهة التحديات وتحويلها إلى فرص لاستقطاب الاستثمارات الأجنبية المباشرة. كما أكد فالسيوني على مكانة الإمارات كوجهة رئيسية يقصدها المستثمرون الأجانب الباحثون عن بيئة استثمارية مستقرة واقتصاد مزدهر، وعزا ذلك إلى استراتيجية النمو والتنويع الواضحة التي وضعها صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان رئيس الدولة حفظه الله، إلى جانب الجهود المبذولة في دعم وتنفيذ الاتفاقيات التجارية وتطوير البنية التحتية. وشدد فالسيوني على أهمية البنية التحتية والطلب المحلي وفرص التصدير، إلى جانب الاستقرار الجيوسياسي، كعوامل رئيسية في استقطاب الاستثمار الأجنبي المباشر. كما شدد على أهمية المواهب وريادة الأعمال والتعليم بوصفها عناصر تحقيق النجاح في الدولة.
وتناولت الجلسة النقاشية التي حملت عنوان “إطلاق العنان لقوة الاستثمار المستدام” التوجهات الحالية لتحفيز النمو الاقتصادي واستقطاب المستثمرين. وتضمنت الجلسة نقاشاتٍ أجراها كل من السيدة عزيزة شعت، المستشار الاقتصادي والتجاري في السفارة الهولندية في مصر، والدكتور بالافي كيشور، رئيس قسم المحاسبة والتمويل في جامعة ميدلسكس دبي، سلطا خلالها الضوء على حقيقة أن البلدان التي تتمتع باقتصادات قوية تمثل قوة جذبٍ لتدفقات الاستثمار الأجنبي المباشر.
كما أشار الدكتور كيشور إلى أنه على الرغم من الانخفاض الذي شهده الاستثمار الأجنبي المباشر عام 2020 في أعقاب جائحة كوفيد-19، فإنّ الأسواق الناشئة في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، لا سيما في دولة الإمارات والمملكة العربية السعودية وقطر، ما زالت تواصل استقطاب الاستثمارات الأجنبية. من جانبها، أشارت السيدة عزيزة شعت إلى التحديات التي تواجه الاستثمار الأجنبي المباشر في منطقة الشرق الأوسط وأفريقيا، كصعوبة ممارسة الأعمال التجارية والعقبات البيروقراطية، وبالرغم من هذه التحديات، فقد أعرب المشاركون عن تفاؤلهم بشأن مستقبل الاستثمار الأجنبي المباشر في هذه المنطقة.
وتناولت الجلسة التي حملت عنوان “الاستفادة من الاستثمار الأجنبي المباشر للتخفيف من آثار التغير المناخي” أهمية الاستثمارات المستدامة في البلدان النامية. وتضمنت الجلسة مشاركة متحدثين بارزين، كالسيدة ماريانا بولبوك، الرئيس التنفيذي لمجموعة بيزموسيس، والسيد مروان العجلة، مدير إدارة ترويج ودعم الاستثمار لمكتب استثمر في الشارقة، والسيد بول هولثوس، الرئيس المؤسس للمجلس العالمي للمحيطات، والسيد زكريا فرحات، مدير التعاون الدولي في وزارة الاستثمار والالتقائية وتقييم السياسات العمومية في المغرب، والذين سلطوا الضوء على دور الاستثمار الأجنبي المباشر في دعم الأهداف المناخية في البلدان النامية.
وناقش مروان العجلة استراتيجية الشارقة التي تتماشى مع الأجندة الوطنية لدولة الإمارات، والتي تركز على الاستدامة والصناعة المتقدمة. كما تطرق إلى الموقع الاستراتيجي الذي تتمتع به إمارة الشارقة ونجاحها في استقطاب الاستثمار الأجنبي المباشر، مما أدى إلى خلق العديد من فرص العمل. بدورها، أشادت السيدة ماريانا بولبوك بدور النموذج المتبع في دولة الإمارات والمتمثل بالتعاون بين القطاعين العام والخاص في استقطاب الاستثمار الأجنبي المباشر.
منتدى الحوار الإقليمي
وشهد أيضاً المنتدى انعقاد جلسة بعنوان “السياسة الاقتصادية الدولية الكورية تجاه الشرق الأوسط”، والتي قدمها المعهد الكوري للسياسات الاقتصادية الدولية (KIEP) وأدارها السيد مونسو كانغ، دكتور حاصل على درجة الزمالة في المعهد الكوري للسياسات الاقتصادية الدولية، والذي بيّن خلالها الهدف الأساسي للمعهد، وهو المساهمة في السياسات الاقتصادية الدولية الفعالة لكوريا الجنوبية. وتجدر الإشارة هنا إلى أن المعهد الكوري للسياسات الاقتصادية الدولية لعب دوراً حاسماً في تشكيل وتنفيذ الاستراتيجيات الاقتصادية الدولية لكوريا الجنوبية.
وسلط النقاش الدائر خلال الجلسة الضوء على الانعكاسات الكبيرة للتوجهات العالمية، كالمنافسة المتصاعدة بين الولايات المتحدة والصين، والحمائية الاقتصادية، والتحول الرقمي، والصراعات الإقليمية على تشكيل توجهات السياسة التجارية متوسطة وطويلة الأمد للمعهد الكوري للسياسات الاقتصادية الدولية. وفي خضم هذه التوجّهات، تكتسب التحالفات الناشئة بين الدول متوسطة القوة في المناطق الجنوبية من العالم أهمية كبيرة. كما تناولت الجلسة سبل تعزيز جسور التجارة بين كوريا والشرق الأوسط.
وفيما يتعلق بالتعاون المستقبلي، أكدت النقاشات الدائرة خلال الجلسة على أهمية تسريع عملية التحول إلى مصادر طاقة متجددة باعتبارها ضرورةً جوهرية لحقبة ما بعد النفط، لا سيما مع ظهور سلاسل توريد الهيدروجين وجمع الكربون وتخزينه والغاز الطبيعي المسال كمجالات رئيسية في قطاع الطاقة. وتهدف اتفاقية التجارة الحرة بين كوريا ودول مجلس التعاون الخليجي إلى فتح سوق الخدمات بين الطرفين، مما يسهم في تعزيز التنويع الاقتصادي. كما تضمنت الجلسة اقتراحاً بالتعاون في قطاعات وسائل الدفع الرقمية والذكاء الاصطناعي والروبوتات والمصانع الذكية والترفيه والألعاب الرقمية كمجالات للتركيز في المستقبل.
ثم تلتها جلسة نقاشية بعنوان “إطلاق إمكانات آسيا: تنسيق الاستدامة وتطوير التكنولوجيا من أجل التنمية الاقتصادية”، التي شارك فيها نخبة بارزة من المتحدثين ضمت كلاً من رينوكا إم ويراكوني، المدير العام لمجلس الاستثمار في سريلانكا، والسيدة إيفاريست كاغاتان، المديرة التنفيذية ومستشارة ترويج الاستثمار في مجلس الاستثمارات الفلبينية، والسيد ويرات تاسارينج كاناساكول، نائب الأمين العام لمجلس الاستثمار في تايلاند، والسيد في إنخباتار، المدير العام مستشار المدير العام لوكالة الاستثمار والتجارة التابعة لسفارة منغوليا، والسيد ريموند سيفا، رئيس الاستثمار الرقمي لمؤسسة الاقتصاد الرقمي الماليزية.
وخلال الجلسة، شدد جوناثان وونغ، رئيس قسم الابتكار والمشاريع والاستثمار في فرع التجارة والاستثمار والابتكار في اللجنة الاقتصادية والاجتماعية لآسيا والمحيط الهادئ التابعة للأمم المتحدة، على أهمية معالجة فجوة الاستثمار في أهداف التنمية المستدامة، وسلط الضوء على جاذبية آسيا والمحيط الهادئ للاستثمار بسبب اقتصاداتها المرنة وفرصها الوفيرة.
وتناولت الجلسة مواضيع مختلفة بما في ذلك تحديد المواقع الفعالة في دول آسيا والمحيط الهادئ كوجهات جذابة لاستثمارات التنمية المستدامة، والرسائل المقنعة للمستثمرين، والتحديات التي تواجه جذب الاستثمارات المستدامة، وتعزيز بيئة مواتية للاستثمار الأجنبي المباشر المستدام، وتعزيز التعاون الإقليمي.
وأكدت السيدة ويراكوني التزام سريلانكا بتوليد الطاقة المتجددة وتركيزها على تطوير البنية التحتية وتعزيز المساواة بين الجنسين، فيما أشارت السيدة كاغاتان إلى طموحات وتطلعات الفلبين لتصبح مركزاً للتصنيع المستدام في جنوب شرق آسيا، مؤكدة على أهمية الاستثمار في مصادر الطاقة المتجددة ومعالجة المعادن الحرجة.
ومن جانبه، أكد السيد تاسارينج كاناساكول على التعاون الوثيق بين القطاعين العام والخاص في تايلاند وذلك في إطار سعي الدولة إلى التحول إلى الطاقة المتجددة والنظيفة، فيما سلط السيد إنخباتار الضوء على الموارد الطبيعية الغنية في منغوليا، مشيراً إلى اللوائح التنظيمية والقوانين الصديقة للمستثمرين، وأشار السيد ريموند سيفا إلى استراتيجيات التحول الرقمي التي تبنتها ماليزيا وانتقالها إلى الاقتصاد الرقمي وتركيزها على إمكانية الوصول إلى المواهب واستدامتها.
وعقدت جلسة نقاشية أخرى بعنوان “تمكين مستقبل أوروبا: محرك استثماري استراتيجي للنمو والقدرة التنافسية” في إطار منتدى الحوار الإقليمي الأوروبي، أكدت خلالها السيدة لوسي بيرجر، سفيرة الاتحاد الأوروبي لدى دولة الإمارات العربية المتحدة، على أهمية الاستفادة من الأزمات في بناء القدرة على الصمود وبناء وتعزيز القدرة التنافسية. كما شارك في هذه الجلسة البروفيسور هنريك فون شيل، مؤسس الثورة الصناعية الرابعة، وليون ديلفو، القائم بأعمال المديرية العامة للتجارة والمفوضية الأوروبية، اللذان أكدا على الدور الهام للاتحاد الأوروبي كلاعب استثماري عالمي وسلطا الضوء على الفرص الهائلة للاستثمار، حيث يبلغ إجمالي الاستثمار الأجنبي المباشر في الاتحاد الأوروبي 8 تريليونات دولار.
وهدفت الجلسة إلى تسخير المهارات والخبرات والموارد داخل أوروبا لتعزيز الفرص العابرة للحدود ومعالجة التحديات الاقتصادية من أجل بناء مستقبل مستدام، والتركيز على مبادرات السياسات وبناء القدرة على الصمود والتعاون العالمي.
وشهدت الجلسة مشاركة أليكسيس روستان، العضو المنتدب لمجموعة إيفل للاستثمار، التي أكدت تركيز مجموعتها على استراتيجيات الاستثمار المستدام والتوسع العالمي، فيما سلط السيد جان ماري فرانتيز، المدير التنفيذي لمكتب لوكسمبورغ للتجارة والاستثمار، الضوء على جاذبية لوكسمبورغ للاستثمار الأجنبي المباشر وريادتها في مجال التمويل الأخضر.
وتحدث الدكتور جوزيف جيرادا، المنظم في مكتب الشركات العائلية – مالطا، عن دعم مالطا للشركات العائلية وتخطيط التعاقب الوظيفي، وأشار السيد لوكا لازارولي، المدير العام لإدارة المحافظ ومراقبتها في بنك الاستثمار الأوروبي، إلى دور البنك في تمويل مشاريع تكنولوجيا المناخ عبر المناطق. كما شارك في الجلسة السيد يوهانس برونر، مستشار تجاري في السفارة النمساوية لدى دولة الإمارات العربية المتحدة، والسيد ماريوس تانوسيس، الرئيس التنفيذي لـ”استثمر في قبرص”، حيث نوها إلى العلاقات التجارية الهامة بين الاتحاد الأوروبي ودول مجلس التعاون الخليجي، وأكد تانوسيس على تركيز قبرص على الشركات الناشئة في مجال التكنولوجيا، والبحث والتطوير، والتعاون من أجل التنمية الاقتصادية في السوق الأوروبية.
محور عروض وجهات الاستثمار للدول
وشملت فعاليات اليوم الثاني لقمة الاستثمار، تنظيم منتدى الوجهة الاستثمارية في عمان، الذي تضمن جلسة بعنوان “عروض الدولة والشركات” التي أدارها عمر الحارثي، تنفيذي أول تطوير الأعمال في “استثمر في عُمان”، حيث قدم المتحدثون رؤى قيمة حول فرص الاستثمار في سلطنة عمان، وتضمنت عروضاً تقديمية من “استثمر في عُمان” ومجموعة أسياد، المزود العالمي للخدمات اللوجستية المتكاملة في سلطنة عُمان.
وسلط الحارثي الضوء على الدور المحوري الذي تلعبه منصة “استثمر في عُمان” في التحول الاقتصادي في سلطنة عمان عبر قطاعات مثل الخدمات اللوجستية والأمن الغذائي والسياحة والتعدين والتصنيع، حيث تعمل المنصة على تشجيع الاستثمار في قطاعات جديدة مثل إنتاج الأسمنت الأخضر والسياحة الفاخرة البوتيك في ظل القوانين والتشريعات الجاذبة للاستثمار في سلطنة عمان والتي تقدم حوافز للراغبين في الاستثمار فيها مثل الملكية الأجنبية بنسبة تصل إلى 100% المائة والإعفاءات الضريبية، مما جعلها وجهة جذابة للمستثمرين الذين يبحثون عن مشاريع مستدامة.
ومن الجدير بالذكر أن سلطنة عمان قامت بإصدار وتحديث عدد من القوانين واللوائح الخاصة بالاستثمار لتهيئة البيئة المناسبة لبدء الأعمال التجارية والتحول الرقمي في جميع الخدمات المقدمة للمستثمرين وتقديم حوافز ومميزات للراغبين في الاستثمار، ويأتي ذلك ضمن خطاها الثابتة والطموحة لتحقيق رؤيتها المستقبلية عُمان 2040.
ولفت السيد ياسين البوسعيدي، مدير تطوير الأعمال في مجموعة أسياد، إلى تركيز المجموعة على تعزيز الأنشطة التجارية من خلال تبسيط عمليات الاستيراد والتصدير. وتهدف المجموعة إلى أن تصبح مركزاً رائداً في قطاع الخدمات اللوجستية، والاستفادة من البنية التحتية القوية في عمان، بما في ذلك الموانئ والطرق. وسلط العرض التقديمي الضوء على مشروع حفيت للقطارات، وهو مبادرة مهمة تربط ميناء صحار العماني بشبكة السكك الحديدية في دولة الإمارات العربية المتحدة، مما يعزز التكامل الإقليمي والنمو الاقتصادي.