تُعرف مدينة جنيف بأهميتها الدبلوماسية وجمالها المبهر وأسلوب الحياة الأوروبي الرائع فيها، كما تتمتّع بثقافة غنية تلتقي فيها الإبداعات التاريخية والعصرية معاً. يتجلى هذا المزيج الفريد واضحاً عبر المتاحف والفعاليات الفنية والمعالم الهندسية المعمارية التي تضمّها، إذ يتألّق كلّ منها بمزايا أخّاذة توفّر لمحة عن الماضي أو تعكس ملامح الحاضر.
يُعتبر متحف الفن والتاريخ من أكبر متاحف جنيف ويُعدّ شاهداً على إرثها الغني، إذ يعرض أكثر من 650 عملاً فنياً في مجالات علم الآثار والفنون التطبيقية والفنون الجميلة. من جهته، يتمركز المتحف الدولي للإصلاح في مبنى ميزون ماليه الأنيق العائد إلى القرن الثامن عشر، حيث يلقي الضوء على أهمية الحركة الإصلاحية ويتعمّق في تأثيرها من خلال القطع الأثرية والمخطوطات والرسومات. فيما يفسح متحف الفن الحديث والمعاصر الفرصة أمام عشّاق الفن لاستكشاف الابتكارات العصرية، إذ يضمّ أكثر من 450 عملاً فنياً يحيي الإبداعات الفنية السويسرية والعالمية منذ افتتاحه عام 1994. أمّا متحف باتيك فيليب فيستكمل هذه التجارب الفنية في حي بلانباليه، حيث يجسّد إبداعات المدينة في عالم صناعة الساعات، مستعرضاً مجموعة خلّابة من الساعات والصناديق الموسيقية واللوحات المصغّرة المطليّة بالمينا، المصممة بين القرنَين السادس عشر والتاسع عشر.
لا تقتصر المعالم الثقافية في جنيف على المتاحف، بل تستضيف المدينة فعاليات على مدار العام لتلبّي مختلف الأذواق الفنية. وتُعتبر لي نوي دي بان من أبرز الفعاليات الثقافية فيها، إذ يتمّ تنظيمها لثلاث مرّات في العام، في قلب حيّ بان حيث تفتح المعارض والمؤسسات الثقافية أبوابها أمام الحضور مجاناً. وبالتالي، تصبح المدينة حافلة بالمعارض الفردية والجماعية والجلسات الحوارية، لتسليط الضوء على الإبداع والحيوية المسيطرَين على المشهد الفنّي فيها. كذلك، تولي جنيف اهتماماً كبيراً بالفنون التطبيقية، إذ يُشكّل مسرح جنيف الكبير الوجهة الفنيّة الأكبر في القسم المتحدّث باللغة الفرنسية من البلاد، ويقدّم تجربة استثنائية على خشبته. كما يشمل مبنى مصمّماً على طراز الإمبراطورية الثانية الفرنسية تم ترميمه بلمسات من الفنون الجميلة، فيمثّل معلماً ثقافياً وهندسياً معمارياً آسراً يستضيف عدداً من عروض الأوبرا والرقص والحفلات الموسيقية والعروض الغنائية. ويوازيه تميزاً مركز كوميديا جنيف الذي يقدّم المسرحيات التقليدية، بالإضافة إلى ورش عملٍ تفاعلية وبرامج مبتكرة، ليوفّر وجهة مزدهرة للابتكار.
بالإضافة إلى هذه الوجهات الثقافية الكبرى، ينعكس رونق جنيف في مواقعها الأقل ضخامةً أيضاً. تتمركز سينما غروتلي في منطقة ثقافية عريقة بجوار المسرح الكبير وقاعة فيكتوريا هول، حيث تعرض الأفلام الفنية الرائعة وتعرّف العالم على المخرجين الصاعدين فتلبّي تطلّعات عشّاق السينما. من جهته، خضع مسرح كاروج التاريخي لترميمات ملحوظة، وبات الآن يقدّم لضيوفه تجربة فنية فريدة في مبنى مصمّماً بعناية، تظهر عليه ملامح الإبداع والمهارة الحرفية.