شهد فخامة قاسم جومارت توكاييف رئيس جمهورية كازاخستان، وسمو الشيخ خالد بن محمد بن زايد آل نهيان ولي عهد أبوظبي رئيس المجلس التنفيذي لإمارة أبوظبي، جانباً من فعاليات منتدى الأعمال الإماراتي الكازاخي الذي عقد في العاصمة أستانا، وذلك على هامش الزيارة الرسمية التي قام بها ولي عهد أبوظبي إلى كازاخستان على رأس وفد إماراتي رفيع المستوى.

وركزت فعاليات المنتدى، الذي احتضنه مركز أستانا المالي العالمي، على الارتقاء بآفاق التعاون بين الدولتين الصديقتين في القطاعات ذات الاهتمام المشترك، ومنها سبل الاستفادة من التكنولوجيا المتقدمة لإحداث تحولات نوعية في قطاعي الصناعة والأعمال بما ينعكس إيجابياً على المجتمعات. كما تطرقت الجلسات إلى استراتيجيات النمو وسبل توفير التمويل للفرص الجديدة. ناقش المنتدى أيضاً ريادة مستقبل التنمية الحضرية وأبرز اتجاهاتها وتحدياتها العالمية. وناقش المنتدى آليات تعزيز الشراكات بين مجتمعي الأعمال في الإمارات وكازاخستان مع التركيز على تحفيز التحول في مجال الطاقة وحلول الطاقة المستدامة وتطوير البنية التحتية.
وفي كلمته الافتتاحية لمنتدى الأعمال الإماراتي الكازاخي، أكد معالي الدكتور ثاني بن أحمد الزيودي وزير دولة للتجارة الخارجية أن هناك آفاقاً واعدة للارتقاء بعلاقات الصداقة بين الإمارات وكازاخستان إلى آفاق جديدة تترجم الإرادة المشتركة لقيادتي الدولتين، وتدعم الطموحات التنموية للجانبين، مع التركيز على اقتصاد المستقبل القائم على المعرفة والابتكار.
وقال الزيودي إن العلاقات التجارية والاستثمارية بين الإمارات وكازاخستان تشهد قفزات نوعية قياسية بفضل الإرادة المشتركة لقيادتي الدولتين الصديقتين للارتقاء بآفاق التعاون إلى مستويات جديدة من الشراكة الاستراتيجية.
وأشار معاليه إلى أن التجارة البينية غير النفطية تجاوزت 5.63 مليار دولار في 2024، بعدما قفزت 47% مقارنة مع عام 2023.
وأوضح الزيودي أن كازاخستان حلت في المرتبة الثالثة ضمن أكبر الشركاء التجاريين لدولة الإمارات في الاتحاد الاقتصادي الأوراسي، وذلك بعد روسيا وأرمينيا. كما أن الإمارات هي الشريك التجاري الأكبر عربياً لكازاخستان بحصة بلغت 31% من إجمالي تجارتها السلعية مع الدول العربية في عام 2024.
وأضاف معالي ثاني الزيودي أن دولة الإمارات تعد ثامن أكبر مستثمر عالمي في كازاخستان بإجمالي بلغ 6.7 مليار دولار في نهاية 2024. وتتنوع الاستثمارات الإماراتية في كازاخستان لتشمل قطاعات التجارة والتمويل والتأمين والنقل وغيرها.
وبدوره، أكد معالي أرمان شاكالييف وزير التجارة والتكامل في جمهورية كازاخستان حرص بلاده على تعزيز التعاون وبناء الشراكات وزيادة تدفقات التجارة الثنائية مع دولة الإمارات.
وقال: “هذا مستهدف واضح نسعى جاهدين لتحقيقه من خلال تنويع الصادرات وتوسيع التعاون. تتمتع كازاخستان بإمكانيات تصديرية هائلة. ففي قطاع الصناعات الزراعية وحده، تتجاوز الزيادة المتوقعة 96 مليون دولار لمنتجات مثل الزيوت النباتية، ولحوم الضأن، والأعلاف الحيوانية، والقمح. كما يتمتع قطاع المعادن بالقدرة على توليد أكثر من 250 مليون دولار من الصادرات الإضافية. وهناك أيضًا فرص كبيرة في الصناعات الكيميائية، وخصوصاً في قطاع البولي بروبلين، مع زيادة محتملة تبلغ 19 مليون دولار، وفي قطاع الهندسة الميكانيكية، من المتوقع أن ترتفع الصادرات بأكثر من 30 مليون دولار. كما توجد إمكانات إضافية في تصدير الأسمدة المعدنية، بالإضافة إلى صادرات الخدمات المتعلقة بقطاع البترول وخدمات البناء، وقطاع تكنولوجيا المعلومات.”
وضمن أعمال المنتدى المشترك، نُظمت طاولة مستديرة ترأسها معالي أحمد جاسم الزعابي رئيس مجلس إدارة غرفة تجارة وصناعة أبوظبي، وأكد معاليه أن مسيرة تعزيز الشراكة الاقتصادية بين أبوظبي وجمهورية كازاخستان، بُنيت على أرضية متينة من الثقة والطموح، والعمل المشترك من أجل تعزيز التبادل التجاري والاستثمارات في مختلف القطاعات الحيوية.
وقال معالي الزعابي : “شهد منتدى الأعمال الإماراتي الكازاخي توقيع اتفاقيات لتطوير الشراكة الاقتصادية بين دولة الإمارات وجمهورية كازاخستان، ما يفتح آفاقاً جديدة للنمو والتنويع الاقتصادي، ويتيح فرصاً تؤكد إمكاناتنا وما يمكننا تحقيقه معًا، لاسيما في قطاعات اقتصاد المستقبل. وستُسهم مشاريعنا الرائدة في تسريع التحول الاقتصادي مع توفير فرص العمل، وتعزيز الإنتاجية، والمساهمة في تحقيق أولوياتنا التنموية، ودفع الاستثمارات المشتركة لتحقيق قيمة مضافة”.
ودعا معالي الزعابي الشركاء من القادة والمسؤولين وأصحاب الأعمال والقطاع الخاص في كازاخستان للمشاركة في فعاليات رئيسية في أبوظبي مثل أسبوع أبوظبي المالي، ومعرض ومؤتمر أبوظبي الدولي للبترول (أديبك)، وأسبوع أبوظبي للأعمال، مؤكداً بأنها توفر منصات رائدة حيث يلتقي قادة القطاعات، وتتشكل الأفكار، وتتطور الشراكات بما يحقق التنمية الاقتصادية الشاملة والمستدامة”.
وتميزت جلسات المنتدى الإماراتي الكازاخي بالتنوع، إذ ناقشت جلسة “الحدود الرقمية: تسخير التكنولوجيا لتحويل الصناعات والمجتمعات”، الآفاق الواعدة للابتكار التكنولوجي ومساهمته في توفير فرص جديدة في القطاعات الحيوية مثل الأمن الغذائي والرعاية الصحية والاتصالات السلكية واللاسلكية وغيرها. وخلال الجلسة تبادل المشاركون من القطاعات ذات الصلة الرؤى والأفكار حول كيفية الاستفادة من التكنولوجيا لدفع القدرة التنافسية والابتكار والتنمية المستدامة في هذه القطاعات الحيوية. كما ناقشوا سبل تعزيز التعاون الثنائي عبر القطاعات ذات الاهتمام المشترك بما يضمن أن يعود التحول الرقمي بالنفع على الشركات والحكومات والمجتمعات أيضاً.
وركزت جلسة “إعادة تعريف استراتيجيات النمو: استكشاف الفرص الجديدة في قطاع التمويل”، على آفاق وتحديات قطاع التمويل الذي يقف حالياً على مفترق طرق في ما يخص الابتكار والتنظيم، مع ظهور التقنيات الجديدة ونماذج الاستثمار والمعايير العالمية، بما يتوجب معه على الشركات إعادة التفكير في آليات عملها وخطط نموها. وتطرقت النقاشات خلال الجلسة إلى الموجة التالية من التحول المالي، وكيفية الاستفادة من التحديات المتعلقة بالتعقيدات التنظيمية إلى ميزات استراتيجية تعود بالنفع على القطاع.
وتطرقت جلسة “ريادة مستقبل التنمية الحضرية: الاتجاهات والتحديات العالمية الناشئة” إلى ما يشهده قطاعا العقارات والبناء من تحولات جوهرية مدفوعة بالابتكار والاستدامة والتقدم التكنولوجي. وناقش المشاركون في الجلسة أبرز الفرص الرئيسية التي تشكل مستقبل التنمية الحضرية.
وفي جلسة “تعزيز الشراكات: دفع التحول في مجال الطاقة” تبادل المشاركون من الجانبين الرؤى والأفكار حول سبل تعزيز التعاون بين الشركات والحكومات والمبتكرين معا لتطوير حلول الطاقة المتجددة وتحسين كفاءة الطاقة، سواء كانت الشمسية أو طاقة الرياح، أو طاقة الهيدروجين والشبكات الذكية وغيرها. وركزت الجلسة على الشراكات البناءة التي من شأنها تسريع هذا التحول لبناء مشهد طاقة أكثر اخضرارا ومرونة.
كما شهد المنتدى توقيع 22 اتفاقية ومذكرة تفاهم بقيمة 5 مليارات دولار بين الجانبين، في العديد من المجالات منها الخدمات المالية، المناطق الاقتصادية الخاصة، الزراعة، التعليم، التعدين، الطاقة، السياحة والطيران.
وشهد المنتدى، الذي شارك فيه مجموعة من الوزراء وكبار المسؤولين وقادة الأعمال من الدولتين الصديقتين، انعقاد عدد من الاجتماعات الثنائية بين ممثلي كبرى الشركات والقطاع الخاص من الجانبين، لبحث إطلاق شراكات تجارية واستثمارية جديدة.