ارتفعت أسعار الذهب بالأسواق المحلية والعالمية خلال تعاملات اليوم السبت، رغم العطلة الأسبوعية للبورصة العالمية، وذلك بعد أن سجلت الأوقية ارتفاعًا أسبوعيًا بنسبة 3.4%، لتُحقق بذلك ثامن مكاسبها الأسبوعية المتتالية، وسط زخم استثماري قوي وتزايد الرهانات على استمرار دورة خفض أسعار الفائدة الأمريكية خلال الفترة المقبلة، بحسب تقرير صادر عن منصة «آي صاغة» المتخصصة في تداول الذهب والمجوهرات.
وقال سعيد إمبابي، المدير التنفيذي للمنصة، إن أسعار الذهب بالسوق المحلية تراجعت بنحو 45 جنيهًا خلال تعاملات اليوم مقارنة بنهاية تعاملات أمس، ليسجل جرام الذهب عيار 21 نحو 5400 جنيه، في حين ارتفعت الأوقية في البورصة العالمية بنحو 131 دولارًا خلال تعاملات الأسبوع، لتُنهي الأسعار عند 4017 دولارًا بعد أن لامست أعلى مستوى في تاريخها عند 4060 دولارًا يوم التاسع من أكتوبر الجاري.
وأشار إمبابي إلى أن عيار 24 سجل نحو 6171 جنيهًا، وعيار 18 بلغ 4629 جنيهًا، وعيار 14 وصل إلى 3600 جنيه، بينما استقر سعر الجنيه الذهب عند 43,200 جنيه.
وأضاف أن أسعار الذهب كانت قد ارتفعت أمس الجمعة بنحو 35 جنيهًا، حيث افتتح عيار 21 التعاملات عند 5320 جنيهًا وأغلق عند 5355 جنيهًا، بينما صعدت الأوقية من 3972 إلى 4017 دولارًا، لتسجل ارتفاعًا بنحو 45 دولارًا.
استمرار الزخم الصعودي عالمياً
واصل الذهب رحلته الصعودية القياسية خلال تعاملات الأسبوع الجاري، متجاوزًا مستوى 4000 دولار للأوقية لأول مرة في تاريخه، بعد أن لامس أعلى مستوياته عند 4060 دولارًا، ليحقق بذلك ثامن مكاسبه الأسبوعية المتتالية، وسط طلب استثماري قوي ورهانات متزايدة على خفض الفائدة الأمريكية خلال الأشهر المقبلة.
وشهدت الأسعار تراجعًا مؤقتًا بنهاية الأسبوع، إذ هبطت إلى 3950 دولارًا للأوقية في أكبر تصحيح أسبوعي منذ بداية موجة الصعود، قبل أن تعاود الارتفاع مجددًا وتُغلق فوق مستوى 4000 دولار مع نهاية تداولات الجمعة، في إشارة واضحة إلى استمرار سيطرة الطلب والمضاربين الصاعدين على السوق.
وارتفع الذهب بعد موجة جني أرباح حادة تزامنت مع اتفاق الهدنة في غزة، لكنه سرعان ما استأنف الصعود بدعم من تصاعد الحرب التجارية بين الولايات المتحدة والصين، واستمرار الإغلاق الحكومي الأمريكي، إلى جانب توقعات الأسواق بمزيد من التيسير النقدي من الاحتياطي الفيدرالي، ما عزز الطلب على المعدن الأصفر كملاذ آمن.
العوامل الجيوسياسية تدفع الذهب نحو مزيد من الارتفاع
ارتفعت أسعار الذهب بفضل تصاعد تهديدات الرسوم الجمركية الأمريكية وإطالة أمد الجمود السياسي في واشنطن، وهو ما أعاد إشعال موجة العزوف عن المخاطرة في الأسواق العالمية.
وأصبح الحذر سمةً رئيسيةً بين المستثمرين بعد أن حذّر الرئيس الأمريكي دونالد ترامب من فرض رسوم جمركية جديدة محتملة على الصين، وردّت الأخيرة بتهديد فرض ضوابط على تصدير المعادن النادرة، بينما أعلن ترامب أنه “لا يرى سببًا” للقاء الرئيس الصيني شي جين بينغ في كوريا الجنوبية كما كان مقررًا بعد أسبوعين.
وفي الداخل الأمريكي، يستمر الإغلاق الحكومي لليوم العاشر على التوالي دون أي مؤشرات لحل قريب، ما يضغط على ثقة المستثمرين ويزيد الطلب على الأصول الآمنة.
أما على صعيد البيانات الاقتصادية، فكشفت جامعة ميشيجان أن ثقة المستهلك الأمريكي استقرت خلال أكتوبر، رغم الإغلاق الجزئي للحكومة، بينما من المقرر أن يُصدر مكتب إحصاءات العمل الأمريكي (BLS) بيانات مؤشر أسعار المستهلك (CPI) لشهر سبتمبر يوم الجمعة المقبل، وهو مؤشر يُراقبه المستثمرون عن كثب لتقييم اتجاه التضخم والسياسة النقدية القادمة.
اضطرابات سياسية أوروبية وآسيوية تدعم الملاذات الآمنة
تلعب العوامل الجيوسياسية دورًا إضافيًا في دعم أسعار الذهب، إذ تزيد الاضطرابات السياسية في فرنسا واليابان من جاذبية السبائك.
ففي فرنسا، أفادت وكالة رويترز أن الرئيس إيمانويل ماكرون لن يُعيّن رئيس وزراء يساريًا رغم الضغوط السياسية، ما أثار غضب قادة المعارضة ودفع بعضهم للمطالبة بانتخابات تشريعية مبكرة أو بتنحيه.
أما في اليابان، فتسود حالة من عدم اليقين حول انتخاب ساناي تاكايتشي كأول رئيسة وزراء في البلاد، بعد انهيار التحالف التاريخي بين الحزب الليبرالي الديمقراطي وحزب كوميتو إثر فضيحة تمويل سياسي هزّت الحكومة لأكثر من عامين. ومن المتوقع إجراء الانتخابات البرلمانية في النصف الثاني من أكتوبر الجاري.
مؤشرات السوق الأمريكية
ارتفاع قيمة الدولار الأمريكي بشكل حاد في جميع المجالات. انخفض مؤشر الدولار الأمريكي، الذي يتتبع أداء قيمة الدولار مقابل سلة من ست عملات، بنسبة 0.43% ليصل إلى 98.97.
وانخفض عائد سندات الخزانة الأمريكية لأجل 10 سنوات بمقدار تسع نقاط أساس ليصل إلى 4.048%، كما تراجعت العائدات الحقيقية الأمريكية – التي ترتبط عكسيًا بأسعار الذهب – بنحو تسع نقاط ونصف لتصل إلى 1.708%.
وقال ألبرتو موساليم، رئيس بنك الاحتياطي الفيدرالي في سانت لويس، إن أهداف الفيدرالي “تسير في مسار متوتر”، مشيرًا إلى أن التضخم ما زال مرتفعًا في ظل بوادر ضعف سوق العمل. وأضاف أن السياسة النقدية تتراوح حاليًا بين التقييدية والحيادية، بينما تبقى الظروف المالية العامة متساهلة نسبيًا.
توقعات مستقبلية قوية
حدَّث بنك جولدمان ساكس توقعاته لسعر الذهب لعام 2026 من 4300 إلى 4900 دولار للأوقية، مشيرًا إلى أن الزيادة المتوقعة ستعتمد على التدفقات القوية إلى صناديق الاستثمار المتداولة (ETFs) واستمرار مشتريات البنوك المركزية، مع الإشارة إلى أن مخاطر الاتجاه الصاعد ما تزال هي الغالبة.
وتُظهر بيانات الأسواق أن هناك احتمالًا بنسبة 94% لأن يُقدم الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي على خفض أسعار الفائدة بمقدار 25 نقطة أساس في اجتماعه المقبل في 29 أكتوبر الجاري، وفقًا لأداة Prime Market Terminal لتوقعات الفائدة.
تدفقات قياسية إلى صناديق الذهب
أظهر تقرير مجلس الذهب العالمي الشهري أن صناديق الاستثمار المتداولة المدعومة بالذهب سجلت تدفقات قياسية خلال الربع الثالث من العام، حيث استحوذ شهر سبتمبر وحده على أكثر من 60% من إجمالي النشاط خلال هذه الفترة.
وبحسب التقرير، تدفقت 145.6 طنًا من الذهب إلى صناديق الاستثمار المتداولة حول العالم الشهر الماضي، بقيمة تجاوزت 17.3 مليار دولار، بينما زادت الحيازات الإجمالية خلال الربع الثالث بمقدار 221.7 طنًا تعادل نحو 26 مليار دولار.
وأشار المجلس إلى أن الارتفاع الحاد في الأسعار دفع قيمة الأصول المدارة (AUM) إلى مستويات قياسية تاريخية، في حين ما زالت الحيازات المادية أقل من ذروتها السابقة المسجلة في نوفمبر 2020 بنسبة تقل عن 2%.
وفي تقرير منفصل، حذّر المجلس من أن الطلب الاستثماري القوي، الذي رفع الأسعار إلى مستويات قياسية الشهر الماضي، قد دفع السوق إلى منطقة “تشبّع شرائي”، إلا أنه أكد أن العوامل الأساسية القوية ما تزال تدعم الأسعار حتى نهاية العام الجاري.