كشفت بيانات مركز «الملاذ الآمن للأبحاث» عن ارتفاع أسعار الفضة في الأسواق المحلية بنسبة 6% خلال تعاملات الأسبوع الماضي، بالتزامن مع صعودها عالميًا بنسبة 4.2% لتغلق عند أعلى مستوياتها منذ أغسطس 2011، مدفوعة بتراجع الدولار الأمريكي وتزايد الطلب الصناعي، مع توقعات بأن يتجه الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي إلى مزيد من خفض أسعار الفائدة خلال الفترة المقبلة.
وأوضح التقرير، ارتفاع جرام الفضة عيار 800 من 68 إلى 74 جنيهًا، بينما سجّل عيار 925 نحو 86 جنيهًا، وعيار 999 حوالي 93 جنيهًا، فيما استقر جنيه الفضة عيار 925 عند 664 جنيهًا.
ورصد المركز حالة من الارتباك في السوق المحلية، حيث أقدم بعض تجار الخام على رفع الأسعار دون مبرر، ما تسبب في نقص المعروض وتوقف بعض المصانع عن الإنتاج انتظارًا لمستويات سعرية أعلى.
وأوضح التقرير أن السوق «بدأ يدخل مرحلة خطيرة»، مع تحذير من احتمال حدوث قفزات غير منطقية إذا لم يتم التدخل لضبط الأسعار ومنع الممارسات الاحتكارية.
عالميًا، ارتفعت الأوقية من 48 إلى 50 دولارًا، لتسجل ثالث أعلى مستوى تاريخي منذ عامي 1980 و2011، مدفوعة بالإقبال المتزايد على الملاذات الآمنة وسط اضطرابات اقتصادية وجيوسياسية متزايدة.
وأشار التقرير إلى أن هذا المستوى يُعد الأعلى منذ محاولة الأخوين هنت احتكار السوق في ثمانينيات القرن الماضي، حين لامست الفضة مستوى 50 دولارًا لأول مرة.
حققت الفضة خلال شهر سبتمبر مكاسب لافتة بلغت 27% محليًا و20% عالميًا، لترتفع الأوقية من 40 إلى 48 دولارًا، والجرام من 52 إلى 66 جنيهًا.
ومنذ بداية عام 2025، ارتفعت الفضة بنسبة 81% محليًا و73% عالميًا، متفوقة على الذهب الذي ارتفع بنحو 50% فقط خلال الفترة نفسها.
عجز متواصل في المعروض وطلب قياسي
أظهر التقرير أن الطلب الصناعي على الفضة بلغ مستوىً قياسيًا بلغ 680.5 مليون أوقية في 2024، مدفوعًا بطفرة الطاقة الشمسية والمركبات الكهربائية، في حين سجل السوق عجزًا قدره 148.9 مليون أوقية للعام الرابع على التوالي.
ومن المتوقع استمرار هذا العجز في 2025، ليصل إلى 187.6 مليون أوقية، ما يُعد ثالث أكبر عجز تاريخي في سوق الفضة.
الفضة تتفوق على الذهب
قال التقرير إن الفضة أصبحت «نسخة عالية الحساسية من الذهب»، إذ تتحرك في الاتجاه ذاته ولكن بوتيرة أقوى، مستفيدة من الزخم الاستثماري والتوجه نحو الأصول الآمنة.
وتراجع معدل الذهب إلى الفضة إلى 81 نقطة، وهو الأدنى في عام، ما يعكس أداءً أقوى للمعدن الأبيض.
تحذيرات من ارتفاع مفرط
وحذّرت مؤسسة Metals Focus من أن الارتفاع السريع في الأسعار قد يدفع بعض القطاعات الصناعية إلى تقليص استهلاك الفضة، خاصة في تقنيات الطاقة الشمسية، رغم استمرار الطلب القوي على المدى الطويل.
لكن التقرير شدّد على أن العجز الهيكلي في السوق سيُبقي الأسعار مرتفعة نسبيًا خلال العامين المقبلين.
تحليل فني وتاريخي
أظهرت العقود الآجلة لشهر ديسمبر نمطًا انعكاسيًا هبوطيًا على المدى القصير بعد أن بلغت القمة 49.96 دولارًا للأوقية، وهو ما قد يشير إلى احتمال تصحيح سعري مؤقت، قبل أن يستأنف السوق اتجاهه الصاعد.
وتاريخيًا، بلغت الفضة ذروتها عند 50.36 دولارًا في 1980 و49.52 دولارًا في 2011، وها هي اليوم تتجاوز هذه المستويات للمرة الثالثة في تاريخها الممتد على مدى قرن.
توقعات مستقبلية
توقّع ساكسو بنك في مذكرة بحثية أن يواصل المعدن الأبيض صعوده نحو 100 دولار للأوقية بحلول 2026، بدعم من الطلب الصناعي القوي والتحول العالمي نحو الطاقة النظيفة.
وقال البنك: الفضة تُعد النسخة عالية بيتا من الذهب، تتحرك مثله ولكن بتأثيراتٍ أقوى، مما يجعل مكاسبها أكثر حدة في فترات الصعود.
ويرى محللون أن الفضة لم تعد رخيصة مقارنة بالذهب، وأن مستوى 50 دولارًا قد يشكّل حاجزًا نفسيًا قويًا، لكنه ليس بالضرورة سقفًا دائمًا، خاصة إذا واصل الذهب صعوده فوق 4000 دولار للأوقية.
تعيش الفضة مرحلة تاريخية جديدة، يجتمع فيها الطلب الصناعي القياسي، والعجز المستمر في المعروض، والتحوّل العالمي للطاقة النظيفة، وضعف الدولار الأمريكي.
وبينما تتجه الأنظار نحو الذهب كملاذ آمن، يبدو أن الفضة أصبحت اللاعب الأقوى في مشهد المعادن النفيسة لعام 2025، مع توقعات بمزيد من الصعود في حال استمرار السياسات النقدية التيسيرية والاضطرابات الاقتصادية العالمية.